البقاء في أفغانستان

نشر في 02-04-2015
آخر تحديث 02-04-2015 | 00:01
 واشنطن بوست لا شك أن تعديل أوباما القصير الأمد هذا سيساهم في ضمان تخطي الحكومة الأفغانية سنة إضافية من اعتداءات طالبان، وقد يساعد في إطلاق محادثات السلام، لكن فرص هذا البلد الطويلة الأمد لا تزال رهن صرامة الرئيس العقائدية.

أعلن الرئيس باراك أوباما قبل أيام تعديلاً بالغ الأهمية في خطته لسحب القوات الأميركية من أفغانستان، مخبراً الرئيس الزائر أشرف غني أن خفض عدد الجنود الـ9800 المنتشرين حالياً في أفغانستان إلى النصف والمقرر تنفيذه بحلول نهاية هذه السنة سيُرجأ، ولا شك أن هذا رد منطقي من الرئيس أوباما على مجموعة من التطورات، بما فيها جهود غني المذهلة لتحسين العلاقات مع واشنطن، إلا أن هذا التعديل ما زال بعيداً كل البعد عما هو ضروري لمنح الحكومة الأفغانية الجديدة فرصة مقبولة لتحقيق النجاح.

سيسمح قرار الرئيس الأميركي هذا للقوات الأميركية بالبقاء في قواعد في شرق أفغانستان وجنوبها تُعتبر بالغة الأهمية في جمع المعلومات وإطلاق العمليات المضادة للإرهاب ضد تنظيم القاعدة، كذلك تتيح تقديم دعم جوي ومساعدات لوجيستية أخرى للقوات الأفغانية التي ستخوض حرباً ضد ما يتوقع أن يكون هجوماً شرساً سينفذه مقاتلو طالبان خلال فصلَي الربيع والصيف.

لكن الأكثر أهمية على الأرجح أن قرار الرئيس أوباما، الذي ترافق مع التزام بتمويل الجيش وقوى الأمن الأفغانيَّين وفق المعدل المتبع راهناً حتى عام 2017 ضمناً، يبعث برسالة إلى قوات طالبان، التي ما زالت تأمل التغلب على الجيش الأفغاني مع تراجع الدعم الأميركي، وكلما ظلت الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة تقديم المساعدة العسكرية لحكومة الرئيس غني، ازدادت فرص أن يتجاوب قادة طالبان مع جهوده الملحة لحملهم على المشاركة في محادثات السلام.

تكمن المشكلة في أن أوباما يواصل تشجيع من يأملون في حركة طالبان التغلب على الولايات المتحدة بالانتظار، فقد شدد الرئيس على خطته بسحب كامل الجنود الأميركيين بحلول نهاية عهده، مع الإبقاء على بضع مئات فحسب. وكما يُظهر قراره المناقض القاضي بتأخير خفض الجنود المقرر تنفيذه هذه السنة، لا ترتبط هذه الخطة بالظروف الراهنة في أفغانستان بقدر ارتباطها بجدول أوباما الزمني الخاص.

لكن هذه الخطة غير مدروسة، فبينما كانت الحكومة الأفغانية تواجه الاضطرابات خلال أشهر من الجدل بسبب الانتخابات الرئاسية السنة الماضية، كانت حركة طالبان تزداد قوة، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 10 آلاف مدني ماتوا خلال القتال السنة الماضية، وهذا رقم قياسي بالتأكيد، في حين اعتبر المسؤولون الأميركيون أن خسائر الجيش الأفغاني لا تعوَّض، ولا شك أن رحيل القوات الأميركية عام 2017 سيحفز حركة تمرد أخرى تنفذها طالبان، ولكن لا يُعقل أن يكون إرث أوباما حرباً أخرى تؤدي في نهايتها إلى دولة فاشلة.

في الوضع الراهن، لا تبدو الظروف العسكرية أو السياسية ميؤوساً منها، فقد حقق الرئيس غني ورئيس الوزراء عبدالله عبدالله تقدماً منذ توصلهما إلى حل لخلافهما الانتخابي واستلامهما منصبيهما معاً في شهر سبتمبر، حيث بدلا العلاقات المتزعزعة مع واشنطن التي ورثاها عن الرئيس السابق حامد كرزاي، ولتعزيز هذا الزخم الأفغاني، سيُربط برنامج مساعدات اقتصادية أميركي جديد بإصلاحات الحكومة التي تقوي المؤسسات وتحارب الفساد. بالإضافة إلى ذلك، نجح الجيش الأفغاني رغم خسائره في تخطي انسحاب أكثر من 120 ألف جندي من قوات الولايات المتحدة والحلفاء.

لا شك أن تعديل أوباما القصير الأمد هذا سيساهم في ضمان تخطي الحكومة الأفغانية سنة إضافية من اعتداءات طالبان، وقد يساعد في إطلاق محادثات السلام، لكن فرص هذا البلد الطويلة الأمد لا تزال رهن صرامة الرئيس العقائدية. عبر الرئيس غني خلال اجتماع له مع المراسلين والمحررين في صحيفة "واشنطن بوست"، بعد جلسته في البيت الأبيض، عن امتنانه "لمرونة" الولايات المتحدة، ومن ثم طرح بعض الأفكار المنطقية والمتعقلة بالخطط العسكرية المستقبلية، قائلاً: "بما أنه من الممكن تنفيذ المسائل بالتسلسل، فلا داعي لأن نعرقل الخيارات المتاحة".

back to top