حوار تنموي

نشر في 27-05-2015
آخر تحديث 27-05-2015 | 00:01
 د. ندى سليمان المطوع تعرف التنمية بأنها عملية اجتماعية واقتصادية وتربوية شاملة هادفة إلى تعميق البعد الإنساني وتنمية القدرات والمواهب، وبمناسبة الاحتفاليات المتعددة التي أقيمت أخيرا حول ذكرى تولي المرأة الكويتية المقاعد البرلمانية، نتجه بالفكر التنموي اليوم إلى العمل السياسي والانتخابي، ونحاول البحث عن آليات لتعزيز الثقة، والسبب بكل بساطة هو أن التنمية لا تشمل التغيرات التي يتعرض لها الهيكل الاقتصادي فقط إنما تشمل، طبقا لتعريفات متعددة ترددها الأمم المتحدة، العامل البشري والخاص بتطوير المفاهيم والحقوق والقدرات.

 والتنمية المقصودة هنا هي تلك التي تحتوي السياسة وعلم الاجتماع معاً، وهنا نتساءل من يتحمل مسؤولية رفع كفاءة الوعي السياسي والاجتماعي ودرجته لدى المجتمع؟ وما السبل التي من خلالها نستطيع أن نسعى إلى تطوير القوانين والتشريعات المنظمة للحياة السياسية والاجتماعية بشكل يحقق التنمية؟ وهل هناك سبل وتوصيات لزيادة قدرة الدولة على مجابهة التحديات؟

أسئلة كثيرة وفي الصميم تبحث عن إجابات، فمنذ التسعينيات ونحن نشهد بروز متغيرات جديدة أبرزها النوع الاجتماعي والقضايا المتعددة، كالمساواة في التعليم لدى بعض الدول والحقوق السياسية للمرأة الكويتية، فاتجهت منذ ذلك الحين الدراسات التنموية لتتناول موضوع المرأة والتنمية السياسية والاقتصادية، بل الاجتماعية أيضاً، إلى جانب المتغيرات الخاصة بالتنمية كسوق العمل والتعليم والعولمة والتجارة الحرة، وقد تابعنا آنذاك مسار الإصلاح السياسي الهيكلي إن صحت التسمية، كتعديل النظم الانتخابية، أي التعديلات الخاصة بعدد الدوائر والأصوات، وسط غياب البرامج التي تحفز تمكين المرأة من الوصول إلى المراكز القيادية والمقاعد الانتخابية. فهل نلقي اللوم على الدولة كراعية لبرنامج الحقوق عام 2005؟ أم نكون قد عززنا الاتكالية على الدور الحكومي؟ أم نلقي اللوم على جمعيات النفع العام؟ أم على المرأة كفرد؟

لا شك أن الفكر التنموي قد مر بمسار تاريخي شائك، وذلك بخضوعه للاتجاهات السياسية المختلفة، ورغم الاختلافات في وجهات النظر حول العملية التنموية في دولنا الساعية إلى النمو فإن المؤشرات مشتركة، وأبرزها تمكين المرأة من الحق السياسي والفرص الاقتصادية، بالإضافة إلى الإدارة السليمة والحوكمة والفرص التعليمية، حيث من الملاحظ أن بعض الدول قد نالت المرأة بها قسطاً عالياً من التعليم (والكويت تقع ضمن المقدمة)، مقابل دول تفشت فيها الأمية بين النساء، وتباين بها طبقا لذلك تمكين المرأة من العمل الاقتصادي.

لذا فاليوم، ونحن في ظل الثورة الاتصالية، أمامنا واقع جديد وهو اختزال الحدود الفاصلة بيننا وبين الدول الأخرى، لذا علينا الاستفادة مما يطرح من برامج تنمية إقليمية لتعزيز الثقافة السياسية ولتمكين المرأة من الوصول إلى عضوية المجالس المنتخبة، أو بخبرة الجمعيات النسائية والكفاءات البرلمانية من النساء والرجال معا نبادر لتصميم برامج تناسبنا، آخذين بعين الاعتبار السعي نحو المزيد من الحريات والتمثيل الصحيح.

وفي النهاية تبقى التحديات أمامنا في مواجهة القوالب النمطية التي تؤرقها مبادئ شراكة النساء في عملية اتخاذ القرار، فيرونها مشاركة في المناصب واقتسام المنفعة، وتؤرقهم أيضا فكرة مشاركة المرأة في تحمل المسؤولية ومساهمتها في الإنتاجية، إذاً نحن بحاجة إلى استراتيجية تنمية ثقافية لتعزيز مبادئ الشراكة والتمثيل البرلماني الصحيح.

كلمة أخيرة:

 فقدت الكويت رباناً للحياة السياسية، فقد أدار دفة الحياة السياسية وسط العواصف البرلمانية بجدارة، وتحمل من المتغيرات السياسية والتقلبات البرلمانية ما لم يتحمله أحد، رحم الله رئيس مجلس الأمة الأسبق جاسم الخرافي وأسكنه بإذنه فسيح جناته.

back to top