هل تقضي تقنيات الإخراج على المشاعر في الكليبات؟

نشر في 28-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 28-03-2015 | 00:01
تمثل الطفرة في التقنيات الحديثة علامة بارزة في صناعة الكليب، فبينما يعتبرها البعض ظاهرة جيدة تؤدي إلى تطوير الأفكار وخدمة أهدافها بشكل أفضل، يتخوّف البعض الآخر من تأثيرها على روح الأغاني المصورة وفقدانها معانيها أمام عناصر الإبهار والمؤثرات الصوتية التي قد تؤثر على وجود المطرب بالذات، وتجعل الآلة في الطليعة قبل الحضور الإنساني.
حول كيفية موازنتهم بين إظهار المشاعر والصدق في أعمالهم‬ وبين استخدام التقنيات الحديثة، استطلعت «الجريدة» آراء مشاهير عرب.
إضافة فكر جديد

أحمد عبدالمحسن

عبدالله الويس

{تغيّر الوضع، في الوقت الراهن، وأصبحت الأغنية منفصلة عن الكليب لاختلاف  المشاعر والأحاسيس بين مخرج وآخر}، يؤكد المخرج عبدالله الويس، موضحاً أنه، من خلال إخراجه الكليبات بين فترة وأخرى، يسعى إلى الحفاظ على اللون الحقيقي للأغنية.

 يضيف: {على المخرج إضافة فكر جديد غير موجود في الساحة الغنائية ولم يتم التطرق إليه، لوضع لمسته الإبداعية من خلال هذه الأعمال}.

يتابع: {الرائج  في الوقت الراهن تركيز المخرجين على تضمين الكليبات قصة معينة، سواء كانت الأغنية رومنسية أو حزينة، حتى لو كانت طربية أو ذات إيقاع سريع، من هنا يجب ألا تتشابه الأفكار، وأن يعي القيمون على إخراج الكليبات هذه الأمور جيداً}.

يرى أن معيار التميز يجب أن يختلف بين مخرج وآخر، لافتاً إلى أن تميزه يكون من خلال التصوير بكاميرا ذات دقة عالية وفائقة الجودة، {حتى طريقة تصوير القصص الخاصة بالأغنية تكون جديدة بأفكار غريبة نوعاً ما}.

طارق ميامي

{التعامل مع الكليبات صعب، ولا يمكن لأي مخرج تنفيذ كليب يلقى نجاحات واسعة}، يوضح الفنان طارق محمد، عضو {فرقة ميامي}، مشيراً إلى أن الفرقة، تعاملت، طوال مسيرتها الفنية، مع مخرجين يتبعون أفكاراً واضحة، وكثيراً ما كان أفرادها  يجادلون المخرج لاختيار فكرة مناسبة للتصوير.

يضيف: {يختلف تصوير الكليبات اليوم عما كان عليه في الماضي، وباتت الأمور أسهل، خصوصاً مع تطور التقنيات الحديثة، ولا أعتقد أنها تضر بالكليب بل التعامل معها أصبح أكثر سهولة، كنا نستغرق أسبوعاً كاملاً لتصوير الكليب، فيما لا يحتاج اليوم إلا لوقت قليل. أما بالنسبة إلى الأزياء، فكنا نختارها بأنفسنا ونتفق مع المخرج على الفكرة الرئيسة للعمل}.

يختلف معيار النجاح بين مخرج وآخر، برأيه، ويتابع: {الوصول إلى التميز ليس بالأمر السهل، كما يتوقع كثر، على المخرج اقتراح أفكار تختلف عن تلك الموجودة حالياً في غالبية الكليبات، وأن يرهق نفسه بالتفكير، من ثم يختار تقنيات وكاميرات مناسبة للتصوير. لكل مخرج طريقة، لكن معيار التميز لدى المخرج يكون في القصة التي تخرج منها الأغنية، وهذا أمر يجب أن يعمل عليه المخرج ولا بد من أن يشاركه الفنان في ذلك}.

علي كمال

 

«أضرّت هذه التقنيات، في غالبيتها، بصورة الأغاني الحديثة وأصبحت من دون معنى»، يؤكد الفنان علي كمال معرباً عن انزعاجه من الكليبات الحديثة، وموضحاً أن وجود كليبات تحمل في طياتها أحاسيس ومشاعر صادقة أمر نادر في الوقت الراهن.

 يضيف: «لو شاهدنا الأغاني القديمة التي تحمل رسائل فنية ذات مستوى رفيع، نجد أن تصويرها صعب، إلا أن المخرجين، آنذاك، وصلوا إلى مرحلة التميز عبر ابتكار أفكار ذات مستوى عالٍ، أما الآن، فقد اختلفت الأمور، ومع أن آلات التصوير تطورت، ودخلت عليها أجهزة حديثة، إلا أن ثمة مخرجين لا يستطيعون إيجاد فكرة مُناسبة لبعض الأغاني المميزة، وبتنا نُشاهد كليبات ذات أفكار غريبة بعيدة عن معنى الأغنية».

 يتابع: «اختلفت معايير المخرجين بشكل كبير، يعتمد البعض على إيجاد أفكار رومانسية، فيما يبحث البعض الآخر عن قصص ودراما من خلال التصوير. من هنا على المخرج الحفاظ على المشاعر الحقيقية للأغنية، وأن يختار أفكاراً لها معنى وتأثير على المُشاهدين، ومن الغريب أن نشاهد أفكاراً بعيدة عن تلك التي نتوقعها من بعض المخرجين، لا سيما أن الأغاني في الوقت الراهن أصبحت متردية، لذلك قد نلتمس العذر لهم، لأنهم قد لا يجدون أفكاراً مناسبة لتلك الأعمال التي لا دخل لها بالغناء من الأساس».

الحفاظ على الأحاسيس والعفوية

بيروت  -   ربيع عواد

وليد ناصيف

{التقنيات الحديثة ضرورية شرط ألا تفقد أي عمل إحساسه} يقول المخرج وليد ناصيف الذي تميزت أعماله بالإبهار النظري والحداثة، فيما حافظت على جوهرها لناحية المضمون.

يعتبر أن استخدام التقنيات بطريقة مبالع فيها وفي غير مكانها هو مفهوم خاطىء عند البعض، مشيراً إلى أن الصورة {الصح} لا تحتاج إلى أموال طائلة وتقنيات استثنائية، بل إلى قرار صحيح يخدم الفنان، وقلة من المخرجين تفكر بهذه الطريقة وتطبقها، حسب رأيه.

  يضيف: {أجيد ترجمة الأحاسيس من خلال الصورة فتظهر كأنها حقيقة، ثمة بصمة خاصة تميز كل مخرج، وأنا أقصد إحداث تغيير أحياناً». وعن كيفية تعامله مع الفنانين يتابع: «في البداية أفكر في تحقيق إضافة معينة للفنان من خلال الصورة التي سأقدمه فيها إلى الجمهور. انطلق من مستوى فنيّ لا مهني في كل مشروع جديد، والدليل رفضي تدخّل الفنان في تفاصيل الفكرة التي أقدمها، وفي حال أصرّ على التغيير اقترح عليه فكرة جديدة أو التعاون مع مخرج آخر»، لافتاً إلى أنه يفسح في المجال للفنان لابداء الرأي بنسبة لا تضرب الفكرة التي يريد تنفيذها.

إنجي الجمال

«الفكرة الجميلة والتمييز في العمل هما الأهم» توضح المخرجة أنجي الجمال التي رسمت هوية خاصة في مجال الكليب واستقطبت  نجوم الصف الأول. تضيف: «الموارد المادية وما يتبع ذلك من تقنيات ضخمة ليستا الأساس في نجاح العمل، فقد أحببت أعمالاً كثيرة نفذّت بانتاج متواضع»، لافتة، في الوقت نفسه، إلى أن من «الطبيعي استغلال المخرج الموارد المادية المتوافرة لديه لتقديم فكرة جميلة، لكن يمكن الانطلاق من شخصية الفنان الحساسة والصادقة لتقديم كليب متواضع، بقالب مبتكر وعميق، يرتكز على هذه الأحاسيس الصادقة، عندها يأسر القلوب».

عن المعايير التي تعتمدها قبل موافقتها على أي عمل تتابع: {من الضروري، بادىء الأمر، التعرف إلى الفنان وسبر أغوار حقيقته الإنسانية لا الفنيّة، لابتكار ما يليق به في قالب قصة درامية قصيرة، ثمّ أبحث معه عن مكان مناسب للتصوير، ونحدد الأفكار وكلفة الإنتاج التي تتفاوت وفق التقنيات المستخدمة في التنفيذ. أخيراً، وهو الأساس، يجب أن أكون معجبة بالأغنية لأنها مصدر وحيي الأول والأخير، وما الكليب سوى لخدمتها».

ميرنا خياط

«لا يفرغ استعمال التقنيات الحديثة الكليب من الإحساس العفوي» تؤكد المخرجة ميرنا خياط، مبررة ذلك بأنها لا تسعى في أعمالها إلى إبراز «عضلاتها» بل إلى إيصال فكرة جميلة سهلة وراقية إلى المتلقي، لذلك تستخدم التقنيات بشكل مبطّن وتصبّ في مصلحة العمل ككل.

عن المعايير التي تؤدي إلى نجاح الكليب تضيف: «مع أن «اللوك» أصبح هوساً لدى المخرجين والفنانين، إنما، برأيي، ليس من الضروري تغيير الملابس وتسريحة الشعر والأكسسوار لتحقيق كليب ناجح، بل وجود وحدة حال بين كلمات الأغنية وألحانها وشخصية الفنان، إضافة إلى الظروف الحياتية التي يعيشها».

حول الخط الذي تنتهجه في تنفيذ أعمالها تتابع: «انتهجت خطّاً كلاسيكياً وهو الأصعب لافتقاده إلى الجنون وإلى مقولة «خالف تعرف»، وهما عنصران يلفتان انتباه المشاهد سريعاً. كذلك لا أستعمل الفنان كحقل تجارب بل أكون مسؤولة أمامه وأتحمّل بمفردي فشل الكليب ونجاحه».

في خدمة الفكرة

القاهرة –  بهاء عمر

يوضح المخرج الشاب كامبا أن استخدام التقنيات أصبح حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، بزعم الحفاظ على المشاعر الصادقة من دون تدخلات، مشيراً إلى أن الجمهور لا يقبل عملاً فقيراً من ناحيتي الصورة أو المؤثرات البصرية والسمعية.

يضيف أن المخرج المتمكن يطوّع أحدث التقنيات لتقديم فكرته بأفضل صورة، وإظهار المطرب بأحسن شكل، لخدمة العمل ككل.

يتابع أن وسائل الاتصال أصبحت أكثر سرعة، بالتالي يقارن الجمهور بين ما يراه على الشاشات المحلية والقنوات العالمية، مؤكداً أنه استوحى أفكار بعض أعماله من كليبات لفنانات عالميات، على غرار بريتني سبيرز وبيونسي، لافتاً إلى حرصه على مزج «اللوك» القديم المرتبط في أذهان الناس بالجمال والهدوء مع استخدام عدسات تبرزه وآلات موسيقية حديثة، ما ينتج أعمالا تحظى بجماهيرية ونجاح.

سهولة وحداثة

يشير المخرج أحمد الفيشاوي إلى أن إظهار المشاعر أصبح أكثر سهولة مع توافر تقنيات حديثة، معتبراً أن من يدعي غير ذلك هو غير متمكن من أدواته ويقدم حججاً للفشل.

يضيف أن من الممكن تقديم استعراضات من الفلكلور ومن حقب زمنية مرتبطة بالرومانسية، بشكل أكثر جاذبية، من خلال التقنيات الحديثة، موضحاً أن المشاعر في الكليب يمكن ترجمتها عبر الوسائل كافة، طالما كانت الفكرة مناسبة، ضارباً المثل بما يمكن إنتاجه من أعمال تظهر مرحلة زمنية في القرن الماضي عبر كاميرات وماكياج أفضل وتأثيرات بصرية وطرق أحدث للمونتاج، بالتالي يكون تأثيرها أكبر.

يشير إلى أن القصة التي يقدمها الكليب هي العنصر الحاسم في إيصال المشاعر، مؤكداً أن بعض الأفكار قد لا يحمل بعداً درامياً، إنما غرضه الأساسي تقديم أعمال استعراضية راقصة بسبب طبيعة اللحن والأغنية، وقد ساعدت التقنيات الحديثة في إنجاحها.

بدوره يرى المخرج محمد عبدالجواد أن الغرافيك والمؤثرات البصرية أصبحت أدوات لا غنى عنها في عمل أي مخرج متمكن، مشيراً إلى أن الفارق بين مخرج وآخر إدراكه أولاً عناصر الأغنية من ناحيتي الكلمات والألحان، ثم اختيار فكرة بارزة تلقى قبولا منه ومن المطرب الذي سيقدمها، عبر نقاش موسع، وإلمامه بأحدث ما وصلت إليه تقنيات التصوير والمونتاج والإخراج، ليحكم على العمل قبل تنفيذه، وما إذا كانت الفكرة يمكن تنفيذها بشكل جيد.

يضيف أن ثمة أفكاراً قد لا تكون جيدة عند تنفيذها، بسبب طبيعة الأغنية أو كلماتها أو ألحانها أو شكل المطرب، لذا يؤدي استخدام تقنيات خداع بصري إلى الإخلال بما يراد إيصاله من الأغنية، مؤكداً أن كل تلك الضوابط متصلة بما يريد صانعو العمل تقديمه من مشاعر وأحاسيس.

ويضرب عبد الجواد مثالا بكليب «محمد نبينا» لحمادة هلال، إذ فرضت طبيعة الأغنية ذات الطابع الديني أن يكون محدوداً في استخدام خدع بصرية، تشغل الناس عن المعنى المرتبط بما يمثل النبي من نموذج للتسامح والسلام والهداية، واستخدام ألوان وزوايا ومودلز مناسبين لكل تلك الأفكار. لكنه، في الوقت نفسه، استخدم أحدث تقنية موجودة في الكاميرات والمونتاج لإيصال المشاعر التي يريدها.

مؤثرات وخلفيات

في تقدير المخرج محمد جمعة أن التقنيات الحديثة ساعدته على نجاح كليب «أنا دنيته» لجنات الذي استخدم فيه مؤثرات ذات طابع حديث، وأدخل خلفيات متحركة بسرعة تتناسب مع لحنها وتوزيعها، موكداً أن فهم المخرج والمطرب للأغنية والاستماع إليها بشكل جيد أسهما في استخدام التقنيات بشكل مناسب، من دون تأثير على وصول المشاعر المطلوبة للجمهور.

يلخص علاقة الفنان بالتقنيات الحديثة في عمله بأنها مثل الملح في الطعام، لكن الوقت والنسبة وطبيعة الغذاء هي التي تحدد الطريقة، بحسب قوله.

يتابع: «ليس مقبولاً أن يستخدم في كليب أغنية رومانسية مؤثرات بصرية تتحرك بسرعة على غرار ما يحدث مع كليب أغنية شعبية، فلكل لون ما يناسبه، واختيار التقنيات مرتبط بالغرض الذي يريده المخرج، ما يساعد في إيصال المشاعر بشكل مطلوب».

back to top