مآسٍ جديدة في المتوسط... وأوروبا تقف عاجزة

نشر في 21-04-2015 | 00:01
آخر تحديث 21-04-2015 | 00:01
• غرق سفينة تقل 300 في مكان مجهول... وإنقاذ العشرات قبالة اليونان
• وزراء خارجية أوروبا يبحثون خيارات عسكرية... ويتخوفون من تحولها إلى عوامل جذب
تتوالى مآسي غرق آلاف المهاجرين السريين اليائسين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، وسط عجز السلطات الأوروبية عن التحرك تجاههم وتخوفها من أن تتحول عمليات إنقاذ هؤلاء إلى عامل جذب لآخرين.

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أمس، أن سفينة تقل أكثر من 300 شخص تغرق حالياً في البحر المتوسط موضحة أنها تلقت طلبا للمساعدة من قبل شخص على متن المركب، وذلك غداة غرق سفينة تقل أكثر من 700.

وأبلغت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها وسائل الإعلام بأن مكتبها في روما «تلقى طلب مساعدة من مركب في المياه الدولية (...) الشخص الذي اتصل قال، إن هناك أكثر من 300 شخص على متن المركب الذي يستقله والذي يغرق حالياً».

وأضافت، أن «هناك ثلاث سفن جنباً إلى جنب في المتوسط»، مشيرة إلى أنها لا تعرف في أي مياه دولة يمكن رصد هذه السفن.

واتصلت المنظمة بخفر السواحل. لكنها قالت إنهم لا يملكون «الوسائل للإنقاذ حالياً» بسبب النقص الذي يواجهونه إثر غرق سفينة أمس الأول قبالة سواحل ليبيا ما أدى إلى فقدان حوالي 700 شخص.

وأوضحت أن خفر السواحل «سيحاولون على الارجح إعادة توجيه سفن» إلى مكان غرق السفينة، موضحة لأنها عملية ليست سهلة لأن «بعض السفن التجارية لا تريد التعاون».

ولقي ثلاثة مهاجرين أحدهم طفل مصرعهم في غرق سفينة شراعية قبال جزيرة رودس اليونانية في جنوب شرق بحر إيجه، بينما تم إنقاذ ثمانين شخصاً آخرين.

وقال مسؤول في شرطة المرفأ، إن «السفينة الشرعية جنحت على الصخور قرب مرفأ رودس وسقط ثلاثة قتلى أحدهم طفل». وأضاف، أن «عدد الناجين بلغ 80 حسب أرقام موقتة».

وأنقذت السلطات اليونانية معظم المهاجرين لكنها لا تستبعد أن يكون عدد الركاب أكبر.

وأضاف المصدر نفسه أن «57 ناجياً لم يصابوا بجروح و23 نقلوا إلى مستشفى رودس».

وشهد عدد المهاجرين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية من السواحل الغربية التركية على متن زوارق هشة، ارتفاعاً في الأيام العشرة الأخيرة.

في غضون ذلك، وصلت سفينة دورية إيطالية إلى مالطا أمس، وعلى متنها 24 جثة تم انتشالها من بين مئات يخشى غرقهم بعد انقلاب مركب لمهاجرين في البحر المتوسط في واحدة من أسوأ الكوارث أزمة المهاجرين غير الشرعيين المتفاقمة. ولم يعرف بعد عدد قتلى الحادث الذي وقع أمس الأول قبالة سواحل إيطاليا، بعد أن قال مسؤولون، إن المركب كان يقل نحو 700 مهاجر يتردد أن بعضهم لا يزال عالقاً داخل السفينة.

وذكرت وسائل إعلام ايطالية أن أحد الناجين وهو من بنغلادش نقل بطائرة هليكوبتر إلى مستشفى في صقلية أبلغ الشرطة أنه كان هناك 950 راكباً على متن المركب الذي غرق حينما هرع الركاب إلى أحد جوانبه للفت انتباه سفينة تجارية مارة.

وقال خفر السواحل الإيطالي أمس، إنه تم انقاذ 28 شخصاً من موقع غرق المركب على بعد 110 كيلومترات من الساحل الليبي.

اجتماع وزراء الخارجية

واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس، في لوكسمبورغ لبحث قضية المهاجرين غير الشرعيين بعد كوارث الغرق الأخيرة. وتواجه أوروبا معضلة في التعامل مع آلاف المهاجرين غير الشرعيين الفارين من العنف والفقر والبؤس في إفريقيا وآسيا.  

ويشكل هؤلاء مشكلة على عدة مستويات للدول المضيفة خصوصاً إيطاليا التي تتحمل العبء الأكبر، وتقول إنها لا تلقى دعماً كافياً من شركائها في الاتحاد الأوروبي. وتتخوف الدول الأوروبية من إطلاق مهمة موسعة لانقاذ المهاجرين في عرض البحر، لئلا تتحول هذه العملية إلى عامل جذب لمئات آلاف اليائسين من إفريقيا وآسيا.  

وتم إنقاذ نحو 11 ألف مهاجر منذ منتصف الأسبوع الماضي، ويشير النمط الحالي إلى احتمال أن يتخطى عدد المهاجرين في 2015 عدد الذين وصلوا إيطاليا العام الماضي والبالغ 170 ألفاً.

موغريني

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني قبل الاجتماع، «لا مزيد من الأعذار» لدول الاتحاد لعدم التحرك بعد كوارث الغرق الأخيرة في البحر المتوسط وطالبت بخطوات فورية، وأضافت: «المسألة الرئيسية هنا هي بناء حس مشترك من المسؤولية الأوروبية، علماً أنه لا حلّ سهلا».

وتتطرق موغيريني بذلك إلى مسألة حساسة، إذ أنها كانت وزيرة خارجية إيطاليا التي تواجه تدفق المهاجرين غير الشرعيين. ومسألة تصنيف المهاجرين لطلب اللجوء أو إعادة الترحيل بالغة الحساسية. وتقول إيطاليا إن شركاءها الأوروبيين لا يقومون بالخطوات الكافية.

وقلصت إيطاليا نهاية العام الماضي عملية «ماري نوستروم» للبحث والانقاذ احتجاجاً على ارتفاع الكلفة، واستبدلت ذلك بمهمة أصغر بقيادة الاتحاد الأوروبي أطلق عليها «ترايتون».

والتدفق الأخير للمهاجرين غير الشرعيين وخسارة الارواح ألقيا بظلال الشك على ذلك القرار، غير أن بعض دول الاتحاد الأوروبي خصوصاً أولئك غير المتضررين بشكل مباشر، يترددون في القيام بخطوات إضافية.

وثيقة أوروبية

وأظهرت وثيقة أوروبية اطلعت عليها «رويترز» أن الاتحاد الأوروبي يدرس إمكانية إرسال سفن حربية إلى الساحل الليبي للتصدي لمهربي النفط والسلاح، لكنه يخشى أن تشجع هذه الخطوة المزيد من المهاجرين على الخروج إلى البحر على أمل أن تنقذهم هذه السفن وتنقلهم لأوروبا.

وفي إشارة صريحة للمخاوف الأوروبية من أن يدفع إنقاذ المزيد من الأرواح بعصابات التهريب لتكديس المزيد من الناس في مراكب غير مأمونة، حذّرت الوثيقة التي تمّت صياغتها قبل حادث غرق المئات يوم الأحد من «عامل الجذب» الذي قد يشكله وجود القوة البحرية باستدراج المزيد من المهاجرين للتوجه إلى أوروبا.

واستبعد دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي أن ترى مثل هذه المهمة النور في المستقبل القريب. وتعد المهمة البحرية المقترحة واحدة من عدة خيارات اقترحها مسؤولون في الاتحاد الأوروبي يعملون مع فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد وتضمنتها الوثيقة السرية حول السبل التي يمكن أن يدعم بها الاتحاد بدوله الـ28  حكومة وحدة وطنية مقترحة إذا نجحت المحادثات التي تجرى بوساطة الأمم المتحدة بين الفصائل المتحاربة في ليبيا.

ومن الخيارات الأخرى الواردة في الوثيقة أن يتولى جنود من الاتحاد الاوروبي تأمين المنشآت النفطية في ليبيا للسماح لشركات النفط العالمية باستئناف عملياتها. ومن الأولويات للقوى العالمية، أن تمنع الفصائل الليبية أيضاً من نقل الأسلحة الممولة من خلال تصدير شحنات من النفط من منشآت تخضع لسيطرة فصائل مسلحة.

وقال الدبلوماسيون الأوروبيون، إن الاقتراحين العسكريين لا يتمتعان بتأييد كبير من جانب الدول الأوروبية رغم أن زملاء موغيريني السابقين في حكومة روما يدفعون لمزيد من العمل الجماعي من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا المستعمرة الإيطالية السابقة ووقف تدفق اللاجئين والمهاجرين الأفارقة الذين تحركهم عوامل اقتصادية ويسعون للوصول إلى شواطئها.

(روما، جنيف، لوكسمبورغ -

أ ف ب، رويترز، د ب أ)

back to top