نائب الأمير: الربيع العربي أدخل منطقتنا في حسابات معقدة

نشر في 22-04-2015 | 00:13
آخر تحديث 22-04-2015 | 00:13
• مثَّل صاحب السمو في افتتاح مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية
• «تماسك جبهتنا الداخلية ووعي مواطنينا مكّنا البلاد من مواجهة رياح الفتنة»
افتُتِح أمس المؤتمر الثامن لرؤساء البعثات الدبلوماسية الكويتية، برعاية الأمير، وحضور ولي العهد الذي أكد ضرورة مواجهة القوى التي تحاول النيل من أمن دولنا واستقرارها، مشيداً بتماسك الجبهة الداخلية ووعي الكويتيين في مواجهة رياح الفتنة.

قال سمو نائب الأمير، ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، إن ما يسمى الربيع العربي الذي صاحبته أوضاع خطيرة ادى الى ادخال منطقتنا في حسابات معقدة، ما فتح المجال لعدم الاستقرار وظهور قوى تستهدف امننا واستقرارنا والمساس بمصالحنا.

وأضاف سموه، خلال كلمته أمس في حفل افتتاح المؤتمر الثامن لرؤساء البعثات الدبلوماسية الكويتية، والذي أقيم في قصر بيان برعاية صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد: «نعمل على مجابهة تلك القوى منطلقين من اساس صلب في بعده الخليجي والعربي والدولي، لنؤكد للعالم اجمع اننا قادرون على التماسك وتوحيد كلمتنا والتحرك في اطار جماعي مؤثر وفاعل لتحقيق اهدافنا وتلبية طموحاتنا».

وأوضح ان تماسك جبهتها الداخلية ووعي مواطنينا وما سطروه من صور التلاحم بينهم مكنت البلاد من مواجهة رياح الفتنة، مشيراً الى ان موقف الكويت تجاه احداث اليمن املاه التزامها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والمبادئ التي تؤمن بها والقائمة على احترام الشرعية الدولية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام خيارات الشعوب والحق في الدفاع عن الامن بعيدا عن الطائفية البغيضة والفئوية الخطيرة.

وفي ما يلي نص كلمة سموه:

«اصحاب السمو والمعالي والسعادة، ابنائي وبناتي رؤساء بعثاتنا الدبلوماسية... يسعدني ان التقي بكم اليوم (أمس) في بداية أعمال مؤتمركم الثامن وأن انقل اليكم تحيات صاحب السمو أمير البلاد، وتمنيات سموه لمؤتمركم بالتوفيق والسداد.

تنعقد أعمال مؤتمركم بعد ان دخلت منطقتنا والعالم اجمع في ظل اوضاع سياسية وأمنية خطيرة هددت كياننا وقوضت أمننا وأشغلتنا عن جوهر قضايانا.

لقد وصف البعض تلك الأوضاع الخطيرة بأوصاف عدة، فكان من وصفها بالربيع العربي، الا انها في حقيقة الامر قد ادت الى ادخال منطقتنا في حسابات معقدة وفتحت المجال لعدم الاستقرار، واليوم ندخل مرحلة جديدة نعدل فيها مساراتنا على ضوء تجارب الماضي ونتعايش فيها المواجهة مع قوى تستهدف امننا واستقرارنا والمساس بمصالحنا.

ونعمل على مجابهة تلك القوى منطلقين من اساس صلب في بعده الخليجي والعربي والدولي لنؤكد للعالم اجمع اننا قادرون على التماسك وتوحيد كلمتنا والتحرك في اطار جماعي مؤثر وفاعل لتحقيق اهدافنا وتلبية طموحاتنا. ولاشك انكم تدركون ابعاد هذه المرحلة وما تفرضه من عمل جاد ومتواصل لنصبح قادرين على التفاعل معها.

رياح الفتنة

كما ان بلادكم، والتي هي جزء من هذا العالم بكل متغيراته واحداثه، تعرضت لرياح الفتنة، ولكن تماسك جبهتها الداخلية ووعي ابنائها وما سطروه من صور التلاحم بينهم استطاعت معها تجاوز ذلك لتؤكد صلابتها وأصالة معدن شعبها.

إنكم مدعوون ان تنقلوا للعالم صورة بلادكم المضيئة التي تنعم بالديمقراطية وتعيش اجواء الحرية وتحرص في تحركها الدبلوماسي في اطار ثوابت الشرعية الدولية وترسيخ اسس السلام واشاعة المحبة بين الشعوب ورفع رايات العمل الانساني ليكون له الأهمية القصوى في ذلك التحرك. كما ان بلادكم تولي قضايا حقوق الانسان ما تستحقه من اهتمام ومتابعة وتحرص على الدفاع عنها والتجاوب مع جهود المجتمع الدولي في الحفاظ عليها فضلا عن جهودها في تحقيق التنمية المستدامة للدول النامية.

كما انكم مدعوون لتؤكدوا للعالم ايضا ان بلادكم ستبقى حريصة على الوفاء بهذه الالتزامات بكل عزم واصرار.

أحداث اليمن

 ان الاحداث التي يشهدها اليمن اليوم تهدد امن واستقرار دولنا وتنذر بتداعيات خطيرة على منطقتنا، ولقد بذلت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهودا كبيرة ومتواصلة حتى لا تصل الامور الى ما وصلت إليه وتوجت هذه الجهود باطلاق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، والتي وافق عليها كافة أطياف المجتمع اليمني وتم تبنيها من مجلس الامن الدولي.

 الا ان تطبيق هذه المبادرة قد واجه صعوبات كبيرة بسبب تعنت الحوثيين واستيلائهم على الشرعية وتطبيق سياسة الامر الواقع عبر القوة العسكرية لتعصف بأمن واستقرار اليمن وتهدد امن دول مجلس التعاون عبر الحشود والمناورات العسكرية والاعتداءات على المملكة العربية السعودية الشقيقة وتجاهل كافة الجهود السلمية ليستمر الواقع الأليم والتهديد السافر لأمن دولنا.

 وإزاء كل ذلك وتطبيقا لمعاهدة الدفاع الخليجي المشترك ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة فقد استجابت دولة الكويت لنداء الواجب وشاركت مع اشقائها في دول المجلس وبقية دول التحالف في التصدي لهذا العدوان ومحاولة اعادة الشرعية الى اليمن الشقيق.

إن موقف دولة الكويت في هذه الأحداث قد املاه التزامها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والمبادئ التي تؤمن بها والقائمة على احترام الشرعية الدولية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام خيارات الشعوب والحق في الدفاع عن الأمن بعيدا عن الطائفية البغيضة والفئوية الخطيرة.

لقد جاء اعتماد مجلس الأمن لقراره رقم 2216 بتاريخ 14 ابريل 2015 ليؤكد صحة التوجه الخليجي وسلامة تحركه لاحتواء هذه الازمة، كما جاء شاهدا على وقوف العالم الى جانب التحرك الخليجي والدول المتحالفة معه في مواجهة قوى الحوثي والجماعات المناصرة له، والتي تسعى لابقاء الشعب اليمني الشقيق اسيرا لقوى الجهل والظلام.

رعاية المواطنين

إننا نسعى جميعا إلى بذل الجهود لضمان العيش الكريم للمواطن الكويتي نوفر له الرعاية والعناية التي يستحقها وأنتم جزء من هذه الجهود في القيام بواجبكم على أكمل وجه في مواقع عملكم المختلفة لتوفير الرعاية له والوقوف على مشاكله والسعي لحلها عبر التواصل معه وتسهيل وجوده في الدول المعتمدين لديها، إضافة إلى رعاية المصالح الكويتية في هذه الدول.

 إن هذا الواجب لا مجال فيه للتقاعس ويبقى هدفا أصيلا نسعى لتحقيقه للحفاظ على المكانة التي نتطلع أن يحتلها المواطن الكويتي والدرجة العالية من الرعاية والحفاظ على مصالح بلدنا الحبيب.

وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ وطننا ويديم عليه نعمة الأمن والاستقرار والازدهار في ظل قائد مسيرتنا وراعي نهضتنا صاحب السمو، وأن يبعد الأخطار عن دولنا الخليجية والعربية وأن يحقق مؤتمركم ولقاؤكم أهدافه المنشودة».

 تقدير العالم

كما ألقى رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، كلمة شكر في مستهلها الرعاية السامية للمؤتمر التي تعكس ما توليه القيادة السياسية من رعاية وعناية للسلك الدبلوماسي، وقناعتها بأهمية دوره في خدمة الوطن والدفاع عن قضاياه في المحافل الدولية، مسترشدين بالنهج المبارك والتوجيهات السديدة التي وضعها صاحب السمو وخطت للسياسة الخارجية الكويتية ملامحها ورسمت خارطة لطريقها، حتى غدت مثار إعجاب وتقدير العالم أجمع بما تقوم عليه من أسس المحبة والسلام.

وقال إن توجيهات سموه السديدة تعد سراجا أضاء ولايزال طريق بناتكم وأبنائكم الدبلوماسيين، ويلهمهم صواب العمل وصلاح المنهج لخدمة بلدنا العزيز وشعبه الكريم في جميع بقاع الأرض، وأضحت بنهجها السياسي المتزن والاقتصادي الرائد والإنساني الأصيل محط أنظار دول العالم، فكان تفاعلها الإيجابي والبنّاء مع القضايا السياسية والإنسانية والتنموية ومشاغلها عاملا رئيسيا لوضع دولة الكويت في مصاف الدول الساعية لخير العالم ولأمن واستقرار ورخاء شعوبه.

ظاهرة الإرهاب

وقال رئيس الوزراء بالإنابة إن الظروف السياسية والأمنية الدقيقة والخطيرة التي تمر بها منطقتنا بفعل الاضطرابات التي شهدتها على مدى السنوات الأربع الماضية، جلبت لمنطقتنا الفوضى وأفرزت تداعيات خطيرة نعاني تبعاتها، ونعمل جاهدين مع المجتمع الدولي لمعالجة ومواجهة إفرازاتها، فظاهرة الإرهاب التي هددت أمن واستقرار العالم مثال لنتاج تلك الاضطرابات.

وأضاف: إن بعثات الكويت في الخارج تتشرف بأن تكون خط الدفاع الأول عن تراب هذا الوطن الذي بذل السابقون جهودا مضنية من أجل أمنه واستقراره، وهي لا تدخر جهدا في التغلب على هذه التحديات من خلال الرصد المتواصل والتشخيص الدقيق والتحليل العميق لمجريات الأحداث وتطوراتها وانعكاساتها على بلدنا وأمنه وأمان شعبه، في إطار من السعي المتواصل لتقوية وتوطيد نسيج العلاقات الدبلوماسية الكويتية وروابطها الدولية.

وتابع: وفي هذا السياق، وتواكبا مع المساعي وتعزيزا للحضور الكويتي إقليميا ودوليا وإنفاذا لتوجيهات سمو الأمير، فقد تم خلال الفترة اللاحقة لمؤتمرنا السابع في عام 2013 افتتاح 6 بعثات دبلوماسية جديدة، ليصل مجموع عدد بعثاتنا في الخارج إلى 104 بعثات، نواصل من خلالها مد جسور التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في سبيل وطن ينعم بمزيد من الاستقرار والازدهار.

وتابع: وفي سياق متصل أيضا، وبرهانا على تنامي أهمية الكويت ومكانتها إقليميا ودوليا، فقد استقبلت البلاد 8 بعثات ومكاتب تمثيلية إضافية منذ عام 2013 ليرتفع إجمالي عدد البعثات والمكاتب والمنظمات الدولية والإقليمية المعتمدة لدى دولة الكويت إلى 132 بعثة.

ثلاثة مؤتمرات

وقال الخالد: «حقيقة لا تغيب عن أحد، وهي أنه يحق للقيادة ولنا جميعا الفخر والاعتزاز بالمكانة الدولية المرموقة التي وصل إليها وطننا، ومشاركة جهود المجتمع الدولي نحو دعم الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات الدولية المختلفة، وعلى رأسها الجانب الإنساني.

ولعل دعوة الأمم المتحدة وأمينها العام إلى دولة الكويت لاستضافة ثلاثة مؤتمرات دولية متتالية لدعم الوضع الإنساني في سورية لهي برهان ساطع على مدى احترام العالم للسياسة الخارجية لدولة الكويت المبنية على الاعتدال والاتزان والقائمة على الإيمان الراسخ بالمعالجات السلمية للمشكلات والقضايا الدولية، في ظل الحرص العميق على تسخير إمكاناتها بما يحقق تخفيف المعاناة الإنسانية لشعوب الأرض كافة عبر المساهمات في المؤسسات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية.

وقد شهد الحفل سمو الشيخ ناصر المحمد، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ خالد الجراح، ووزير شؤون الديوان الأميري بالإنابة المستشار محمد شرار، وكبار المسؤولين بالديوان الأميري وديوان سمو ولي العهد.

back to top