جابي برامكي... سيرته وتجربته في جامعة بير زيت

نشر في 21-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 21-05-2015 | 00:01
No Image Caption
صدر عن مؤسسة {الدراسات الفلسطينية} في بيروت كتاب {سيرة جابي برامكي وتجربته في جامعة بيرزيت}، ويحكي سيرة مقدسي أسهم في مسيرة البناء الوطني في فلسطين على أرفع مستوياته من خلال دوره المحوري في إنشاء جامعة بير زيت كمؤسسة تعليم عال وطنية أولى تحت الاحتلال الإسرائيلي. أما مؤلف الكتاب، عبد الرحيم الشيخ، فهو أستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية والعربية في جامعة بير زيت.
{سيرة جابي برامكي وتجربته في جامعة بيرزيت} سيرة ذاتية برسم الغير، تسردُ تاريخ المؤسسة التي نابت عائلة فلسطينية، آل ناصر، بإنشائها، عن الحركة الوطنية الفلسطينية في تدشين رافعة أكاديمية وثقافية وسياسية للمشروع الوطني الذي أظهرَته إلى الوجود منظمة التحرير الفلسطينية: جامعة بيرزيت. 

سيرةٌ يجمع عنوانها ومتنها بين «جابي برامكي» و{جامعة بيرزيت» كحكاية لسدانة المشروع الثقافي الفلسطيني وتوجيهه في أبرز مراكزه التنويرية، عاكسةً فرادة تجربته الفردية، وفرادة التجربة الجماعية التي تسردها- تجربة تدشين جامعة بيرزيت كمؤسسة وطنية فلسطينية في ظل الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين: أكاديمياً، وبحثياً، ومجتمعياً. في سيرة برامكي، التي غيَّب الموت صاحبها قبل اكتمال قوسها، تجتمع هذه الفرادات وتُروى على لسان واحد ممن عاصروها لحظة بلحظة منذ تكويناتها الأولى. ونظراً إلى كون برامكي (1929-2012) قد عاصر الفترات الأربع لتخلُّق هذه الجامعة (في ظل الانتداب الاستعماري البريطاني، والحكم الأردني، والاستعمار الصهيوني، والسلطة الفلسطينية)، فإن هذه المذكرات تعدُّ مساهمة يندر نظيرها في مدوَّنات التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي الفلسطيني، إذ هي مفردٌ بصيغة الجمع؛ ذلك بأن الكتاب ليس سيرة لبرامكي فحسب، ولا لبيرزيت بصفتها جامعة، ولا لبلدة بيرزيت وتاريخها الاجتماعي بين القدس ورام الله وشمال فلسطين... بل هو تاريخ لفلسطين وحكاية التعليم العالي فيها، وقصة مقاومتها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني والاحتلال العسكري الإسرائيلي على امتداد أربع حقب تاريخية في تاريخ الشعب الفلسطيني.

 

خطر أمني

 

يحتوي الكتاب على مقدمة وخمسة فصول وخلاصة، بالإضافة إلى ستة ملاحق وعدد كبير من الصور.

رأت إسرائيل في جامعة بير زيت «خطراً أمنياً» عليها، ليس لأن ثمة «بنادق فوق الرفوف بدلاً من الكتب»، بل «لأنها، كمؤسسة أكاديمية وفضاء لاختبار الأفكار، صارت مكاناً يخرّج كثيرين من القادة الفلسطينيين على المستويين المحلي والعالمي»، مبيّنة للعالم أن الفلسطينيين شعب متحضر وحيوي وذو ثقافة عالية له هوية وطنية متميزة. ولدى الفلسطينيين، كسائر البشر، طموحاتهم وأحلامهم وأمانيهم ومخاوفهم».

ورغم الحملة القمعية المسعورة التي استهدفت الجامعة فقد نجحت في التحول إلى حاضنة للعمل الوطني والمجتمعي؛ فكان طلابها يأتون من المناطق الفلسطينية كافة، من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وحتى من مناطق 1948، وكانوا ملزمين بأداء واجبهم في العمل التعاوني مدة 120 ساعة، يساعدون الفلاحين في موسم قطاف الزيتون، ويشاركون في التصدي لحملات مصادرة الأراضي. أما أكثر المواد التي كانوا يدرسونها تميّزاً، فكانت مواد الدراسات الثقافية التي تتمحور حول تاريخ الفكر الإنساني، والفكر العربي الحديث والمعاصر، والقضية الفلسطينية. 

بيد أن جامعة بير زيت تميزت، عن غيرها من الجامعات الفلسطينية، بجسمها الطلابي الآتي من مختلف أنحاء فلسطين التاريخية «ليصقل شخصية وطنية لافتة صكتها المعاناة اليومية التي كان النشاط الجامعي، الأكاديمي والمجتمعي، واحداً من أعمدتها». 

في 3 مايو 1979، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق جامعة بير زيت بعد وقوع صدامات بين طلبتها وبين المستوطنين الذين كانوا يحتفلون، بطريقة استفزازية وبحماية القوات الإسرائيلية، بـ «عيد الاستقلال» في بلدة بير زيت.

 وإثر ذلك الإغلاق الذي استمر شهرين كاملين، وضعت جامعة بير زيت خطة طوارئ للعمل من خارج الحرم الجامعي، وذلك عن طريق تنظيم أماكن التدريس والإدارة في المناطق المجاورة. وقد أسفرت الصدامات المتكررة التي صارت تقع بين طلبة الجامعة وقوات الاحتلال عن سقوط شهداء. بلغ عدد الشهداء  في الفترة 2009-1976 ما مجموعه 199 طالباً،  بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى والمبعدين. وقد برزت في الجامعة مجموعة من قيادات العمل الوطني والعسكري الفلسطيني، مثل مروان البرغوثي وبسام الصالحي والشهيد يحيى عياش وغيرهم. 

وانخرط طلاب الجامعة في السنوات الأخيرة في الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، التي انطلقت في سنة 2004، والتي وجد جابي برامكي فيها «ضالته كحاضنة للمقاومة السلمية التي لم يكف عنها لحظة على امتداد مسيرته في جامعة بير زيت بصورة خاصة، وفي قطاع التعليم والعمل الوطني الفلسطيني بصورة عامة». 

في الكتاب سيرة مناضل أكاديمي فلسطيني آمن بالتعليم طريقاً وسلاحاً لتحرير شعبه، ومسيرة جامعة بنيت ونمت تحت الاحتلال وخرّجت أجيالاً من الشباب الفلسطيني المشارك بفعالية في الصراع من أجل الحق بالتحرر والحياة.

 

المؤلف عبدالرحيم الشيخ شاعر وأكاديمي من القدس. يعمل أستاذاً للفلسفة والدراسات الثقافية والعربية في جامعة بيرزيت. يتمحور عمله البحثي على القومية وسياسات الهوية (وخصوصاً تعبيراتها السمعية والبصرية، نظراً وتطبيقاً) في سياق استعماري، إضافة الى دراساته في النقد الفني، والشعرية العربية، والترجمة. وسيصدر كتابه الأخير: «متلازمة كولومبوس وتنقيب فلسطين: سياسات التسمية الإسرائيلية للمشهد الفلسطينيي والهندسة اللغوية الفلسطينية المضادة» عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في سنة 2015.

back to top