آمال : علبٌ فاخرة

نشر في 28-04-2015
آخر تحديث 28-04-2015 | 00:01
 محمد الوشيحي الشركات المصنعة للمواد الاستهلاكية التي لا يظهر أثرها سريعاً، مثل الكريم المرطب للبشرة، والكريم المزيل للتجاعيد، والسيروم المغذي لبصيلات الشعر، وغيرها من المنتجات التي امتلأت بها الفضائيات... تركز في تسويق بضاعتها على الشكل الظاهري، فالعلبة فاخرة جداً، والغلاف باهظ الثمن، واسم الماركة نخبوي، ووو، وستقضي على كل التجاعيد، وتحلى المواعيد... في حين أنك قد لا تجد نتيجة تُذكر بعد استخدام هذه المواد! الشكل الخارجي أغراك، فصدّقتَ، وأمِنتَ، ودفعتَ، وتكروتَّ.

حكومتنا تستخدم الفكرة ذاتها، لكن بمحتوى فارغ؛ خذ عندك علبة فاخرة، وألواناً براقة، وغلافاً باهظ الثمن، ووعوداً طموحة... فهي ستبني مطاراً جديداً، وستحفر الأنفاق للمترو، وستبني مدينة رياضية تُبكي أهل سيدني حسرة، وستدشن مدينة طبية، كاملة متكاملة، وستبني جسوراً حلزونية لولبية، وستعمل وتعمل وتعمل... وكلها علب فاخرة فارغة، لا تجد فيها إلا الهواء الطلق والهراء الطليق.

وأمس شاهدت مقطع فيديو عن "مترو إسطنبول"، وعما تم إنجازه، وعما تبقى من الخطة، وكلها بالمواعيد. فخطوط المترو هذه أُنجزت في عام 2013، وتلك في عام 2014، وأخرى في هذا العام، ومجموعة من الخطوط سيتم إنجازها في العام القادم، ومجموعة أخرى في العام التالي، وأخرى في العام الذي يليه... وهكذا.

كل هذا موضح بالخرائط والأرقام والأسماء. لم تكن وعوداً في الهواء، ولا علباً فاخرة فارغة. وهنا يكمن الفرق بين الحكومات التي تخشى المحاسبة، وتحرص على إرضاء الشعب وأصواته الانتخابية، والحكومات التي أمِنت العقوبات، فنامت.   

back to top