{الإسكندرية}... مدينة {مُضاءة} من 150 عاماً

نشر في 26-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 26-05-2015 | 00:01
• 300 صورة نادرة تحكي ذاكرتها الفوتوغرافية

في نحو 300 صورة نادرة، يعبر كتاب {ذاكرة الإسكندرية الفوتوغرافية} الصادر عن مكتبة الإسكندرية أخيراً للباحثين حسام عبد الباسط ومحمد السيد حمدي، عبر {آلة الزمان} الأسطورية، في مشاهدات نادرة تحكي تاريخ مدينة الإسكندرية أقدم المدن المصرية وأشهرها خلال قرنين من الزمان.
يعرض الكتاب قصة {الإسكندرية} من خلال الصور، لكنها ليست كأي صور، فهي تحكي ما لا يستطيع ألف عالم أن يأتي به، عن تاريخ واحدة من أعرق مدن مصر، لؤلؤة البحر المتوسط، وعاصمة المجد الإمبراطوري اليوناني القديم.
يقدم كتاب {ذاكرة الإسكندرية الفوتوغرافية} بالصور لمحة عن فترة مهمة من تاريخ هذه المدينة، في بداية نهضتها واستعادتها مجدها القديم الذي خفت فترة وجيزة من عمر الزمان، استمر لمدة ثلاثة قرون تحولت فيها الإسكندرية من عاصمة الدنيا إلى مجرد قرية صغيرة، اقتصر وجودها على منطقة الساحل عند الأنفوشي، حيث جاء محمد علي مجدد مصر ورائد نهضتها الحديثة لينهض بها، ويعيد إليها سابق عهدها.

يرصد الكتاب تاريخ المدينة نهاية القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، حينما كانت الإسكندرية مقصد كل شعوب البحر المتوسط بحثاً عن الرفاهية والرخاء ورغد العيش وتكوين ثروات من وراء التجارة والتعاملات، ما أدى إلى نمو وازدهار المدينة بصورة كبيرة، وتطورت أحياؤها القديمة بصورة كاملة. فعرفت أول أشكال التنظيم العمراني عن طريق إنشاء مجلس الأرناتو 1834، الذي كان يشبه جهاز التنسيق الحضاري، والذي كان له الفضل الأكبر في تطوير المدينة.

كذلك يعرض الكتاب بالصور لمرحلة مهمة من تاريخ الإسكندرية هي حادثة 11 يوليو 1882، والتي تعرَّضت من خلالها المدينة للدمار الشامل، ولكنها كانت بداية لانطلاقة جديدة أكثر تميزاً للمدينة، والتي توسعت على أنقاض المدينة القديمة.

ونشاهد مجموعة صور نادرة تتناول أعمال توسعة وتعبيد كثير من الطرق المهمة داخل المدينة مثل طريق أبوقير المعروف حاليّاً بطريق الحرية أو طريق رشيد كما كان يطلق عليه طوال العصور الوسطى، ومراحل إنشاء طريق الكورنيش في ما بين كامب شيزار والإبراهيمية وسبورتنج، كذلك إزالة الأضرحة من شوارع نيروتسوس، وإقامة الميادين والحدائق الجديدة في وسط المدينة مثل ميدان المسلات أو محطة الرمل، وميدان القناصل، وميدان المنشية، وحديقة الشلالات.

كذلك يحكي الكتاب بالصور قصص أهم القلاع والحصون القديمة في المدينة، ويعرض مجموعة من أقدم المناطق الأثرية المكتشفة مثل معبد أبوصير، وحفائر أبو مينا، ومقبرة كوم الشقافة، ومقابر الشاطبي والأنفوشي، وصوراً لأهم القصور الملكية مثل قصر رأس التين وقصر المنتزة، ولقطات لإنشاء قصر السلاملك.

في الكتاب أيضاً نقرأ عن أهم ملامح النهضة الثقافية والتعليمية التي أدخلها الأجانب إلى المدينة، حيث نتعرَّف إلى أهم المدارس والأندية والشواطئ والكازينوهات التي أقيمت بالمدينة آنذاك. كذلك يشير الكتاب بالصور إلى أهم المساجد والمعابد والكنائس المشهورة والمعروفة مثل جامع تربانة أقدم جوامع المدينة، وجامع البوصيري، وجامع أبو العباس، وجامع الشوربجي، وكنيسة سانت كاترين أكبر كنائس المدينة، ومعبد إلياهو حنابي بشارع النبي دانيال، إضافة إلى صور حفلات الجاليات الأجنبية بأعيادهم وصلواتهم داخل دور عبادتهم.

 

طابع أوروبي

 

يشير الكتاب إلى أن الإسكندرية تمتعت بطابع ميزها عن سائر مدن مصر خلال فترة حكم أسرة محمد علي باشا، خصوصاً الطابع الأوروبي الذي تجلى بصورة واضحة في عهد الخديو إسماعيل الذي تأثر بشدة بالحياة الأوروبية لا سيما الفرنسية. في عهد الخديو إسماعيل (1863- 1879) شهدت الإسكندرية نهضة عمرانية كبرى فاختطت الضواحي الجديدة مثل ضاحية الرمل التي أنشأ فيها الخديو إسماعيل قصر الرمل، وأصدر أمراً في فبراير 1863 إلى محافظ المدينة بتسوية الشوارع حتى المحمودية.

كذلك نظمت الميادين كميدان محمد علي الذي كان مركز المدينة التجاري، وتمت إنارة المدينة بغاز الاستصباح عام 1865 عقب الامتياز الذي منح إلى المسيو ليبون Eugene Lebon، وقد كان مقر شركة الغاز في منطقة كرموز على ترعة المحمودية، والإدارة في حارة صهريج الفرن. وبحلول عام 1870، أصبحت الإسكندرية إحدى أهم أربع مدن في البحر المتوسط بعد إسطنبول ومارسيليا وجنوة. 

ويحكي الكتاب قصة {إنارة شوارع الإسكندرية} بصور نادرة لمصابيح الإنارة القديمة بالشوارع، والعمال المنوط بهم إنارة تلك المصابيح، حيث منحت الحكومة المصرية عام 1865 الخواجا ليبون وشركاه، امتياز إنارة مدينة الإسكندرية وضواحيها بالغاز ثم منحت الشركة حق الإضاءة بالكهرباء، وقد اشترط الامتياز أن تكون مصابيح الإنارة مطابقة لطراز المصابيح نفسه في مدينة باريس الفرنسية.

ويشير الباحثان حسام عبد الباسط ومحمد السيد حمدي إلى أنه في يناير 1881 أعطت الحكومة المصرية امتيازاً إلى غراهام بل لإدخال خدمة الهاتف بين القاهرة والإسكندرية، وقد تنازل «بل» عن الامتياز لشركة الهاتف الشرقية، وهي شركة إنكليزية كان يديرها إيفانس، ثم حلت محلها شركة الهاتف المصرية في مارس 1885، واستمرت في مهامها حتى اشترت الحكومة امتيازها في 1918، وتم الاتصال هاتفياً لأول مرة بين القاهرة والإسكندرية في عام 1902.

وفي عام 1831، أنشأت إنكلترا مكتبين للبريد أحدهما في الإسكندرية والآخر في السويس. وفي عام 1843 أنشأ أحد الإيطاليين، ويدعى كارلو ميراتي، إدارة بريدية أطلق عليها اسم البوستة الأوروبية واتخذ لها مكتباً في ميدان القناصل، وكانت مهمة المكتب توزيع البريد بين القاهرة والإسكندرية. وبعد وفاة كارلو، آلت الإدارة إلى أبناء أخته «الإخوة تشيني» الذين دخلوا في شراكة مع جياكومو موتسي المعروف بموتس بك، ثم اشترى الخديو إسماعيل الشركة وحولها إلى مصلحة حكومية في 29 أكتوبر سنة 1864، وأسند إدارتها إلى موتس بك الذي صار أول مدير لمصلحة البريد المصري، وذلك في 2 يناير 1865.

أما بداية بورصة الأوراق المالية في مصر فكانت بالإسكندرية، عندما عقد سماسرة اجتماعاً في مارس عام 1861 على أحد مقاهي محرم بك لتداول الأوراق المالية، ثم انتقلوا إلى مقهى جيوفالينو (سان جيوفاني راهناً) بستانلي.

ويتناول الكتاب في عشرات الصور النادرة قصة الجاليات الأجنبية بالمدينة الساحلية، حيث أدى نزوح الأجانب إلى الإسكندرية إلى انتشار مدارس الطوائف الدينية ومدارس الجاليات الأجنبية في المدينة، حتى بلغ عددها سنة 1873م، 28 مدرسة بها نحو 2625 تلميذًا و1867 تلميذة.

 

مدارس

 

يحكي الكتاب قصة المدارس اليهودية في المدينة الساحلية، حيث أسست الجالية اليهودية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أربع مدارس أولية بدعم من الثري اليهودي بروسبيرا أوسيما prosper osima على النسق الأوروبي، في عهد الخديو إسماعيل وكانت إحداها تعد أفضل مدرسة يهودية بالإسكندرية، كذلك أنشئت مدرستان مجانيتان إحداهما مدرسة البنات اليهودية المجانية التي أسست عام 1860، وكانت تقع في شارع البنوك وتشرف عليها مدام هيلين دي بيريرا.

ومدرسة الاتحاد الإسرائيلي بشارع محرم بك جهة الرصافة التي افتتحت عام 1897 واستمرت لعام 1919، ومدرسة الاتحاد الإسرائيلي العام للبنين بالنبي دانيال وتأسست عام 1897، ومدرسة الاتحاد الإسرائيلي العام للبنات، وتأسست أيضًا عام 1897 بالنبي دانيال، ومدرسة إميلا توراه بمحرم بك، ومدرسة شداي يعزور للبنات بالعطارين التي أنشأها البارون جاك دي منشة عام 1892، ومدرسة الفنون والصناعات اليهودية بالنبي دانيال عام 1897.

ويتناول الكتاب أيضاً بالصور المدارس الإنكليزية، وأشهرها {كلية فيكتوريا} التي أسست سنة 1901 تخليداً لذكرى الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا على نمط المدارس الإنكليزيةPublic School ببرنامج إنكليزي وهيئة تدريس إنكليزية لجميع الجنسيات، وبدأت في منزل صغير بشارع سعد زغلول، ثم انتقلت إلى حي الأزاريطة حيث منح الثري الإنكليزي سيرجون ألدرسون قطعة أرض للمدرسة بالمنطقة، قبل أن تنتقل إلى مقرها الحالي عام 1909.

back to top