مصطلحات وأحداث... صناعة عربية 100%

نشر في 24-03-2015
آخر تحديث 24-03-2015 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي عندنا مصطلحات لا يمكن تقليدها حتى في الصين، فعندنا شبيحة، ومعارضة معتدلة، وغير معتدلة، في الداخل والخارج، ومعارضة تاهت في وسط خرائط الطريق المنتشرة في عالمنا العربي، عندنا تكتل شعبي وحشد شعبي وجيش شعبي.

يتطور العالم من حولنا في كل مناحي الحياة؛ أجهزة تخترع رحلات إلى الفضاء وخطط لاستعمار أجرام الكون، وعالم اتصالات لا حدود للخيال فيه، جامعات وبعثات ومؤتمرات صحية واكتشافات علمية ومركبات فضائية، ونحن في عالمنا العربي لم نتأخر عن مواكبة هذا العالم في تطوره، فقمنا باختراع أحداث ومصطلحات لا يمكن أن تجد لها مثيلا في أي من بقاع الدنيا، فعندنا رؤساء ينقلون من السجون إلى سدة الرئاسة في مقابل رؤساء ينقلون من سدة الرئاسة إلى السجن.

 عندنا رؤساء يتم إخراجهم من الحفر أو سراديب المجاري بعد أن قضوا أكثر من ثلاثين عاما في الحكم والعيش في القصور واليخوت، وعندنا رؤساء يبحثون وهم في الأجواء بطائراتهم الخاصة عن ملاذ أو ملجأ، عندنا رؤساء تحت الإقامة الجبرية، واختطاف رؤساء وزارات ووزراء، ووثيقة الدستور ومجالس نيابية بعضها معترف به دوليا وليس لها في بلادها حول ولا قوة، عندنا براميل متفجرة، وقنابل موقوتة، وصواريخ مدمرة، وسيارات مفخخة، وقتل وموت وتشريد، وتدور هذه المعارك، ويستمر القتال بين أبناء الوطن الواحد، ثم نصرخ بأعلى صوت: السبب أميركا والمجتمع الدولي، ألم نقرأ قول الشاعر العربي "المتنبي":

من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميّت إيلام

كم هو مخز أن نلقي بأخطائنا على الآخرين، ولم ننتهِ من القائمة بعد، فعندنا مصطلحات لا يمكن تقليدها حتى في الصين، فعندنا شبيحة، ومعارضة معتدلة، وغير معتدلة، في الداخل والخارج، ومعارضة تاهت في وسط خرائط الطريق المنتشرة في عالمنا العربي، عندنا تكتل شعبي وحشد شعبي وجيش شعبي، و... الشعبي، وحوار وطني وغير وطني، ومخرجات حوار هي سر من الأسرار، وعندنا قائمة طويلة من المنظمات الإرهابية وغير الإرهابية ولا نعلم من يقاتل من؟ من الظالم ومن المظلوم؟ وكم هي مؤلمة أوضاعنا العربية؟ فإلى متى ونحن نيام؟ متى نصحو من الأحلام ونتعامل مع الواقع قبل فوات الأوان؟

كنا عشرين دولة وغدونا الآن ما يقارب الثلاثين، غدونا زبائن دائمين لدى مجلس الأمن الدولي، وتفوقنا على دول العالم من حيث عدد المبعوثين الدوليين، متى نتعامل مع الواقع بعيداً عن التمنيات، ففي اعتقادي- وقد قلت ذلك منذ أكثر من سنتين- واهمٌ من يعتقد بقرب سقوط نظام بشار الأسد، واهمٌ من يراهن على انتصار قوات المعارضة، واهمٌ من يعتقد أن يتخلى الحوثيون عن المكاسب التي حققوها، واهمٌ من يعتقد بقرب قيام "دولة فلسطين" بعد أن أصبحت دولتين حتى قبل أن تقوم، بل الأقسى من ذلك أن تدور بينهما حرب طاحنة، وأقيمت المعتقلات لرفقاء الكفاح "المقدس" الذي تلاشى ولم تبقَ منه إلا الذكرى.

لك الله يا أمة عربية موحدة، في خضم هذه الأمواج المؤلمة من الأحقاد والقتال، نضرع إلى الله أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top