Lurid and Cute لآدم ثيرلويل... تحفة سرد مغرٍ

نشر في 21-04-2015 | 00:01
آخر تحديث 21-04-2015 | 00:01
قلما تترافق هاتان الكلمتان: بشع ولطيف. رغم ذلك، كما تشير رواية آدم ثيرلويل الثالثة {بشع ولطيف} على نحو مقنع، ما من أمر أكثر بشاعة من اللطف المبالغ فيه.
تروي Lurid and Cute قصة رجل لا نعرف اسمه في عقده الرابع تشير إليه الرواية في مختلف أجزائها بلقب {بطلنا}. تدور الأحداث داخل أطر مبهمة تجمع بين الوجه القاتم البشع من الحياة والنسخة العائلية الجذابة التي نود الإيمان بها.

تشرَّب الراوي، وهو الابن الوحيد المدلل لوالدين ميسورين، كل كلمة ثناء ومشاعر إيجابية لوَّنت نشأته المريحة. وتزوج بامرأة جميلة وذكية تُدعى كاندي. يعيش هذان الزوجان مع والديه، اللذين ما زالا يغسلان ملابسه ويظلان على الهامش، حتى عندما ينغمس ابنهما في تعاطي المخدرات والتجارب الجنسية الصاخبة في منزلهما. يموِّل حياته ونشاطاته من خلال ثروة عائلته وزوجته، بما أنه لا يهوى العمل. ولكن رغم افتقاره إلى الصفات الجيدة، يظل محاطاً بعدد من المساعدين المقتنعين بمواقفه الأخلاقية.

يصرّ البطل: «لدي حياة غنية ومتعاطفة، أوليس هذا مميزاً في النهاية؟».

لا يسعى إلى نيل رضا عائلته وأصدقائه فحسب أو حتى إلى تنمية رضا الذات، بل رضا القارئ أيضاً. فمع أن حياته تبدأ بالخروج عن السيطرة، يظل الحفاظ على صورته شغله الشاغل. وفي مسعاه هذا وفي محاولاته الغريبة للفوز برضا الجميع، لا يشبه أي شخصية أدبية بقدر ما يذكرنا بالشرير المتعاطف الشهير، همبرت همبرت.

تأثير لوليتا

يلمح ثيرلويل أحياناً إلى تأثير {لوليتا} في هذه الرواية، حتى إنه يدعو إحدى حبيبات البطل دولوريس، ويعتبرها هذا البطل بطريقة عفوية {ملهمته}. كذلك تذكر مشاهد الذروة في هذا الكتاب، بحركتها البطيئة، المتقنة، والعنيفة، بصفحات {لوليتا} الختامية.

لكن الجرائم التي تكشف عنها حياة بطلنا، من خلال تلك الأرض الخصبة التي يزدهر فيها التلاعب المنطقي وتبرير الذات، تتجلى بوضوح عندما تُقارن مع شذوذ نابوكوف الغريب. فقد أقام علاقة مع رومي، أحد الأصدقاء المقربين منه ومن زوجته. كذلك ترك عمله بسبب موقف مثالي في غير محله. وينطلق هو وصديقه {هيرو} في موجة جرائم صغيرة، مستخدمين مسدساً مزيفاً يبدو حقيقياً.

يعمل صديقنا البطل، الذي يروي هذه الأحداث، من مكان ما في المستقبل، يتعاطى مع هذه الخطايا من خلال شكل مبالغ فيه من التحليل المنطقي والتفويض الأخلاقي اللذين يألفهما جيداً معظم الغربيين العصريين. فهو يثني على نفسه لأنه شهد عدداً متساوياً من الأفلام التي أعدها رجال ونساء، فضلاً عن أفكاره النباتية، ومن ثم يدفع المال ليقيم علاقة عابرة مع امرأة ويلتهم الهمبرغر بكميات كبيرة. ومع أن علاقته برومي تنتهك عهوده الزوجية، يحاول تبرير نفسه باعتبارها جزءاً من تعبيره عن حبه لزوجته ورومي على حد سواء. فهو بكل بساطة يحبهما أكثر من أن يتعامل معهما بصدق.

تحفل رواية نابوكوف عام 1955 بتفاصيل الإطار العام، حانات البرغر، محطات الوقود على تحد الطرقات السريعة الأميركية وهالة تفاؤل وطني مشرق وواضح. ولكن في Lurid and Cute، يحتل الإطار العام مكانة ثانوية: الموقع إحدى ضواحي مدينة كبيرة لا نعرف اسمها، فضلاً عن أن النص يحفل بإشارات فعلية إلى مطابخ ومعالم ثقافية من كل زاوية من زوايا الأرض. وكما بددت {لوليتا} الصورة الأميركية المثالية في خمسينيات القرن الماضي، تقوض رواية ثيرلويل النظرة المثالية إلى الاقتصاد العالمي.

بعد التحرر من توقعات الثقافة والمجتمع المحليين والشعور برضا الذات بسبب مجموعة واسعة من الأطايب، المخدرات، ومصدار اللهو المستوردة من مختلف أنحاء العالم، لا يقع راوينا في حلقة استهلاكية مفرغة فحسب، بل يطور ميلاً قوياً إلى حب ذات. يقول البطل: {أنا كنت مدمناً على مكانتي في سوق الحياة. أولا تعتقد أن هذا النوع من الراحة لا يتلاءم مع طبيعة إنسان مثلي؟}. وفيما يقوم بعدد من الخيارات غير الحكيمة (المشاركة في عملية سرقة، مثلاً)، يحتفل بحرية رفض التفكير في العواقب. وعندما تحل العواقب لاحقاً، يقر بأنه يقف مذهولاً أمام حظه العاثر.

خطوة طموحة

صحيح أن السعي إلى تحقيق مهمة شبيهة بما أنجزته {لوليتا} يُعتبر خطوة طموحة، وأن سرد ثيرلويل يفتقر غالباً إلى حصافة نابوكوف الضرورية للحد من التكرار الذي يأتي طبيعياً مع مناجاة الذات الداخلية. باستثناء البطل، تملك الشخصيات الأخرى عمقاً وتعقيداً يذكران بلعب الورق. حتى صديق البطل المقرب المدعو {هيرو}، يبدو مجرد تابع له وصورة خارجية عن هويته الداخلية (يشير اسم هيرو بحد ذاته إلى شخصية ثانية مشوهة من {البطل}). صحيح أن غموض الشخصيات الثانوية السطحي يبدو منطقياً باعتباره تعبيراً عن حب الراوي للأنا المتطرف، فضلاً عن أنه مثير للاستياء. فبدل الانجذاب إلى إطار عام حيوي وممتع، نشعر أننا نختنق داخل عقل الراوي المريض.

في مرحلة ما، يشير الراوي بوضوح إلى المناظرات الدائرة حول أهمية الشخصيات المحبوبة في عالم الخيال. يقول معمماً: {أعي تماماً أن كامل تاريخ نظرية الفن يقوم على إزالة مسألة الشخصيات المحبوبة من الصورة}. رغم ذلك، يبقى مشغولاً بفكرة الشخصيات المحبوبة، محبوبة في نظره ونظر مَن يعتبرهم جمهوره.

في هذه الشخصية، يذكرنا ثيرلويل أن الشخصية القوية المؤثرة يجب أن تكون محبوبة. يقول البطل: {لمَ يجب أن يوليك أحد أي أهمية؟}. من الواضح في حالته أن الجواب ليس حبنا لسخريته الطريفة الذكية وهوسه بذاته.

ربما يعود ذلك إلى أنه يعرض بكل تجرد أسوأ ميولنا نحو مدح الذات، الشعور بأننا ضحية، والجبن الأخلاقي. ففي وقت يشارك فيه قراء كثيرون في اقتصاد عالمي مفلس أخلاقياً، مسكتين ضمائرنا من خلال نزعتنا الاستهلاكية وتفادي اللوم، لا شك في أن من المذهل فسادنا تحت المجهر.

تذكرنا رواية Lurid and Cute بمدى ضعفنا أمام مدح الذات.

نظرة عامة

الخلاصة:

تشكِّل Lurid and Cute تحفة من السرد المغري على غرار لوليتا، وهي نوع من الهجاء للنزعة الاستهلاكية والمواقف الأخلاقية المعاصرة.

رأي النقاد الآخرين:

The Guardian: {بالنسبة إلى القارئ الذي لا يؤمن بقدرات هذا الراوي، يشكل الكتاب مصدر إزعاج وإعجاب في آن}.

Kirkus: {في نوع  باهت من السرد السوداوي، يطل رجل-ولد برأسه من خلال سلسلة لا هدف لها من المغامرات الصغيرة ويدخل عالم الإجرام الذي سرعان ما يعود عليه بالعواقب}.

The Atlantic: {تبرهن Lurid and Cute، رواية ثيرلويل الأخيرة، مدى موهبته في تحويل بعض المختارات إلى أكثر من مجرد لعبة}.

مَن كتبها؟

آدم ثيرلويل كاتب له ثلاث روايات، بما فيها Politics وThe Escape. كذلك يعمل على الأقصوصة Kapow!. وقد اختارته مجلة Granta مرتين كأحد أفضل الكتاب الشبان.

مَن سيختار قراءتها؟

محبو نابوكوف والبطل غير المحبوب، القراء الذين يحبون الهجاء الذكي.

العبارات الافتتاحية:

«عندما استيقظت، كنت أنظر وأنا رأساً على عقب إلى صف من اللوحات المخملية على الجدار فوق السرير».

مقطع مميز:

«رحت أفكر في أنني لم أكن مرتاحاً البتة أن أستمر في حبي لأمور مماثلة. لو أن كل هذه المسألة حدثت، مثلاً، داخل بيت شخص سيئ السمعة، ما كان سؤال «ما إذا كان الشخص محبوباً» سيطرح نفسه. فقد مر وقت طويل، لنختار مثلاً من حياة صديقي كايفون، منذ أن دخلت عليك زوجتك وأنت تقيم علاقة مع امرأة أخرى، ليواصل هذا الشخص القول إنه لم يكن هو. وأعي تماماً أن كامل تاريخ نظرية الفن تقوم على إزالة مسألة الشخصيات المحبوبة من الصورة. وحدهم المشاهدون غير المثقفين مثل نيلسون يقولون: يا إلهي! لا يحتوي هذا الفن على أي شخص تود مرافقته. ولكن ربما توصل نيلسون إلى فكرة مهمة. أعني: لمَ يجب أن يوليك أحد أي اهتمام؟».

back to top