أسطورة قناة سيغوفيا المائية

نشر في 25-04-2015
آخر تحديث 25-04-2015 | 00:01
 د. أفراح ملا علي  تحديداً في قلب مدينة سيغوفيا تقع واحدة من أبزر المعالم المعمارية للمملكة الاسبانية، والتي دونت في اليونسكو كتراث عالمي، ألا وهي قناة سيغوفيا المائية، لكن ما الذي يميز هذه القناة عن غيرها وهي تفتقر إلى النقوش والرسوم، بل وتحتوي على تجويف كما لو كان ينقصها قطعة لم يتم وضعها؟ فمن أنشأها؟ وفي عهد مَن؟

في الحقيقة يصعب علينا تحديد تاريخ دقيق إلا أن الباحثين قدروا تاريخ إقامة القناة المائية في النصف الأخير من القرن الأول الميلادي أو النصف الأول من القرن الثاني، ولعل هذا يعود إلى أن تاريخ تشييد المدينة نفسها غير محدد.

أسطورة القناة المائية يعرفها أهل سيغوفيا برمتهم، فهم يقصّونها للسياح ويتوارثونها جيلاً بعد جيل، ويؤكد أهل مدينة سيغوفيا أنه في سنوات مضت لم يكن من السهل الحصول على الماء فكانوا يسيرون مسافات طويلة وصولاً إلى ينابيع متوفرة خارج المدينة، وبالتالي حمل الماء إيابا إلى سيغوفيا.

 وكانت هناك خادمة تذهب بشكل يومي لإحضار الماء، وذات يوم وعند وصولها إلى منتصف الطريق وبعد أن غلبها الإنهاك واليأس تمنت بقلبها أمنية: مستعدة لتقديم أي شيء مقابل أن يصل الماء إلى أبواب المدينة، ولا أحتاج أبداً أن أمشي كل تلك المسافة، لتسمع فجأة صوتاً خلفها: "هل أنت متأكدة أنكِ مستعدة لتقديم أي شيء مقابل أن يصل الماء إلى أبواب المدينة؟".

فزعت الفتاة، فرأت خلفها رجلاً مهندماً ومبتسماً، فأجابت: نعم! بكل تأكيد!

- سوف أجعل الماء يصل إلى أبواب المدينة بشرط أن تقدمي روحك لي. قال الرجل مبتسماً.

- أجابت الفتاة: أوافق بشرط أن يصل الماء قبل أول شعاع شمس من صباح الغد!

تصافح الرجل والفتاة كميثاق وعهد على أن تتم هذه الصفقة الغريبة، واختفى كلمح البصر، فأكملت الفتاة طريقها معتقدة أنها تهذي بسبب الإنهاك الشديد، لكنها عند حلول الليل لم تستطع النوم بسبب ما وقع في الطريق، فقررت الخروج بهدف جلب الماء باكراً، فوقعت عيناها على بوابة سان خوان، وذهلت عندما رأت الرجل ذاته والنيران تحيط به، وهو يأمر الآلاف المؤلفة من العفاريت والشياطين بإكمال بناء قناة مائية عملاقة.

لم تتوقف الفتاة عن الصلاة والبكاء ندماً على صفقتها مع الشيطان! فوعدت ونذرت للعذراء حتى لا يستطيع الشيطان وجنوده إكمال القناة، وعندما أوشك الشيطان وأعوانه على إنهاء القناة أخذ يحتفل ويرقص قبل وضع الصخرة في الجوف الأخير، فأشرقت الشمس قبل عادتها، وعندئذ خسر الشيطان الصفقة واختفى تاركا القناة العملاقة مجوفة بدون الصخرة الأخيرة. هرعت الفتاة إلى الكنيسة للاعتراف إلى الراهب بما حصل.

قد تكون هذه القصة مجرد أسطورة أو حكاية يرددها أهل المدينة لتسليط الأضواء على هذه القناة السحرية والغريبة، لكن بعد دراسات عديدة لقناة سيغوفيا من قبل المختصين تم تأكيد بعض المعلومات، منها أن القناة المائية متصلة بينبوع يبعد عن المدينة 17 كيلومتراً يحمل اسم فوينفريا، كما أن لها 166 قوساً بارتفاع يقارب 28 متراً. وهي مكونة من صخور عملاقة، ولا وجود لأي نوع من أنواع الاسمنت لتقوية البنيان بين الطوب! أي أن القناة المائية حاربت الزمن والطقس بدون أي شيء يربط بين "قوالب الطوب" العملاقة، لهذا يعتبر سكان سيغوفيا أن القناة لم تشيد على يد البشر، وأنها بحد ذاتها معجزة، بل يؤكد بعضهم أن سيغوفيا في أيام معينة من السنة يتغير وقتها لأن الشمس تشرق عليها باكراً! وفي الوقت الحالي تم وضع تمثال للعذراء في جوف القناة.

فهل علينا أن نحذر مما نتمنى ونريد؟ يقول الكاتب والروائي بابلو كويلو: عندما يتمنى شخص شيئاً يجب أن يعرف مخاطره...

دمتم بأمنيات وفانتازيا إسبانية.

back to top