وماذا إن خسر نتنياهو؟

نشر في 24-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 24-03-2015 | 00:01
 رافائيل جيلر تُعتبر هذه الانتخابات فريدة من نوعها لأن الإسرائيليين يبدون أقل اهتماماً بمناقشة المسائل الأمنية، فيدعم الناخبون الأحزاب التي يعتقدون أنها ستساعدهم في معالجة عدم المساواة الاجتماعية، فتشمل مصادر قلق الإسرائيليين الكثيرة اليوم كلفة معيشة عالية جداً، وحداً أدنى للأجور منخفضاً جداً، وندرة فرص العمل.

قبل أيام من توجه ملايين الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع، كشف استطلاع للرأي نشرته Channel 2 مساء يوم الجمعة أن الاتحاد الصهيوني الذي يقوده إسحق هرتزوغ وتسيبي ليفني سيفوز بنحو 26 مقعداً، في حين يتأخر عنه حزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو مع 22 مقعداً متوقعاً.

يمنع القانون وسائل الإعلام من نشر استطلاعات رأي إضافية قبل الانتخابات، ولكن بينما نقترب من الانتخابات التي ستُعقد اليوم الثلاثاء، يبدو أن الاتحاد الصهيوني يتجه نحو الفوز، ولكن لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن تأليف حكومة وحدة تجمع هذين الحزبين الرئيسين يبدو مستحيلاً، رغم إنكار نتنياهو وهيرتزوغ.

إن لم يتوصل الاتحاد الصهيوني والليكود إلى اتفاق، وحصل الاتحاد الصهيوني على دعم كافٍ من طرف ثالث ليشكل الائتلاف التالي، يكون عهد نتنياهو كرئيس وزراء إسرائيل طوال ست سنوات قد بلغ نهاية مفاجئة، وهكذا يصبح إسحق هيرتزوغ رئيس الوزراء الثالث عشر لإسرائيل وأول رئيس وزراء من العمال منذ عهد إيهود باراك الذي هزم بنيامين نتنياهو عام 1999.

ولكن إذا تبوأ هيرتزوع منصب رئيس الوزراء في إسرائيل، فماذا نتوقع من السياسة الخارجية الإسرائيلية؟

1- في السنة الماضية، وصلت محادثات السلام مع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس إلى حائط مسدود، مع تبادل نتنياهو وعباس الهجمات الشرسة عبر وسائل الإعلام، حتى إن نتنياهو وصل إلى حد القول إن عباس يتحمل مسؤولية حض الفلسطينيين على تنفيذ اعتداءات إرهابية في القدس.

لا شك أن هرتزوغ وليفني سيبذلان قصارى جهدهما لاستئناف محادثات السلام الهشة، فسبق أن حازت ليفني ثقة عباس، حتى إنها التقت زعيم فتح هذا في لندن من دون إذن من نتنياهو، وفي الأيام القليلة الماضية هدد الفلسطينيون بقطع الروابط الأمنية مع إسرائيل، إلا أن عباس نفسه قال أخيراً إن القرار لن يُحسم إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية، ولكن إن فاز هرتزوغ وأصبح رئيس الوزراء التالي، فمن المرجح أن يتوصل مع عباس إلى صفقة بشأن التعاون الأمني، كذلك سيحاول هرتزوغ التقرب من عباس لإعادة تنشيط محادثات السلام.

2- سيعتبر هرتزوغ إصلاح العلاقات مع إدارة أوباما خطوة أولى أساسية، ولا بد من الإشارة إلى أن هرتزوغ، عندما حظي بفرصة السفر إلى واشنطن برفقة نتنياهو لمخاطبة الكونغرس الأميركي بشأن إيران، رفض الدعوة. وستحرص حكومة هرتزوغ بالتأكيد على تفادي خطوات مثيرة للجدل، مثل إعلان خطط بناء المستوطنات خلال زيارة مسؤول أميركي بارز للقدس، فضلاً عن أن ائتلاف هرتزوغ سيعمل في الحال على إعادة إرساء علاقات قوية مع واشنطن. وإذا فاز هرتزوغ في الانتخابات، فسيتلقى على الأرجح دعوة سريعة لزيارة البيت الأبيض. صحيح أن لنتنياهو وهرتزوغ سياسة مشابهة تجاه إيران، لكن هرتزوغ أعلن أنه يعتقد أن من المهم العمل مع إدارة أوباما ودول غربية أخرى بدل تخطي الرئيس ومخاطبة الكونغرس الأميركي مباشرة، مع انتقاد إدارة أوباما عبر وسائل الإعلام.

3- أدى الربيع العربي إلى تغييرات عميقة ودائمة في الشرق الأوسط، وللمرة الأولى في تاريخ إسرائيل ترى هذه الدولة اليهودية الصغيرة أنها تشارك جيرانها العرب في مجموعة من المصالح، ولا شك أن حكومة يقودها هرتزوغ ستهتم بالعمل مع هذه الدول، ولن أتفاجأ إن رأيت إدارة مماثلة تتعاول سراً مع جيران تشاطرهم الأهداف عينها. ومن المؤكد أن الفرص كثيرة: في الشهر الماضي، أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي "حماس" منظمة إرهابية وتعهد بمنع المقاتلين في سيناء من مهاجمة الجنود المصريين، ويشير المحللون الأمنيون إلى أن التعاون الأمني الإسرائيلي مع القاهرة يُعتبر راهناً أقرب من أي وقت مضى، وسيصبح أقرب بعد ما دام السيسي في السلطة. بالإضافة إلى ذلك، يزداد موقف إسرائيل من إيران توافقاً مع وجهات نظر الدول العربية، فعلى غرار إسرائيل، لا تريد المملكة العربية السعودية أن تطور إيران أسلحة نووية.

لمَ يواجه نتنياهو المشاكل؟

تُعتبر هذه انتخابات فريدة من نوعها لأن الإسرائيليين يبدون أقل اهتماماً بمناقشة المسائل الأمنية، فيدعم الناخبون الأحزاب التي يعتقدون أنها ستساعدهم في معالجة عدم المساواة الاجتماعية، فتشمل مصادر قلق الإسرائيليين الكثيرة اليوم كلفة معيشة عالية جداً، وحداً أدنى للأجور منخفضاً جداً، وندرة فرص العمل؛ لذلك خصصت أحزاب مثل "هناك مستقبل"، وشاس، وكولانو، والاتحاد الصهيوني المزيد من الوقت خلال حملتها الانتخابية للمسائل الاجتماعية لا الأمنية. في المقابل، لا يزال نتنياهو يصب كل تركيزه على الخطر الإيراني والمخاوف الأمنية المتأتية من حزب الله في مرتفعات الجولان وحماس في غزة.

أخبر أحد العاملين في حملة "هناك مستقبل" طلب عدم ذكر اسمه Real Clear World: "للمرة الأولى منذ جولات انتخابية كثيرة، لا تكون مخاوف الشعب الإسرائيلي الرئيسة أمنية، بل كلفة المعيشة ومسائل اجتماعية أساسية أخرى. نتيجة لذلك، نلاحظ تراجع الليكود في استطلاعات الرأي، بما أن الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو عاجز عن مساعدتهم في أي من المشاكل الاجتماعية الرئيسة".

 أخيراً، من الضروري مناقشة أهمية "القائمة العربية المشتركة"، فقد وحدت هذه القائمة الأحزاب العربية الإسرائيلية التجمع الوطني الديمقراطي، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير، وقائمة العرب الموحدة، فضلاً عن أعضاء من الحركة الإسلامية. وقد شكل قرار توحيد الجهود هذا رداً استراتيجياً لبلوغ الحد الأدنى من الأصوات الذي رُفع أخيراً والذي تحتاج الأحزاب إلى بلوغه كي تتمكن من المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، وأظهرت معظم استطلاعات الرأي أن القائمة العربية المشتركة ستحصد 11 إلى 14 مقعداً.

يقود هذا الحزب أيمن عودة، سياسي معتدل يتمتع بشخصية بارزة. لم يسبق أن شارك عودة في الكنيست، إلا أنه تبوأ منصب أمين عام الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة منذ عام 2006، وقد تعهدت القائمة العربية المشتركة مراراً ألا تشارك في أي حكومة يقودها نتنياهو أو هرتزوغ، مما يعني أنهم سينضمون إلى المعارضة.

إذاً، لمَ تُعتبر هذه القائمة مهمة في الانتخابات الوشيكة؟ إن تشكلت حكومة وحدة، فثمة احتمال كبير أن تتمتع القائمة العربية المشتركة بالعدد الأكبر من المقاعد في المعارضة، وهكذا يصبح عودة زعيم المعارضة، وتكون هذه المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي يؤدي فيها حزب عربي هذا الدور، والمرة الأولى التي يحتل فيها عربي منصباً مماثلاً.

لكن ما يقلق سياسيين كثيرين في اليمين أو حتى الوسط واقع أن زعيم المعارضة يحصل على عدد من التقارير الاستخباراتية من قوات الدفاع الإسرائيلية؛ لذلك يشعر السياسون بالقلق حيال ما قد تفعله القائمة العربية المشتركة بهذه المعلومات السرية.

* ريال كلير وورلد

back to top