مصر والحرب على ثلاث جبهات

نشر في 28-03-2015
آخر تحديث 28-03-2015 | 00:01
 عبدالوهاب النصف نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي يعيد إحياء الدولة المصرية التي خاضت ومازالت تخوض معاركها، حيث جاء بعد ثورة ٢٥ يناير، وبعد إسقاط نظام قمعي تعمد تغييب عقول شعبه، ووفر أرضاً خصبة للمتطرفين أن يستغلوا هذه الحالة، فكان توجههم لدغدغة عواطف أصحاب العقول المغيبة، إلا أنهم سرعان ما قضوا على أنفسهم بأيديهم، فممارستهم لم تختلف عن ممارسات نظام مبارك، سوى أن مبارك وصل إلى الحكم وهو مسيطر على مفاصل الدولة، في حين أنهم لم يجدوا الوقت الكافي للسيطرة على مفاصلها، إلى أن جاء ٣٠ يونيو وتدخل الجيش لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من آمال الشباب التي سُرقت في ليلة عتمة لا نور فيها.

وبعد هذه الأحداث بدأت مصر حربها على الجبهة الأولى، وهي ضد إرهاب الإخوان، وأعتقد أنها نجحت نوعاً ما في هذه الحرب، بقطع الطريق أمام من حاولوا تكرار ليبيا أخرى، وهو بحد ذاته نجاح في هذه الجبهة، ولكن لن يقضى على التطرف إلا بوجود إسلام سياسي معتدل، وما حدث في الأردن مؤخراً بإعادة ترخيص جماعة الإخوان بقيادات أكثر اعتدالاً تجربة موفقة، يجب أن تُكرر في مصر، من باب احترام التعدد.

عدم الاستقرار السياسي جعل اقتصاد مصر في حالة انهيار تام، وأفقد المستثمر ثقته بها، وهذا أمر طبيعي، فعقليته لا تبنى على عواطف، إلا أن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي جمعت مصر فيه ١٧٥ مليار دولار كفيل بأن ينعش الدولة المصرية من جديد، والاتفاق على بناء عاصمة مصر الإدارية بقيمة ٤٥ مليار دولار، إذاً نجاح هذا المؤتمر الذي دعا إليه فقيد الأمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، سيخرج مصر من أزمتها الاقتصادية الطاحنة.

والجبهة الثالثة من الحرب هي التي انقسم حولها المفكرون، وأقيمت على إثرها حلقات نقاشية واسعة، وهي هل ٣٠ يونيو ثورة أم انقلاب؟ خرجت ثورة ٢٥ يناير (الثورة الأساس) من أجل مطالب الحرية والعدالة الاجتماعية إلا أنها سُرقت، وتبخرت هذه المطالب على يد النظام الإخواني، فجاءت٣٠ يونيو لتعديل المسار، وعاد الأمل للثوار مجدداً من أجل مطالبهم، فأغلبية الشباب في مصر اليوم يرفضون أي ممارسات مناقضة لمطالبهم من أي نظام كان، جمال عبدالناصر قام بثورة في اقتصاد مصر، إلا أن واحداً من أكبر أخطائه أنه لم يبنِ دولة مؤسسات، ولو كان عبدالناصر بيننا اليوم لثار عليه شعبه بسبب هذا الخطأ، إذاً لن تنتصر مصر في حربها دون انتخابات برلمانية من أجل إتمام خريطة الطريق، وبداية لدولة مؤسسات بحق، يوجد فيها مبدأ ثابت يشمل الجميع، فهناك من يقول إن ٣٠ يونيو انقلاب وآخرون يرونه ثورة، إلا أني أقول إن الزمن هو وحده من سيحدد إن كان انقلاباً أم ثورة.

back to top