مشاكل في الأذن الداخلية؟

نشر في 07-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 07-03-2015 | 00:01
تقع آليات توازن الجسم في الأذن الداخلية ويتوقف عملها على جاذبية الأرض. تكون مشاكل الأذن الداخلية متعلقة بالسمع أو بالتوازن. إنها مشكلة الدوار الدهليزي أو المحيطي الذي يختلف عن الدوار المركزي الذي يحصل بسبب المخيخ.
تتألف الأذن من ثلاثة أجزاء:

1. الأذن الخارجية التي تشمل صيوان الأذن والصماخ الذي ينغلق بغشاء مطاطي.

2. الأذن الوسطى التي تشمل العظيمات التي تصل طبلة الأذن بالنافذة البيضاوية وتضمن نقل ذبذبات طبلة الأذن. تكون على شكل أنبوب يمتد عبر النفير الذي يصل إلى البلعوم. في كل عملية ابتلاع، يضمن هذا الجزء توازن الضغط بين الأذن الوسطى والأذن الخارجية، وهو شرط أساسي للحفاظ على حركية طبلة الأذن. يمكن أن تؤدي إعاقة هذه الأذن باللحميات عند الأطفال إلى التهابات مثل التهاب الأذن الوسطى. وقد يؤدي أي خلل فيها خلال الزكام إلى تراجع القدرات السمعية. في الجهة الخلفية، تتواصل الأذن الوسطى مع الخلايا الخشائية المترسخة في العظم الصدغي ويمكن أن تلتهب تلك الخلايا: هذا ما يسمى التهاب الخشاء.

3. الأذن الداخلية لها تركيبة معقدة. تشمل تجويفاً صلباً ومركّباً (المتاهة العظمية) حيث يطوف عضو ناعم وأجوف (المتاهة الغشائية). تحتوي على سائلين: اللمف الداخلي واللمف المحيطي. يحتل اللمف الداخلي التجويف الداخلي للمتاهة الغشائية، بينما يقع اللمف المحيطي في المساحة التي تفصله عن المتاهة العظمية. يتصدى غشاءان لسيلان اللمف المحيطي في الأذن الوسطى: النافذة البيضاوية والنافذة المستديرة.

وظيفة الأذن الداخلية

لا تشمل الأذن الداخلية العضو المسؤول عن السمع وقوقعة الأذن فحسب، بل العضو الدهليزي المسؤول عن التوازن ووضعية الرأس ومدى تسارع أدائه أيضاً. تُنقَل حركات هذه الحلقة إلى قوقعة الأذن عبر النافذة البيضاوية والجهاز الدهليزي.

قوقعة الأذن عبارة عن عضو أجوف وغني بسائل اللمف الداخلي. تصطف عليها خلايا شعيرية وخلايا حسية مرتّبة لها بنية ليفية وأهداب ساكنة تشكّل مجموعة شعيرات تستطيع بث الذبذبات. تقع هذه الخلايا على طول الغشاء القاعدي الذي يفصل القوقعة إلى حجرتين.

يتحرك الغشاء القاعدي والخلايا الشعيرية التي يحملها بفعل الذبذبات المنقولة عبر الأذن الوسطى. على طول قوقعة الأذن، تستجيب كل خلية بطريقتها لتردد معين، ما يسمح للدماغ بالتمييز بين مستويات الأصوات. هكذا تتفاعل الخلايا الشعيرية الأقرب إلى قاعدة القوقعة مع الأصوات الحادة بشكل أساسي، بينما تستجيب تلك التي تقع في الحلقة الأخيرة من القوقعة للترددات المنخفضة.

تكون الخلايا الشعيرية مسؤولة عن عملية التنبيغ الميكانيكي الكهربائي: تحوّل أي حركة تنتجها المجموعة الشعيرية إلى إشارة عصبية عبر العصب السمعي، ويجعل الدماغ من كل إشارة صوتاً بمستوى يناسب الخلية المحفّزة.

الصوت والتوازن

يتألف الجهاز الدهليزي من ثلاث قنوات شبه دائرية تقع على ثلاثة مستويات. يكون مليئاً بكمية من اللمف الداخلي بقدر الكمية الموجودة في قوقعة الأذن. حين تواجه الأذن حركة معينة، يجعل هذا السائل الثابت تلك الحركة قابلة للرصد عبر الخلايا الشعيرية. يسمح ترتيب القنوات الثلاث على ثلاثة مستويات متعامدة برصد زاوية الرأس في جميع الاتجاهات الممكنة.

يمكن أن يضرّ الصوت بالأذن الداخلية. عند التعرض لصوت مرتفع جداً، تتدمر الخلايا الشعيرية ولا يمكن استبدالها. تكون آثار العملية تراكمية وقد تؤدي إلى فقدان السمع تدريجاً بسبب الترددات المرتفعة، وقد تصل المشكلة إلى حد الصمم. قد تؤدي الأصوات الضخمة مثل الانفجارات والموسيقى الصاخبة إلى تضرر الأذن الداخلية فجأةً، تزامناً مع مشاكل أخرى مثل تراجع أداء السمع واحتداد السمع وطنين الأذن.

أمراض رئيسة

تؤثر هذه الأمراض على التوازن أو السمع أو الاثنين معاً:

• التهاب العصب الدهليزي: يصيب هذا الالتهاب القوقعة المؤلفة من الخلايا الحسية التي تسمح لنا بسماع الأصوات. تسبب الالتهابات الدوار والغثيان والتقيؤ.

• الأورام تقع بشكل عام خارج الأذن الداخلية لكنها تسبب مشاكل في السمع أو التوازن بسبب الخلل في نقل المعلومات التي توفرها الأذن الداخلية. نذكر منها الورم العصبي أو أورام المخيخ.

• قد ينجم بعض المشاكل مثل طنين الأذن أو الصمم الجزئي عن خلل في الأذن الداخلية.

• تتركز مشاكل الدورة الدموية في اللمف الداخلي من الأذن الداخلية. هذا ما يحصل مع مرض مينيير.

• إصابة العصب السمعي: قد تنجم عن تسمم بسبب أنواع معينة من المضادات الحيوية أو تدمير الخلايا الحسية نتيجة الضجيج المفرط.

ما هي متلازمة مينيير؟

تتخذ متلازمة مينيير شكل نوبات متكررة وغير متوقعة من الدوار، وتترافق مع طنين الأذن وتراجع مستوى السمع. إنه مرض مزمن في الأذن الداخلية. يصيب أذناً واحدة بشكل عام. نجح عالم الطب في معالجة معظم المصابين بمرض مينيير، لكن لا يتوافر حتى الآن علاج بسيط وفاعل للجميع. يصيب هذا المرض عموماً الراشدين بين عمر الثلاثين والخمسين، وهو يطاول الرجال والنساء على حد سواء.

أبرز الأعراض

• دوار قوي ومفاجئ يجبر الشخص على النوم. قد يشعر الفرد بأنه يدور حول نفسه.

• فقدان جزئي ومتفاوت للسمع.

• دوار وتوازن سيئ.

• شعور غريب وطنين في الأذن.

• حركات سريعة وخارجة عن السيطرة في العينين.

• غثيان وتقيؤ وتعرق في بعض الأحيان.

بشكل عام، تدوم الأعراض بين 20 دقيقة و24 ساعة وتسبب إرهاقاً جسدياً كبيراً. بين النوبات، قد تدوم مشاكل طنين الأذن والتوازن عند بعض الأشخاص. مع مرور السنين، يصبح فقدان السمع (الجزئي أو الكامل) دائماً.

ما هي العلاجات المتاحة؟

ما من علاج يستطيع الشفاء من مرض مينيير بشكل نهائي. لكن تتوافر تدابير علاجية متعددة تسمح بالحد من الأعراض والتعايش بشكل أفضل مع هذا المرض. يهدف العلاج إلى معالجة نوبات الدوار وتخفيف حدّتها.

معالجة النوبات

يهدف هذا العلاج إلى تخفيف حدة الدوار والأعراض المرتبطة به (قلق، غثيان، تقيؤ). يشمل ثلاثة أنواع من الأدوية: مزيلات القلق التي تسهم في تراجع حساسية الجهاز الدهليزي، ومضادات الدوار، ومضادات التقيؤ.

علاج في العمق

يهدف إلى تحسين نوعية الحياة من خلال تخفيض نسبة تكرار نوبات الدوار وتجنب تدهور السمع قدر الإمكان. يقضي غالباً بتخفيض ضغط السائل الموجود في الأذن الداخلية، لكن تبقى نتائجه متفاوتة. يسمح بعض أنواع مضادات الدوار بتخفيف حدة الغثيان والدوار عند وقوع النوبات وتقليص حدّة طنين الأذن.

إعادة تأهيل الجهاز الدهليزي

حين لا تكون الأدوية فاعلة بما يكفي، يمكن أن يخضع المرضى لإعادة تأهيل الجهاز الدهليزي. إنه اختصاص ضمن العلاج الفيزيائي الذي يستهدف كل من يعاني مشكلة الدوار أو قلة التوازن نتيجة خلل في الجهاز الدهليزي.

 يتولى فريق من الاختصاصيين إعادة التأهيل لمعالجة اضطرابات التوازن، بالتعاون مع أطباء الأذن والأنف والحنجرة. يمكن تنفيذ بعض التمارين عبر كرسي دوار أو أجهزة تسمح بتشغيل حركات العين، أو يمكن استعمال نظارات خاصة تسمح بمراقبة حركات العيون. تسهم هذه التمارين في إعادة تأهيل التوازن من خلال تقوية آليات تكميلية تؤثر في العادة على مستوى التوازن للتعويض عن ضعف الجهاز الدهليزي بسبب مرض مينيير.

علاج  {احترافي}

إذا لم تثبت فاعلية العلاج بالأدوية أو إعادة تأهيل الجهاز الدهليزي في حالتك، يمكن اقتراح علاج {احترافي}. يقضي في المقام الأول باستعمال أنبوب يخترق طبلة الأذن. يوضع الأنبوب في موقعه تحت تخدير موضعي أو عام. في عدد من الحالات، يؤدي دس الأنبوب إلى تراجع تردد النوبات وقوتها بنسبة مهمة. إذا لم يحصل ذلك، يمكن استكمال هذا العلاج {الاحترافي} بجهاز خاص يُستعمل مرتين أو ثلاث مرات في اليوم، ويسمح بضخ هواء قوي في الأذن عبر الأنبوب. يستكمل الجهاز أحياناً أثر الأنبوب الأولي لإعادة التوازن إلى الضغط في الأذن الداخلية.

إذا كانت هذه الأعراض كلها تشبه الحالة التي تصيبك بشكل متكرر، لا تتردد في استشارة طبيبك المعالج كي يحيلك عند الحاجة إلى طبيب الأذن والأنف والحنجرة. وإذا تكررت مشكلة الدوار، تجنب القيادة بأي ثمن!

back to top