«100 عام من الإبادة إلى السيادة» لكارو قيومجيان

نشر في 19-04-2015 | 12:02
آخر تحديث 19-04-2015 | 12:02
No Image Caption
في الذكرى المئوية لمذابح العثمانيين بحق الأرمن

أصدر الكاتب كيراكوس (كارو) قيومجيان كتابا بعنوان «100 عام من الإبادة إلى السيادة» بمناسبة الذكرى المئوية للمأساة  الأرمنية التاريخية التي وقعت سنة 1915.
تناول الكاتب كيراكوس (كارو) قيومجيان عبر إصداره الجديد {100 عام من الإبادة إلى السيادة} سبل المحافظة على الهوية الأرمنية، مستذكراً المذبحة المأساوية التي تعرض لها الشعب الأرمني في خضم الحرب العالمية الأولى.

ينتقد قيومجيان في مقال {لن تنجح تركيا بالاستحواذ على التاريخ الأرمني}، أفعال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويقول: {مبادرة انتهازية جديدة أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاوز فيها كل الأعراف السياسية والديبلوماسية والإنسانية والأخلاقية، حين وجّه دعوة الى زعماء العالم لحضور نشاطات الذكرى المئوية لحرب غاليبولي (دردنيل) في 24 أبريل، في تزامن مفتعل مع إحياء الدولة الأرمينية {الذكرى المئوية لإبادة الأرمن} في اليوم نفسه.

 وأشار الكاتب إلى تزييف الحقائق بقوله: {والأنكى إن أردوغان لم يوفر، بدعوته، حتى رئيس أرمينيا، الدولة التي يدور بينها وبين تركيا نزاع دبلوماسي بسبب رفض الأخيرة الاعتراف بحصول {إبادة} في حق الأرمن في المجازر التي تعرضوا لها في عهد السلطنة العثمانية  سنة 1915، وقتل فيها مليون ونصف المليون من الأبرياء الأرمن. وقد أثارت الدعوة غضباً واستياء عارمين في العاصمة الأرمينية يريفان التي رأت فيها محاولة تركية {لتزوير التاريخ}.

أحداث يجب ألا تنسى

وفي مقال «أحداث يجب ألا تنسى»، ولكي لا تمر مثل هذه المناسبات من دون تذكير الضمير العالمي بأول إبادة عرقية في التاريخ الحديث، ولكي يبقى الحدث بارزاً وناقوساً يذكّر الناس بما حدث في تلك الفترة السوداء من تاريخ الإنسانية، يكتب كيراكوس (كارو) قيومجيان: «والأهم لكي لا تتكرر المأساة، فعلى المجتمع الدولي والقوى الكبرى واجب حض النظام التركي على التجاوب مع متطلبات العدالة والسلام العالميين، من حيث خلع بذور احتمالات الصدام مهما كان شكله وحجمه. الأتراك بإنكارهم القضية الأرمنية يزيدون بؤرة توتر إضافية في المنطقة المتوترة والمضطربة أصلا، التي لا تنقصها مشكلة إضافية تعكر البيئة».

وأضاف: {الأرمن لن يتخلوا عن حقوقهم التاريخية الثابتة المرتهنة لدى الأتراك إطلاقاً، ومهما طال الزمن ومهما زادت المحن فإن الثمانية ملايين أرمني المنتشرين حول العالم يعملون دون كلل، وكل في موقعه لاسترجاع الحق المغتصب والكرامة المهدورة من قبل الأتراك، وبوجود نصف هؤلاء بصفة محامين ملتزمين بقضيتهم والدفاع عنها، والنصف الآخر كجنود لخدمة القضية أو عمال لها يملؤهم الفخر والأمل مؤمنين بأنه لا يموت حق وراءه مطالب}.

 وفي مقال آخر يكتب: « نحن الآن نتمنى أن الأرمن الذين فقدوا حياتهم بدايات القرن العشرين، أن يرقدوا في سلام وأننا نتقدم بتعازينا لأحفادهم».

مواقف تركية

ضجت وسائل الإعلام التركية والأرمنية وبعض وسائل الإعلام العالمية المعنية، كما كثرت تصريحات لمسؤولين كبار في دول  بسبب البيان الذي صدر عن موقع رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوغان، في مناسبة إحياء ذكرى الظروف الأليمة التي مرت فيها شعوب العالم، جراء الحرب العالمية الأولى، والضحايا التي قدمها كثير من شعوب العالم، ومنهم المواطنون العثمانيون، وخصّ بالذكر ضحايا المواطنين الأرمن، وارتجى الله أن يريح أرواحهم، وقدّم أيضاً العزاء لأحفاد الضحايا، طبعا بعدما  مر في بيانه على تكرار المواقف التركية المعروفة منذ 50 سنة وأكثر، عن ضرورة طي صفحة أحداث الماضي والتطلع قدماً لفتح صفحة جديدة للعلاقات الخ...

صدر البيان على صفحة رئيس الوزراء وبتسع لغات، منها الأرمنية الشرقية والأرمنية العربية إلى جانب اللغة التركية واللغات الرسمية الأخرى، وكان تعقيب وزير الخارجية التركية السيد داود أوغلو سريعاً فأثنى على البيان، وصرح لوسائل الاعلام بأنه نداء إلى الأرمن قائلا: {نتمنى الرد من الجانب الآخر}.

شيمة الكرم

في ما يتعلق بالتعاطف العربي مع مأساة الأرمن لاسيما أن الشعوب العربية عانت من نير الاحتلال وبطشه وذاقت  مرارة القتل والتشرد والاضطهاد، يشكر قيومجيان العرب ويلفت في هذا السياق:«إن كانت شيمة الكرم أيضاً تعني رد التحية بأحسن منها، إذاً ليس لنا نحن الأرمن إلا الانحناء لكرم الأخلاق العربية الذي استقبلنا في تلك الأيام الأليمة وساعدنا في محنتنا وأطعم أطفالنا وكساهم وستر نساءنا، ولم يبخل من كرمه بشيء، رغم شح الموارد في تلك الأيام في مناطق دير الزور ومسكنة والرقة السورية الواقعة في تلك الفترة تحت الحكم العثماني، إذ لم يقصر العربي البدوي النشمي عن تقديم أي مساعدة للأرمن المضطهدين، وحاول قدر المستطاع إنقاذ الأرمن من يد درك الأتراك المدججين بالسلاح الذين كانوا يجرون قوافل المهاجرين، معرّضاً نفسه للخطر والمساءلة.

 لم يكن سكان المدن السورية والعربية أقل منهم لطفاً وكرماً فوصلت بقايا المهجرين في دور الأيتام ودور العجزة وبيوت الصفيح، إلى أن استقرت حالهم بفضل همتهم ونشاطهم ومساعدة الأخوة العرب لهم، وتسهيل معيشتهم وتنقلاتهم، فبقي من رغب منهم في سورية ولبنان والعراق، وأخذ آخرون طريقهم الى فلسطين والأردن ومصر، كذلك وجد الكثير منهم طريقه إلى أوروبا وخاصة فرنسا التي كانت متنفذة آنذاك، ومنهم من أكمل طريقه الى أميركا ليتباعد الشعب الأرمني في الشتات».

ويتابع في المقال ذاته: «كل الشكر والعرفان للعرب الذين أصبحنا منهم، شكراً لكل العرب بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم وعشائرهم، شكراً لسورية، وبيروت، والقاهرة، والإسكندرية، والعراق، وعمان، والقدس، وكذلك الشكر الوفير للكويت المحروسة أميراً، وحكومة، وشعباً لما تغدقه على الأرمن من جميع جنسياتهم ... حياة آمنة وعيشة رغدة وحسن معاملة}.

إبادة عرقية

ومن محتوى الإصدار، يستذكر الكاتب: «اليوم ونحن على اعتاب الذكرى المئوية لشهداء الأرمن المليون ونصف مليون في 24 أبريل 2015، نتوقع من رئيس وزراء تركيا وهو الرجل الحازم القوي في تاريخ الحكومات التركية في العصر الحديث، أن يتخذ موقفاً أكثر شهامة ونبلا... قولا وفعلا، ويعلن بصريح العبارة أن ما جرى للأرمن نهايات حكم السلطان العثماني عبد الحميد، كان إبادة عرقية يعتذر عنها أحفاده اليوم، وأنهم بهذا يكونون قد أوفوا بالتزامهم المعنوي والإنساني حيال شعوب العالم المتحضرة وأحفاد الأرمن، وأن تقبل الحكومة التركية، بشجاعة، فكرة إعادة الأرمن أو تعويضهم عن ممتلكاتهم المادية إلى جانب المعنوية أيضاً، متطلعاً إلى ما في مصلحة الشعبين الجارين منذ قرون وبدء الحوار المتمدن».

البابا فرانسيس يعترف بالمأساة الإنسانية التاريخية

للمرة الأولى، استخدم البابا فرانسيس كلمة {إبادة} لوصف مجازر الأرمن التى وقعت قبل مئة عام إبان حكم العثمانيين، مثيرا بذلك اضطرابات كبيرة في العلاقات الدبلوماسية بين الفاتيكان وتركيا. وقال البابا فى قداس احتفالي بكاتدرائية القديس بطرس في روما مستندا إلى وثيقة موقعة في عام 2000 من البابا يوحنا بولس الثاني وبطريرك الأرمن: {اجتازت عائلتنا البشرية في القرن الماضي ثلاث مآس جماعية وغير مسبوقة، الأولى اعتبرت بشكل كبير كأول إبادة في القرن العشرين ضربت شعبكم الأرمني}. وأضاف إن الأخريين ارتكبتا من قبل النازية والستالينية، وفي وقت أقرب جرت تصفيات جماعية مثل تلك التي وقعت في كمبوديا ورواندا وبوروندى والبوسنة}. وعلى الرغم من أن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني استخدم هذا التعبير عام 2000 ضمن وثيقة مشتركة، فإن هذه المرة الأولى التي يتلفظ بها حبر أعظم بشكل علني. وعلى إثر هذا التصريح، استدعت تركيا سفيرها في الفاتيكان للتشاور معه وسط الخلاف الدبلوماسي المتصاعد بعد ان استخدم البابا فرانسيس كلمة {ابادة} لوصف المجازر التي ارتكبت بحق الارمن، خلال الحكم العثماني في الحرب العالمية الاولى، وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية {يتم استدعاء سفيرنا في الفاتيكان محمد باجاجي للعودة الى تركيا للتشاور}، وذلك بعد ان استدعت انقرة في وقت سابق مبعوث الفاتيكان في انقرة للحضور الى وزارة الخارجية}. وكانت تركيا استدعت مبعوث الفاتيكان الى انقرة لطلب تفسير حول استعمال البابا فرنسيس لكلمة {إبادة}.

back to top