Madding Crowd... يحافظ على أمانته

نشر في 17-05-2015 | 00:02
آخر تحديث 17-05-2015 | 00:02
على غرار جاين أوستن المتفائلة، كتب توماس هاردي المتشائم عن محاور القرن التاسع عشر الأساسية الثلاثة: الرومانسية، والمال، والأملاك. تطرح Far From the Madding Crowd، رواية هاردي عن توق لا يُشبع، الأسئلة التالية: ما يجعل الزواج سعيداً غير الحظ المتقلب؟ وهل تعد الحياة في طبقة الاقطاعيين بالاكتفاء والرضا؟ وكيف تستطيع بيثشابا إيفردين العثور على السعادة؟ بإدارة مزرعة مزدهرة أم بالزواج والاستقرار؟
يتناول الفيلم الأول المقتبس عن قصة Far From the Madding Crowd للمخرج الدنماركي توماس فنتربيرغ المحاور المذكورة سلفاً وأكثر. يبدو هو وفريقه الدولي المذهل مرتاحين جداً في تحويل قصة هاردي الكلاسيكية إلى رواية صادقة مع البقاء آمنين للنص الأصلي. هكذا يأتي الفيلم قاتماً وشاعرياً بقدر الرواية، إلا أنه ينجح أكثر في جذب اهتمام المشاهد. نتيجة لذلك، نستمتع بمشاهدة فيلم قديم وحافل، من دون أن نشعر أنه بالٍ.

في هذه النسخة النسائية، بيثشابا إحدى الناشطات الرائدات المدافعات عن حقوق المرأة تسير في درب مليء بالعواطف والتحديات. يدفع كاتب السيناريو ديفيد نيكولز بيثشابا، إحدى الشخصيات الأساسية في كتاب هاردي، إلى ذروة الفيلم. ولا شك في أنه دور غني يدفع كاري موليغان إلى طليعة سباق جوائز الأوسكار هذه السنة. صحيح أن موليغان لطالما أدت أدواراً مثيرة للاهتمام، إلا أنها لم تكن يوماً بهذا القدر من الإبداع كما في دور هذه المرأة البريئة، القوية، والمميزة: أداء قوي ومفاجئ يتخطى بأشواط جولي كريستي الرقيقة والهشة في نسخة جون شليسنغر لعام 1967.

تُعتبر بيثشابا مميزة في بلدتها الريفية، حتى في البداية حين تكون فقيرة. فيلمس جارها المزارع غابريال أوك (النجم البلجيكي ماتياس شوينارتس بلهجة إنكليزية متقنة) روحها، مقدماً لها حملاً حديث الولادة لتربيه. بعد ذلك، يعرض عليها أوك، الذي يبدو برجولته البارزة وصدقه وأخلاقه المهنية العالمية عريساً جيداً، الزواج بهدوء، إلا أنها ترفض في الحال. توضح أنها لا تخطط راهناً للاقتران بزوج ناضج وذكي، بل تفضل بيثشابا السعي وراء أهدافها الجميلة الخاصة، لا متعة الجسد.

لكن الوضع سرعان ما يتبدل. فيما تحقق بيثشابا النجاح تلو الآخر في العالم، تزداد موليغان جمالاً بأثواب ضيقة كاشفة باللونين الأحمر والأزرق القويين. نتيجة لذلك، تبرز بوضوح بين ألوان البني والأخضر المحيطة بها في المشاهد التي تصورها بإتقان شارلوت بروس كريستنسن. وعندما تقفل كارثة عند الجروف البحرية المجاورة مزرعة أوك، تستخدمه بيثشابا للاعتناء بمواشيها. كذلك تدعوه للانضمام إليها خلال مأدبات عشاء الحصاد للخدم، محافظة في الوقت عينه على بعدها عنه. لكن هذه الأعمال الخيرة والمترفعة في آن تسبب الألم لأوك فيما يراقب رجلين يحاولان التقرب منها.

دعابة عيد الحب

يبدو وليام بولدوود (مايكل شين)، اقطاعي ثري، مهووساً بدعابة عيد الحب التي أرسلتها له. يقدم شين أحد تلك العروض المليئة بالتحذيرات من القرون الوسطى، التي سبقه إليها أنتوني هوبكنز قبل عقود. ولكن عندما تواجَه عروض بولدوود الرومانسية بالرفض اللبق، يشعر بألم قاتل ووحدة قوية تجعل في وضع مماثل لأوك.

لكن كلاً منهما يتعرض للصدمة حين تنجذب بيثشابا إلى الرقيب فرانسيس تروي (توم ستوريدج)، الذي تعتبر سحره الزائف لا يُقاوم. يغري تروي بيثشابا باستعراض مهاراته في القتال، محركاً سيفه بقوة قرب بشرتها كما لو أنه عصا تودد سحرية. لكن هذا النوع من عزل يقود إلى نتائج كارثية. ولا شك في أن المشهد كان سيبدو مضحكاً لو أن موليغان لم تبدُ متحمسة جداً ولو أن ستوريدج لم يبدُ أقل تهوراً.

يُعتبر فيلم فينتربيرغ حالة تشذ عن المعايير التقليدية لقصص الحب. يركز الفيلم على الدراما في خطوات البطلة الأنانية المتهورة، مبتعداً بعض الشيء عن لعبة الحب العشوائية المطولة.

كاري موليغان

تنجح كاري موليغان في أداء دورها كمقاتلة أنيقة ترسم قدرها بيدها، سواء كانت ترتدي سترة جلدية جوزية ضيقة وتركب حصانها أو تتحكم في حواراتها مع رجال نبلاء يشاركونها لعبة الإرادة هذه. هكذا يحولها الفيلم إلى بطلة ساحرة، مع أنها تخسر عدداً محزناً من المعارك والحلفاء، قبل أن تنجح في بلوغ السلام.

back to top