Child 44... خليط بين Dr. Zhivago وSilence of Lambs

نشر في 12-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-05-2015 | 00:01
No Image Caption
يتطور فيلم Child 44 رغماً عنه. تنجح هذه القصة البوليسية المشحونة، التي تبدو غريبة ومقلقة أحياناً، في اكتساب ما يكفي من الإثارة والتشويق لتأسر انتباهنا. تدور أحداث هذا الفيلم، الذي يؤدي فيه توم هاردي دور البطولة، في الاتحاد السوفياتي حول نهاية عهد الحاكم المستبد جوزف ستالين.
كما يتذكر قراء روايات التشويق، يستند Child 44 إلى رواية نُشرت عام 2008 لتوم روب، باعت 1.5 مليون نسخة، وكانت قوية كفاية لتدخل لائحة الروايات المرشحة لجائزة بوكر. صحيح أن الفيلم لم ينجح في نقل كل العوامل التي ساهمت في نجاح الكتاب، إلا أنه يتمتع بأحد أهمها: الإطار المتميز.

يعيدنا المخرج دانيال إسبينوزا في Child 44 إلى الأجواء القاتمة في الاتحاد السوفياتي عام 1953. لكن هذا الفيلم، الذي صوره أوليفر وود في الجمهورية التشيكية ونفذ تصميم إنتاجه يان رويلفس، لا يكتفي بإعادة ابتكار المواقع المخيفة الفعلية، بل يعرض أيضاً الطبيعة العفنة المريعة لنظام سياسي دائم الريبة يعتبر الجميع خونة  محتملين من الممكن نفيهم أو إعدامهم.

والأسوأ من ذلك بالنسبة إلى عمل الشرطة والعدالة، يبدو أن النظام السوفياتي ما كان مهتماً ببعض أنواع الجرائم. فبما أن ستالين أعلن أن الجريمة أحد أمراض الرأسمالية، وأنها بالتالي غير موجودة في الاتحاد السوفياتي ({ما من جريمة في الجنة}، عبارة سمعناها مراراً)، صار بإمكان المجرمين المتسلسلين القتل من دون خوف من العقاب. فلا أحد سيحقق في أعمالهم البشعة لأن لا وجود رسمياً لها بكل بساطة (لم تتقبل موسكو هذا الفيلم، ومنعت عرضه لما دعته وزارة الثقافة {كائنات مختلة جسدياً وأخلاقياً أقل من البشر}).

خليط غريب

لا شك في أن إطار الفيلم المميز يشكل فيلماً ممتازاً لشخص مثل ريدلي سكوت من American Gangster. وقد اشترى سكوت بالفعل الحقوق، إلا أنه لم يتمكن من إخراجه. فانتهى المطاف بهذا الفيلم إلى إسبينوزا، الذي أبدع في Snabba Cash (المال السهل) بلغته الأم السويدية، فضلاً عن فيلم Safe House من بطولة دانزيل واشنطن.

مع أن هذا المخرج الموهوب متخصص في أفلام الحركة وإطلاق النار، إلا أنه لا يقدم الكثير من مشاهد الحركة القوية. لكنه علق في رواية هذا الفيلم الطويلة ومحاوره الاجتماعية الواسعة. نتيجة لذلك، يبدو Child 44 أشبه بخليط غريب من Dr. Zhivago وThe Silence of the Lambs، مع أن هذا لا يُعتبر جيداً بالضرورة.

على نحو مماثل، جاء عمل كاتب السيناريو ريتشارد برايس خليطاً. فقد منحت عبارات مثل {لم تحتفظ برأيها... لنفسها} Child 44 نبضاً معاصراً أكثر من اللازم، فضلاً عن أن بعض العناصر الأساسية في الحبكة قد تبدلت. لكن برايس يحرص على أن تعزز خطوة القصة المتوازية في الفيلم أحدها الآخر.

يبدأ Child 44 بذكريات خاطفة عن الفظائع في أوكرانيا التي ابتليت بالمجاعة عام 1933. فنرى طفلا يهرب من ميتم. فيتبناه جندي سوفياتي ويعطيه اسماً جديداً: ليو ديميدوف.

ننتقل بعد ذلك إلى برلين عام 1945. ينتهي الأمر بليو إلى الادعاء أنه أحد مقاتلي الجيش الأحمر المنتصرين ملوحاً بعلم فوق مقر الرايخ (تكريماً للصورة الشهيرة ليفغيني خالدي). وهكذا يتحول في الحال إلى بطل وطني ورمز للشجاعة السوفياتية.

ننتقل مجدداً إلى عام 1953. يعيش ليو (توم هاردي) في موسكو، حيث أصبح ضابطاً في جهاز الشرطة الداخلي، محاطاً بالزملاء أنفسهم الذين خاضوا معه الحرب، بمن فيهم ألكسي الوفي (فارس فارس) وفاسيلي المجنون بالكامل (جول كينامان من The Killing’s، الذي لمع نجمه في Snabba Cash)، الذي لا يتردد في إطلاق النار عليك ما إن يراك.

نواقص كثيرة

أنصف النظام السوفياتي ليو، وهو يؤمن به بالكامل، حتى إنه يعجز عن تمييز ما يستطيع ولد إدراكه: رايسا (ناومي راباس)، الزوجة التي يعشقها، ضجرة من زواجهما ومنه.

يقوم ليو بعمل لا يُعهد إلا لشخص يؤمن حقاً بالنظام. عليه أن يعتقل لائحة متنامية بسرعة ممن يُعتبرون خونة وأن يتجاهل واقع أن الاتهامات، في مجتمع تُعتبر فيه الاعترافات القسرية مسألة مألوفة، أقرب إلى حكم بالإعدام.

لكن كل عيوب النظام السوفياتي تتحول فجأة إلى مسألة شخصية بالنسبة إلى ليو من خلال تطورين متداخلين يشكلان صدمة قوية له.

أولاً، تُتهم حبيبته رايسا بالخيانة، ويوكل إليه رئيسه المخادع، الرائد كوزمين (فنسنت كاسل) مهمة التحقيق. في الوقت عينه، يقتنع ليو بأن قاتلاً متسلسلاً (بالاستناد إلى القاتل الحقيقي أندري شيكاتيلو أو «سفاح روستوف») يعمل بحرية، معذباً وقاتلاً الصبية الصغار.

لا بد من الإشارة إلى أن هاردي، أحد أبرز ممثلي إنكلترا (Locke وقريباً Mad Max: Fury Road) يقدّم أداء ممتازاً بصفته رجلاً مهووساً بالعدالة يعرّض حياته ومسيرته المهنية للخطر، إلا أن المشكلة ليست هنا.

يبالغ هاردي في أداء دوره، مفرطاً في اللهجة والعواطف الروسية. ولكن من حسن الحظ أن رفاقه في التمثيل، على غرار الممثل البارع غاري أولدمان في دور شرطي في الضواحي يكون أحد حلفاء ليو القلائل، يعربون عن تحفظ أكبر وفاعلية أعمق.

وهكذا يقدم Child 44 المثير للجدل والاهتمام في آن، صورة ما قام به الأفراد للاستمرار في عالم انقلب رأساً على عقب. وهكذا، بفضل أسسه الفريدة، ينجح هذا الفيلم في تخطي نواقصه الكثيرة، إلا أنه بالكاد يتمكن من ذلك.

back to top