استرجع طاقتك الحيوية عبر الـ «كي كونغ»!

نشر في 20-04-2015 | 00:02
آخر تحديث 20-04-2015 | 00:02
No Image Caption
تزداد التقنيات الآسيوية شيوعاً، لا سيما رياضة {كي كونغ} التي يشيد الجميع بمنافعها. لهذه الرياضة آثارها العملية ويعترف الطب اليوم بمزاياها أيضاً.
يهدف فن الـ{كي كونغ} إلى تعلّم المحاربة وكيفية مواجهة الخصوم، تزامناً مع استعادة السلام الداخلي وكبح القوة الجامدة. إنها مجموعة من التمارين التقنية التي تستهدف البعد الجسدي. يحب كثيرون مشاهدة الفنون القتالية لأن الفاعلية المنشودة تترافق مع تناغم كبير في الحركات.
رياضة الكي كونغ جزء من كنوز الثقافة الصينية المبنية في الأساس على إدراك إيقاع التنفس وإقامة توازن بين الجسم والروح. تشمل هذه الممارسة القديمة وسائل عدة تشتق من المدرسة الطاوية والبوذية والطب الصيني. تطور جميع هذه الوسائل ثلاثة جوانب أساسية: الحركة، والتنفس، وتركيز الروح أو الوعي.

فن قديم

يمكن رصد آثار رياضة الكي كونغ منذ القرن الخامس حيث كان بعض الأديرة يعلّمها، لكن يُقال إن هذا الفن يعود إلى أكثر من 5 آلاف سنة. مستوحى من الفنون الطاوية ويهدف في المقام الأول إلى إطالة العمر. بدأ أبرز ممارسي رياضة الكي كونغ بتطويرها سعياً إلى بلوغ أعلى المستويات. صمدت هذه التقنية طوال قرون قبل أن تعيق الثورة الثقافية مسارها. ثم تجددت رسمياً في الصين في عام 1981. تطورت نسخ مختلفة منها مع مرور الوقت وبحسب المناطق الجغرافية.

تمرين حقيقي

الكي كونغ تمرين صيني تقليدي يستهدف التنفس على وجه التحديد لكن لا يقتصر الأمر على ذلك. حين نشاهد أشخاصاً من جميع الأعمار وهم يقومون بهذه الحركات البطيئة في الهواء الطلق، قد نندهش من تصنيف هذا التمرين في خانة النشاطات الرياضية. لكن عند التدقيق به، سنلاحظ أنه يتطلب مستوىً عالياً من التوازن وبنية عضلية ممتازة. تبرز أيضاً أهمية التركيز كما يحصل خلال تمارين اليوغا. أخيراً، تتطلب هذه الممارسة صبراً طويلاً وانتظاماً شديداً لتحقيق النتيجة المنشودة.

لذا يعرّف البعض رياضة الكي كونغ بعبارة {التحكم بالطاقة الحيوية}. تهدف التمارين إلى تقوية التيار الحيوي وتحفيزه من خلال استهدافه. من المعروف أن الناحية الجسدية ترتبط دوماً بالناحية العقلية: إذا ارتفع مستوى الحيوية، يتحسن التوازن أيضاً ويمكن حينها التحكم بالعواطف بطريقة أفضل.

منافع ملموسة

تتعلق أبرز منفعة في مجال رياضة الكي كونغ بسهولة تطبيقها بالنسبة إلى الجميع، بغض النظر عن العمر وحتى الحالة الجسدية. يرتفع عدد كبار السن الذين يمارسونها كونها لا تسبب أي آثار غير مرغوب فيها. يمكن تنفيذ التمارين من خلال حركات ووضعيات يجب تطبيقها ببطء تزامناً مع تنشيط التنفس ورفع مستوى الوعي الجسدي. في هذا الصدد، تُطبَّق مبادئ الطب الصيني لأن الهدف الحقيقي من التمارين هو الحفاظ على الصحة أو تحسينها. يُفترض أن تسمح التمارين بتحسين وظيفة الأعضاء بشكل عام، وقد يحصل ذلك أحياناً بطريقة خاصة، ويمكن إشراك العواطف في هذه العملية. يجب أن يحصل ذلك كله مع مراعاة نقاط الطاقة في الجسم.

من المعروف أن السعادة والقلب مترابطان، وينطبق الأمر نفسه على الهموم والطحال، أو الحزن والرئتين، أو الخوف والكلى، أو الغضب والكبد. من خلال بث طاقة جديدة، يمكن أن يتعاون الجسم والروح لتحسين مستوى الوعي الذاتي. لا يعني ذلك حذف المشاعر، حتى لو كانت سلبية، بل عدم الوقوع ضحية لتلك المشاعر.

لا يكون التنفس مستقراً بل إنه أشبه بقوة تنشط بحسب البيئة المحيطة، إذ تسمح التمارين في المقام الأول بتجديد التواصل مع الذات قبل النجاح في تحسين طريقة إدراك العالم الخارجي. تناسب هذه المقاربة الحياة الناشطة التي تعج بالضغوط النفسية. لا يتسنى للجميع أن يبطئوا مسار حياتهم.

يُشار إلى نشوء تجارب جديدة مع مرضى السرطان: بالنسبة إلى الصينيين، ينجم مرض السرطان عن اختلال في توازن الطاقة. رغم شيوع وسائل الطب الغربي، يمكن اللجوء إلى مقاربات تقليدية لاستكمال العلاجات المعروفة. الكي كونغ جزء من تلك المقاربات ويُستعمل بكل جدية لتحقيق الشفاء والحفاظ على صحة جيدة. لكن تبدو هذه الوسيلة مفيدة بغض النظر عن طبيعة المرض. وفق الباحثين الغربيين، هي تسمح بتفعيل استعمال الأوكسجين في الدم. عموماً، تُستعمل رياضة الكي كونغ لتحسين نوعية حياة المرضى.

تجارب متنوعة

أصبحت رياضة الكي كونغ معروفة رسمياً وتتعدد التجارب في مختلف البيئات:

 في أماكن مثل السجن حيث يرتكز العمل على الاسترخاء، لا سيما بين الأشخاص المحتجزين في أماكن مغلقة.

  في بيئة العمل بالنسبة إلى الموظفين الذين يعملون طوال ساعات وهم جالسون، إذ يمكن أن يتلقى هؤلاء تعليمات يسهل تطبيقها في مكانهم (تدليك ذاتي للعنق مثلاً).

  في المجال الصحي كي يقاوم الموظفون آثار التعب.

يمكن تكييف هذه التمارين بحسب حاجات وحالات الأشخاص المعنيين. لطالما كان الوضع كذلك، فقد أنشأ المرشدون الصينيون القدامى ترتيبات معينة للنساء تحديداً للتكيف مع التغيرات الموسمية مثلاً. باختصار، إنه نشاط جسدي مفيد وسليم ومريح ويناسب الناس من جميع الأعمار!

ممارسات مختلفة

تشي ننغ كي كونغ

في الصين، تتعدد أشكال الثقافة الجسدية والروحية التي تشتق من مدارس مختلفة مثل الطاوية والبوذية والكونفشيوسية والفنون القتالية والطب الصيني التقليدي. تجمع تقنية تشي ننغ كي كونغ جوهر هذه المدارس المختلفة ضمن نظام كامل ومنظّم وهي تستطيع إعطاء قدرة علاجية ذاتية. عند الجمع بين هذه المعرفة القديمة والمعارف الجديدة في عالم الطب وعلم النفس، تصبح هذه المقاربة سهلة التطبيق وتتّسم بفاعليتها المبهرة. لهذا السبب، تُعتبر رياضة تشي ننغ واحدة من الوسائل الأكثر شيوعاً في الصين وفي أنحاء العالم.

تعمل تقنية تشي ننغ كي كونغ وفق درجات تصاعدية ترتكز على ثلاثة وسائل أساسية:

الوسيلة الأولى: {التقاط الطاقة الخارجية}

تسمح هذه الحركات السلسة والطبيعية التي تترافق مع لحظات من التخيل بتطوير إدراك معين عن معنى الطاقة والحدس والإبداع، كما أنها تعزز الهدوء والاسترخاء العميق.

الوسيلة الثانية: {توحيد الجسم والروح}

إنها مجموعة من الحركات والوضعيات التي تهدف إلى نقل الهواء والدم إلى جميع أجزاء الجسم. بالإضافة إلى إعادة تنظيم خطوط الطاقة، تسمح هذه الطريقة بالغوص في عمق الجسم الداخلي.

الوسيلة الثالثة: {انصهار بين الأعضاء الخمسة الأساسية}

من خلال الجمع بين وضعية {مودرا} والأصوات، يمكن تنشيط الطاقة في الأعضاء الداخلية. وعند استعادة التناغم بين الأعضاء الخمسة، يمكن ضمان توازن نفسي وعاطفي وتوحيد مصادر الطاقة في مركزها.

جيانسنغ كي كونغ

إنها الوسائل التي طورتها وسوّقتها جمعية {كي كونغ} الصينية التابعة لمكتب الرياضة. طورت هذه الجمعية أربع وسائل من رياضة الكي كونغ لتقوية نقاط الصحة في الجسم. ترتكز تفاصيل هذه الوسائل الأربع على مشاريع بحثية كبرى مبنية على نظريات الطب الصيني التقليدي والطب المعاصر وعلم النفس ومعارف أخرى ترتبط بالنشاطات الجسدية. تجمع هذه الوسائل جوهر المقاربات المختلفة من تقنية كي كونغ، فضلاً عن معارف وتجارب خبراء كثيرين في هذه الرياضة وفي مجال الصحة. تبدو التقنيات المطورة غنية جداً وهي تقترح مقاربة علمية يسهل فهمها وتطبيقها، كذلك توفر منافع بارزة. تحظى هذه الوسائل بإشادة واسعة من هواة الكي كونغ في الصين وفي مختلف أنحاء العالم.

للحفاظ على صحة جيدة، يجب القيام بهذا النشاط الجسدي والحفاظ على هدوء داخلي. بفضل حركات سلسة وبطيئة، تسمح رياضة الكي كونغ بحماية الوظائف الحيوية وتنشيط الجسم والروح في آن من دون المجازفة بالتعرض لإصابات أو الشعور بإجهاد شديد أو مواجهة أي آثار ضارة أخرى يمكن أن تنجم عن تمارين جسدية مكثفة.

أثبتت الفحوص الجسدية أن ممارسة تمارين جيانسنغ كي كونغ بانتظام يمكن أن تحسن سرعة ردود الفعل والقوة العضلية والتوازن والمرونة ومستوى التنسيق، فضلاً عن زيادة قوة الرئتين وتنظيم إيقاع القلب وضغط الشرايين وكثافة العظام.

وفق الأبحاث الحاصلة في هذا المجال، يمكن أن تعزز تقنية جيانسنغ كي كونغ التوازن النفسي وتساعد على تخفيف مستوى القلق والاكتئاب وتحسين التركيز والوظائف العقلية عموماً. كذلك، يمكن أن تؤدي ممارسة تمارين جيانسنغ كي كونغ بانتظام إلى إبطاء آثار الشيخوخة من خلال الحفاظ على التجاوب الفكري وتحسين مستواه، إلى جانب حماية قدرة الأعضاء على التحرك وحفظ الذكريات على المدى القصير وزيادة مستوى الانتباه.

back to top