لا خيار إلا هذا الخيار!

نشر في 20-04-2015
آخر تحديث 20-04-2015 | 00:01
 صالح القلاب للمرة الأولى منذ انفجار الأزمة السورية، قبل أربعة أعوام ويزيد، يضطر بشار الأسد إلى قول الحقيقة المُرة، فهو في لقاء مع صحيفة "إكسبرس" السويدية، اعترف بأن الوضع في سورية "أكثر خطورة وأكثر سوءاً"، وبالطبع وكالعادة فإنه بدلَ أن يتحلى بالشجاعة، التي تقتضيها مصلحة بلد حكمه هو ووالده نحو خمسة وأربعين عاماً وأوصلاه إلى هذه الأوضاع المأساوية التي وصل إليها، بادر إلى الهروب بعيداً، وحمَّل "التدخل الخارجي" مسؤولية مشكلةٍ "غدت معقدة"، حسب رأيه ووجهة نظره.

هناك مثل يقول: "رمتني بدائها وانسلَّت" فابْن أبيه يرى أن "تركيا والسعودية وقطر دول ليست مستقلة! ولا تمتلك أجندة خاصة بها"، أمَّا سورية، التي لا رأي فيها إلا رأي قاسم سليماني بمشاركة غلام الولي الفقيه حسن نصرالله، فإنها مستقلة، وتمتلك أجندتها الخاصة، ولذلك فإن رئيسها دعا مهنئيه، بعد انتصار حراس الثورة و"حزب الله" في إحدى معارك حمص، إلى توجيه التهنئة الحقيقية إلى الولي الفقيه علي خامنئي لا إليه.

 والمضحك فعلاً أنَّ بشار الأسد قد شكا من "شيطنة" الغرب له ولـ"دولته"، وقال إنَّ ذلك يحاكي ما يتعلق بـ"أوكرانيا"... وشيطنة بوتين، وكأن هناك أكثر شيطنة مما فعله هو بالشعب السوري على مدى الأعوام الأربعة الماضية، حيث تجاوز عدد القتلى المعروفة أسماؤهم الربع مليون، هذا غير الدمار والخراب اللذين حلا بمعظم المدن السورية، وغير فتح الأبواب لعشرات التنظيمات المذهبية المستوردة من العراق وإيران... وأيضاً من أفغانستان وباكستان وحتى من الصين.

الآن أصبحت الأزمة السورية قضية منسية، والآن بات الأفق مسدوداً أمام الحلول السياسية بعد إفشال "جنيف 1" واختراع لقاءات موسكو التي هي كمَنْ يفاوض ويحاور نفسه، ولهذا فإذا كان بشار الأسد عندما يقول "إن الوضع في سورية أكثر خطورة وأكثر سوءاً" يعترف بحقيقة أن الحلول العسكرية التي اعتمدها وبقي يصر عليها قد فشلت فشلاً ذريعاً، فإن عليه أنْ يتحلى بالشجاعة المطلوبة في مثل هذه الظروف، وأن يعلن استعداده للتنحي على أساس مقترح "المرحلة الانتقالية" حفاظاً على وحدة بلده وعلى وحدة الشعب السوري.

 إنه لا خيار إلا هذا الخيار، أما الهروب من مواجهة الحقيقة والاستمرار في الحديث عن مشاورات موسكو الفاشلة والبائسة والمضحكة واعتبار أنها من الممكن أن "تشكل أساساً للحوار القادم بين السوريين"، فإن هذا مضيعة للوقت، وهروب من استحقاق لا بد منه، فالعودة - بعد كل هذه الكوارث التي حلَّت بسورية - إلى الدوران حول النفس، وإلى الألاعيب والمناورات والأكاذيب تعني المزيد من الدَّمار والمزيد من التمزق، وتعني المزيد من الإثباتات والأدلة عندما سيقف بشار الأسد ذات يوم قريب أمام محكمة التاريخ.

 لقد ثبت بعد أربعة أعوام أن القوة المستوردة، الإيرانية والروسية، قد فشلت أمام تصميم الشعب السوري على تحقيق أهداف ثورته... ولهذا فإن الأفضل لبشار الأسد ألا تبقى تأخذه العزة بالإثم، فالشجاعة هي أن يضحي المسؤول بكرسي الحكم من أجل الحفاظ على وحدة شعبه، أما الاستمرار في الإصرار على إدارة الظهر لحقائق الأمور فإن ثمنه سيكون نهاية كنهاية قادة الصِّرب الذين كانت نهايتهم محاكم الجرائم الدولية.

back to top