بوعبدالمحسن... مسيرة وتاريخ

نشر في 23-05-2015 | 00:07
آخر تحديث 23-05-2015 | 00:07
يعد الفقيد جاسم الخرافي أحد أبرز رجالات الكويت المخلصين، فهو السياسي والاقتصادي في آن واحد، أفنى حياته في خدمة الكويت وأهلها، وكان من أشد المدافعين عنها خلال الفترات العصيبة التي مرت بها، وكثيراً ما نادى بلمّ الشمل والابتعاد عن التعصب، وكان أداؤه الراقي في إدارة جلسات مجلس الأمة محل تقدير الجميع.

 الولادة والنشأة

 ولد الراحل، في عام 1940 في حي جبلة، تلقى علومه في مدينة بومباي الهندية، حيث كان يقيم والده بحكم أعماله التجارية، ثم عاد إلى الكويت فدرس في مدرسة الروضة والمثنى، ثم غادر إلى مصر ليواصل مشوار تعليمه هناك، فالتحق بكلية فيكتوريا بمدينة الإسكندرية حتى عام 1952، حيث قامت الثورة المصرية ليعود إلى الكويت، ثم عاد مرة اخرى لاستكمال تعليمه الذي توقف مرة أخرى بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، عاد بعدها إلى الكويت ودرس في ثانوية الشويخ مدة عام‮، ثم سافر الى بريطانيا ليكمل دراسته الجامعية، فالتحق بكلية‮ ‬مانشستر وحصل على شهادة دبلوم‮ ‬في إدارة الاعمال‮ مع تخصص علم المحاسبة من كلية التجارة.

 العمل السياسي

عاد إلى الكويت في عام 1962، ولتتواكب عودته مع انطلاق العمل البرلماني في البلاد بعد ان تسلم الشيخ عبدالله السالم مشروع الدستور الكويتي، وتمت الدعوة بعدها إلى اجراء اول انتخابات برلمانية في بداية عام 1963، وقد ترشح فيها والده المرحوم محمد الخرافي، وهكذا وجد المرحوم جاسم الخرافي نفسه مزاحما للساسة في سنوات شبابه الاولى، فأدار الحملة الانتخابية لوالده في انتخابات عام 1967 والتي نجح فيها، ولكنه انسحب فيما بعد بسبب تزوير الانتخابات. ‬

اتجه الراحل جاسم الخرافي إلى العمل في القطاع الخاص وتقلد العديد من المناصب منها، العضو المنتدب في شركة الفنادق الكويتية وشركة الالمنيوم، و‬عضو مجلس الادارة بالشركة الاهلية للتأمين،‮ وغيرها من المسؤوليات في القطاع الخاص، كما شغل منصب ‬القنصل الفخري لجمهورية باراغواي‮ ‬في الكويت.

مجلس 1976

خاض اول انتخابات نيابية له في عام 1976 في الفصل التشريعي الرابع لمجلس الامة عن الدائرة الثانية، مستفيدا من تجربته التي خاضها في مساعدة والده في انتخابات 1967، واستطاع ان يُكوّن قاعدة شعبية قوية نتيجة اتصالاته المستمرة مع المواطنين‬ ودعمه المستمر للقضايا الوطنية، مما أهله للنجاح في الانتخابات بعد ان حصل على ‮ ‬592‮ ‬صوتا، وقد اختار ان يكون عضوا مستقلا، لا ينتمي إلى تيار سياسي معين، وهو ما اتاح له حرية التحرك داخل المجلس والتشاور مع اعضائه بحرية، وتبني الاقتراحات التي لا تصب الا في مصلحة الوطن بعيدا عن اي مصالح انتخابية اخرى.

ومن خلال تلمسه احتياجات المواطنين ومصالحهم، فقد تبنى القضية الاهم بالنسبة لهم وهي القضية الاسكانية، فطالب بزيادة المخصصات المالية والقروض اللازمة للاسكان،‮ ‬كما تقدم باقتراحات عديدة، اهمها الاستفادة من عائدات النفط في انشاء صندوق للاجيال القادمة، وهو الاقتراح الذي توافق مع رؤية الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد، كما اقترح ان يتم تجميع اموال الصدقات والتبرعات والزكاة في جهة واحدة، وهو ما اثمر عن انشاء بيت الزكاة في عام 1981.

  كما تقدم، رحمه الله، باقتراحات لتعديل بعض مواد اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ‬وتم حل المجلس‮ ‬‮بعد سنة واحدة نتيجة حالة التأزم والاحتقان التي سادت بين السلطتين طوال دور الانعقاد الاول‮، وسعى جاهدا، رحمه الله، من خلال اتصالاته المكثفة مع كل اطياف المجتمع لحل الاشكالات العالقة وانهاء حالة التدهور الاقتصادي والاحتقان السياسي التي تمر بها البلاد، وقد دعته الحكومة للمشاركة في لجنة تنقيح الدستور، ولكنه رفض ذلك انطلاقا من دوره الوطني في المحافظة على الدستور.

مجلس 1981

بعد أن دامت فترة التعطيل البرلماني نحو أربعة أعوام، عادت الحياة البرلمانية مرة أخرى بالدعوة إلى انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي الخامس في عام 1981، وقد ترشح لها، رحمه الله، عن الدائرة الثالثة، ورغم تغيير النظام الانتخابي للدوائر إلى 25، فإنه نجح في الوصول إلى قبة البرلمان مع المرحوم العم جاسم الصقر.

 وشهدت هذه الفترة واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية التي مرت بالكويت، وهي أزمة سوق المناخ، ولعب، رحمه الله، باعتباره رئيساً‮ ‬للجنة الشؤون المالية بالمجلس دوراً كبيراً في تقديم المقترحات، للتغلب على هذه الأزمة، بعد أن قام بدراسة عميقة عن أسبابها وتصوراته لحلها، ولم تصرفه تلك المسؤولية الكبيرة عن الاهتمام بالقضايا الأخرى التي تهم المواطنين، فطالب بتطوير الأجهزة الحكومية التي تتعامل‮ ‬يومياً‮ ‬مع المواطنين، وبخاصة أجهزة وزارة الداخلية،‮ ‬كما وقف بقوة إلى جانب أصحاب الدخول المحدودة عند معالجة الأزمة الاقتصادية.‮

ثم تصدى، رحمه الله، لأزمة سياسية كبيرة نشبت بين المجلس والحكومة اثر طلب الحكومة بإحالة مشروع تنقيح الدستور للجنة التشريعية، حيث كانت هناك معارضة شديدة من النواب لهذا الاقتراح، فتوجه المرحوم وعيسى الشاهين بتكليف من رئيس المجلس إلى الشيخ سعد العبدالله لإقناعه بسحب المشروع‮، ‬وأدت هذه المساعي‮‬ إلى سحب المشروع ووضع حد للأزمة والحفاظ على الدستور‮.‬

مجلس 1985 وكرسي الوزارة

ترشح لانتخابات مجلس الأمة للدورة الثالثة على التوالي، ونجح عن الدائرة الثالثة محققا (610) اصوات، وبالنظر لخبرته الاقتصادية الكبيرة،‮ ‬والمعالجات التي طرحها لمشاكل الاقتصاد الكويتي عندما ترأس لجنة الشؤون المالية في مجلس‮ ‬1981،‮ ‬والجدية والجرأة في معالجة أزمة المناخ،‮ ‬أُسندت له حقيبة وزارة المالية والاقتصاد في التشكيل الحكومي لعام 1985، ولقد سعى منذ توليه المسؤولية إلى تقريب وجهات النظر بين الحكومة والمجلس، في ظل خلاف متصاعد بين الطرفين لم يعط الوقت الكافي للتحرك في سبيل إنهاء هذه الأزمة، مما أدى إلى حل المجلس حلا غير دستوريا في عام 1986.

 ونظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت على البلاد، وللثقة الكبيرة للقيادة السياسية به، أُعيد توزيره في حكومة 1986، واستمر وزيراً للمالية حتى قدمت الحكومة استقالتها بتاريخ 12/06/1990، واستطاع خلال سنوات توليه المسؤولية في وزارة المالية تحقيق العديد من الإنجازات أهمها، تطوير أداء جهاز وزارة المالية، وإنشاء مركز للتدريب ‬وبنك للمعلومات المالية،‮ و‬التصدي لأزمة سوق المناخ وتقديم حلول عاجلة لوقف تداعياتها‮، والحفاظ على املاك الدولة ووقف التعديات عليها‮، و‬تفعيل دور القطاع الخاص، و‬فرض نظام الرقابة على ميزانيات الوزارات والهيئات الحكومية،‮ ‬وتطوير نظام المحاسبة،‮ ‬ووضع الضوابط لتعيين أعضاء مجالس إدارات الشركات الحكومية، ‬وإجراء إصلاحات واسعة في الهيئة العامة للاستثمار ومعالجة الخلل بمكتب لندن الذي‮ ‬يدير استثمارات الكويت في الخارج.

 وبعد انتهاء فترة عمله بالوزارة في عام ‮‬1990،‮ ‬قرر المرحوم اعتزال العمل السياسي رغم المطالبة الشعبية باستمراره، ‬ونتيجة لذلك القرار،‮ ‬لم‮ ‬يرشح نفسه لانتخابات المجلس عام ‮‬1992، وأشاد تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الأمة عام‮ ‬1992‮ ‬لدراسة أسباب كارثة الغزو العراقي بالمرحوم جاسم الخرافي ابان فترة توليه وزارة المالية، ‬وأكد دوره المهم في حماية الأموال العامة،‮ ‬وإصلاح الخلل في بعض المؤسسات المالية داخل الكويت وخارجها. ‬

مجلس 1996

عاد للعمل النيابي مرة أخرى من خلال الترشح لانتخابات مجلس الامة في فصله التشريعي الثامن عام 1996، ونجح عن الدائرة الثالثة، ورشح نفسه لانتخابات الرئاسة مع النائب أحمد السعدون، ولم يحالفه الحظ حيث خسر الرئاسة لمصلحة أحمد السعدون بفارق صوت واحد، ولم يثنه ذلك عن القيام بدوره كنائب يعمل لخدمة وطنه وشعبه.

مجلس 1999

بعد ان حاز عضوية الفصل التشريعي التاسع لمجلس الامة عن الدائرة الثالثة، ترشح لانتخابات الرئاسة، واستطاع ان يتفوق على منافسه الرئيس السابق احمد السعدون بفارق 10 اصوات، لينال بذلك اللقب الاول له كرئيس لمجلس الامة، واستطاع رحمه الله ان يفرض اسلوبا جديدا اتسم بالصراحة والحيادية في ادارة الجلسات، وفي آلية التعامل مع المناقشات التي تجري في قاعة عبدالله السالم وخارجها، وبدأ في تنفيذ اصلاحات تدريجية لتفعيل أداء المجلس،‮ ‬منها توسيع نطاق مهام نائب الرئيس،‮ ‬وتنشيط عمل مكتب المجلس وتفعيل مهامه،‮ ‬وتغيير انعقاد الجلسات من‮ ‬يوم واحد اسبوعيا إلى‮ ‬يومين كل اسبوعين، مما قلل من حدة مشكلة‮ ‬فقدان نصاب الجلسات واعطى فرصة اكبر لعمل اللجان.

مجلس 2003

نجح الراحل بالفوز بعضوية مجلس الامة في فصله التشريعي العاشر، كما نجح في الحصول على رئاسة المجلس بالتزكية، ومن خلال رئاسته الثانية للمجلس، قام رحمه الله بمبادرة انسانية مهمة،‮ ‬وهي مبادرته بعقد جلسة برلمانية سنوية لابناء الكويت من ذوي الاحتياجات الخاصة‮، كما اعطى المرأة الكويتية اهمية كبيرة في المؤتمرات الدولية،‬ وأكد مراراً‮ ‬أن الحقوق السياسية للمرأة الكويتية‮ ‬ومشاركتها ‬في انتخابات المجلس ستتحقق في الوقت المناسب، ‬وقد سعى لتحقيق ذلك‮ ‬خلال رئاسته لمجلس‮ ‬2003‮ ‬الذي‮ ‬أقر تعديل قانون الانتخابات بما‮ ‬يتيح للمرأة الكويتية حق الترشيح والتصويت في‮ ‬انتخابات مجلس الأمة‮، ‬وكانت الجلسة التي‮ ‬اقر فيها القانون جلسة تاريخية‮‬،‮ ‬تعددت فيها الآراء والاختلافات وكادت تخرج عن السيطرة، ‬غير أنه استطاع الوصول بالجلسة الى بر الامان بفضل حكمته.

كما مرت الكويت بأزمة سياسية كبيرة بعد وفاة الشيخ جابر الاحمد عام 2006، تحرك لها رجال كبار من داخل الاسرة الحاكمة وخارجها، كان من بينهم الراحل جاسم الخرافي الذي ‮‬دعا الى التعامل بالحكمة والعقلانية،‮ ‬والالتزام بالقواعد والاجراءات الدستورية، ‬وقام رحمه الله بجهود كبيرة في هذا الاطار،‮ ‬واجرى مشاورات ولقاءات عديدة شملت جميع الاطراف ومعبرا عن ‬ثقته في الاسرة الحاكمة على تخطي تلك الظروف.

مجلس 2006 حتى 2009

لم يكن من المألوف الا نرى الراحل عضوا في مجلس الامة منذ عودته الى العمل البرلماني عام 1996، او الا نراه رئيسا للمجلس، فأصبح وجوده تحت قبة عبدالله السالم امرا طبيعيا، فقد استطاع ان يفوز بعضوية ورئاسة مجلس الامة خلال الفصول التشريعية العاشر 2003 والحادي عشر 2006 والثاني عشر 2008 والثالث عشر 2009، لما يمتاز به من الحكمة والعلاقات الطيبة مع جميع اعضاء مجلس الامة، وقد ساهم رحمه في مجلس 2006 في تغيير نظام الدوائر الانتخابية الى النظام الخمس.

وبعد ان حُل المجلس عام 2011، اعتزل المرحوم جاسم الخرافي العمل السياسي وتفرغ لادارة اعماله التجارية الخاصة، الا انه حافظ على تواصله مع كل اطياف الشعب الكويتي ومع القيادة السياسية، فقد كان شخصا يحبه الجميع.

و"الجريدة" التي آلمها هذا المصاب تدعو الله تعالى ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان.

السيرة الذاتية

• الاسم : جاسم محمد عبدالمحسن الخرافي

 • الميلاد: 8/12/1940 - جبلة

 • الحالة الاجتماعية: متزوج وله بنت واحدة غالية وست اولاد عبدالمحسن ولؤي واياد وانور وطلال واحمد.

 • المؤهلات التعليمية: المرحلة الجامعية في كلية التجارة في مانشستر المملكة المتحدة - شهادة دبلوم في إدارة الأعمال مع تخصص محاسبة.

 • 1961-1985 المدير العام لمصانع ومؤسسات محمد عبدالمحسن الخرافي

 • العضو المنتدب في شركة الفنادق الكويتية وشركة الالمنيوم، و‬عضو مجلس الادارة بالشركة الاهلية للتأمين والشركة الكويتية للاسماك والشركة المتحدة للمقاولات.

 • 1965 ‬القنصل الفخري لجمهورية باراغواي‮ ‬في الكويت.

 • مؤسس وعضو في عدد من جمعيات النفع العام الاهلية والعربية والدولية، ومساهم فعال في منظمات العمل الخيري.

 • عضو مجلس ادارة دار القبس للصحافة والطباعة والنشر.

 • 1975-1976 عضو مجلس الامة - الفصل التشريعي الرابع.

 • 1981-1985 عضو مجلس الامة ورئيس لجنة الشؤون المالية - الفصل التشريعي الخامس.

 • 1985-1990 وزير المالية والاقتصاد.

 • 1990 رئيس مجلس ادارة شركة محمد عبدالمحسن الخرافي وأولاده.

 • 1996-1999 عضو مجلس الامة - الفصل التشريعي الثامن.

 • 1999-2003 رئيس مجلس الامة - الفصل التشريعي التاسع.

 • 2003-2006 رئيس مجلس الامة - الفصل التشريعي العاشر.

 • 2006-2008 رئيس مجلس الامة - الفصل التشريعي الحادي عشر.

 • 2008-2009 رئيس مجلس الامة - الفصل التشريعي الثاني عشر.

 • 2009-2011 رئيس مجلس الامة بالتزكية - الفصل التشريعي الثالث عشر.

back to top