كيف ستنفق إيران مكاسبها من رفع العقوبات؟

نشر في 27-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 27-05-2015 | 00:01
No Image Caption
• ضغوط شعبية على الحكومة لتحسين الظروف المعيشية... وقطاع النفط يحتاج إلى ضخ أموال
• أنشطة الحرس الثوري لا تندرج في الميزانية... ودول الخليج قادرة على «الإنفاق المضاد»
توقعت وكالة «رويترز» أن يطالب الإيرانيون حكومتهم بإنفاق ما يتحقق لها من إيرادات إضافية، نتيجة لرفع العقوبات الاقتصادية بعد التوصل إلى اتفاق نووي شامل على تحسين مستوى المعيشة في البلاد، مضيفة أن هذا الأمر يحد من قدرتها على استغلال أي اتفاق نووي مستقبلي في تمويل حلفاء طهران في معارك الشرق الأوسط.

وكتبت الوكالة إنه منذ عام 2012 قدمت إيران دعماً بمليارات الدولارات لحلفائها في المنطقة، وموّلت في الأساس الشيعة، وسلحتهم في صراعات أخذت بعداً طائفياً. ويقول خصوم طهران، إن رفع العقوبات عليها سيتيح لها من الوسائل ما يمكنها من بذل المزيد في هذا المجال.

وقال دبلوماسيون ومحللون إن إيران ستتمكن في غضون شهور من رفع العقوبات المالية من تحصيل ديون من بنوك في الخارج، ربما تتجاوز 100 مليار دولار، أغلبها من مستوردي النفط الذين توقفت مدفوعاتهم بفعل العقوبات. غير أنه في ضوء الضغوط الشديدة على الميزانية من جراء انخفاض أسعار النفط في العام الماضي، والتوقعات الشعبية بتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حال التوصل إلى اتفاق نووي، فإن السلطات ستواجه ضغوطاً من أجل استثمار الأموال الجديدة في الداخل.

فكرة مبالغ فيها

وقال تشارلز هوليس العضو المنتدب للشرق الأوسط في إف.تي.آي للاستشارات «أعتقد أن فكرة أن إيران ستمتلئ جيوبها بسيولة مالية يمكنها استخدامها في أغراض سرية فكرة مبالغ فيها».

30 مليار دولار للنفط

وساءت حالت البنية التحتية في قطاع النفط الحيوي، بسبب نقص الصيانة والإصلاح خلال سنوات من سوء الإدارة والعزلة. وتقول وزارة النفط إن من الضروري ضخ مبالغ طائلة لإعادة الانتاج إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض العقوبات.

وقال منصور معظمي نائب وزير النفط في فبراير الماضي، إن «صناعة النفط تحتاج إلى استثمارات تبلغ 30 مليار دولار سنوياً، من أجل الحفاظ على مستوى الإنتاج وتطوير مشروعات جديدة».

ضغوط الطبقة المتوسطة  

كما ستواجه السلطة ضغوطاً من الطبقة المتوسطة كبيرة الحجم عالية الصوت في إيران، والتي شاركت مشاركة واسعة في انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013، على أمل أن يؤدي برنامجه الانتخابي القائم على تحسين الإدارة في الداخل ونهج دبلوماسي عملي في الخارج إلى تحسين أحوالها الاقتصادية. وقال غلام رضا بهران، الذي يعمل مدرسا في طهران «عليّ أن أعول أسرة من أربعة أفراد. لست أملك الوقت للتفكير في السياسة أو المسألة النووية. ما يحتاج إليه الناس من أمثالي هو تحسين الاقتصاد». وأضاف: «أملي أن يتحقق ذلك عندما ترفع العقوبات».

أنشطة إقليمية

ورغم ما واجهته إيران من مصاعب اقتصادية في ظل العقوبات، فقد عمدت إلى زيادة دعمها لحلفائها من أمثال الرئيس السوري بشار الأسد والفصائل المسلحة الشيعية في العراق وحزب الله اللبناني، فضلا عن الحوثيين في اليمن.

وتبدي السعودية وحلفاؤها انزعاجا من أنشطة إيران في المنطقة، ويصفون هذه الأنشطة بأنها عدوانية، وتعمل على زعزعة الاستقرار ويجادلون بأن رفع العقوبات قد يفتح الباب أمام المزيد من هذه التصرفات.

وقال ماثيو كرونيغ الباحث لدى «اتلانتيك كاونسيل»: «إذا حصلت إيران على تخفيف كبير للعقوبات فسيعني ذلك تدفق المزيد من المال على الخزائن الإيرانية، ودخل غير متوقع يمكن استخدامه في تعزيز نفوذها في المنطقة بدرجة أكبر».

19 مليار دولار للأسد

وكان التدخل الإيراني في سورية هو الأكثر تكلفة، وقد طلبت الحكومة السورية الأسبوع الماضي ائتماناً جديداً قيمته مليار دولار من طهران بعد شهور من الانتكاسات في ساحة القتال.

وقدر ايميل حكيم المحلل لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن إيران قدمت دعما تتراوح قيمته بين 15 و19 مليار دولار لسورية وحدها على مدى عامين حتى نهاية 2014.

وأضاف أن هذا الرقم يمثل كلفة إبقاء قادة الحرس الثوري في الميدان وشحنات محتملة من الأسلحة والذخائر، وتمويلات تتمثل في خطوط ائتمان وقروض ميسرة.

«الحرس» والميزانية

وقال ماثيو ليفيت الباحث بمعهد واشنطن والمسؤول السابق بوزارة الخزانة، إن دعم إيران لحلفائها في المنطقة لا يعتمد على توقيع الاتفاق النووي.

وأضاف «إيران لديها الكثير من المال الآن، ما يمكنها من تمويل مشروعات السياسة الخارجية تلك التي تعتبرها ذات أهمية أساسية، حتى إذا لم تكن كل الأموال لديها في الميزانية».

ويدير الحرس الثوري الإيراني الذي تكتنفه السرية أنشطة إيران شبه العسكرية، ويمولها خارج إطار الميزانية الحكومية، وهو ما يعني أنه لا توجد تقارير محددة عن حجم الأموال التي أنفقتها إيران أو ما تبقى منها.

ونشرت «رويترز» تقريراً في أواخر 2013 يفيد بأن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي يسيطر على مؤسسة قابضة تملك أصولا تبلغ قيمتها نحو 95 مليار دولار. وقد اعتاد الحرس الثوري على العمل في ظل العقوبات، ويعرف كيف يتابع أهدافه دون الاعتماد بدرجة كبيرة على احتياطيات إيران المحدودة من النقد الأجنبي.

أوباما وإدارته

ويقلل المسؤولون في الحكومة الأميركية من شأن هذه المخاوف. وكان الرئيس الأميركي أوباما قال في مقابلة مع مجلة «اتلانتيك» في الأسبوع الماضي، إن أكثر أنشطة الحرس الثوري فعالية في المنطقة لا تكلف كثيراً في الواقع، وإنه أوضح ذلك لقادة دول الخليج العربية في القمة التي عقدت أخيراً في «كامب ديفيد».

وقال دبلوماسي غربي إن قدراً كبيراً من دعم إيران لحلفائها العرب، بما في ذلك رواتب وكلاء الحرس الثوري، تدفع كلها بالريال. وتقدم مساعدات أخرى عينيا مثل الذخائر. كذلك فإن الاتفاقات التجارية يتم التفاوض عليها دون تبادل عملات صعبة.

من ناحيته، قال وزير الخزانة جاك ليو في أبريل الماضي، إن «إيران ستتعرض لضغوط هائلة لاستخدام الموارد التي كانت محتجزة من قبل في تحسين الاقتصاد المحلي».

الخليج

وأشار بيتر ويزمان خبير الإنفاق العسكري بمعهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي إلى أن إنفاق إيران يبلغ جزءا يسيرا من الموازنة العسكرية للسعودية التي تجاوزت 80 مليار دولار عام 2014. وأضاف أن قدرات الإنفاق لدى السعودية ودول الخليج العربية الأخرى ستحد على الأرجح من طموحات إيران بسبب خطر التصعيد.

(واشنطن ـ رويترز)

back to top