ناس وناس

نشر في 25-04-2015
آخر تحديث 25-04-2015 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب ‏‫هناك قاعدة علمية تقول: "لإثبات الشيء تحتاج إلى ثلاثة أدلة، ولنفيه تحتاج إلى دليل واحد"، وهذه القاعدة إذا سحبناها على ما قام به بعض أعضاء مجلس الأمة في اتهامهم لجمعية نفع عام بأنها تقوم بإصدار تقارير إلى جهات خارجية تسيء إلى الكويت، فسنجد أنه على أثر ذلك الاتهام توجه رئيس مجلس الأمة بكتاب إلى وزيرة الشؤون يطلب فيه التحقيق مع أعضاء مجلس إدارة الجمعية.

والجميع لا يقبل أن تكون سمعة الكويت مشوهة وسيئة دولياً، لكن من ناحية أخرى لا نقبل أن تتهم أي جهة وطنية أو جمعية نفع عام مرخصة من الدولة باتهامات دون دليل، فما قاله السادة النواب عليهم إثباته بالأدلة الواضحة التي لا تحتمل التأويل، وكان على رئيس مجلس الأمة قبل طلبه من وزارة الشؤون التحقيق في الموضوع، التأكد من وجود أدلة والتيقن من صحتها قبل قذف الناس جزافاً.

وهنا نضع قاعدتنا المذكورة أعلاه، هل هذا الاتهام عليه دليل، وحتى نؤكد الاتهام يجب أن نورد على الأقل ثلاثة أدلة لإثباته، ثم نقوم بتحويل الناس إلى جهات التحقيق، ونحن نمتلك أدلة دامغة على إدانتهم، "أما شحططة الناس بدون أدلة" فهي أمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

وإذا نظرنا إلى موضوع التهمة، وهي إصدار تقارير عن الكويت إلى جهات خارجية، باعتبارها تشويهاً لسمعة البلد حسب رؤية السادة الأعضاء، فإن هناك ثمة جهات أصدرت تقارير عن الوضع داخل الكويت بكل وقاحة، ومجلس الأمة، برئيسه وأعضائه، لم يحرك ساكناً، أم أن الموضوع "مع ناس وناس"؟!

ثم إن جمعيات النفع العام تعمل وفق التخصص والنظام الأساسي لها الذي اعتمدته وزارة الشؤون لإشهارها، وهي جهات رقابية متخصصة رديفة ومساندة لرقابة مجلس الأمة لأعمال أجهزة الدولة والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، ومن حقها البوح بما تراه مخالفاً للدستور والقانون واللوائح والأنظمة، كل حسب تخصصه، وهي مؤسسات وُضِعت لخدمة المجتمع المدني، ولذا فإن محاولة إعاقة أعمالها المنوطة بها ما هي إلا محاولة لتكميم الأفواه من أجل منع الحديث وقمع الحريات، وللأسف فإن هذا القمع يخرج من بيت الأمة المطالَب بفرض المزيد من الحرية، ومن أشخاص المفروض عليهم طلب مساندة تلك الجمعيات والنقابات لإثراء وتقوية العملية الرقابية.

لا نريد أن نذكّر الجميع بأن وصولهم إلى قبة عبدالله السالم كان بقرار واختيار من قبل الشعب، وهو حر في اختياره، وسيكون اختياره في المجلس المقبل، المنتظر بفارغ الصبر، إسقاط من يسعون إلى قمع حريته... وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top