الحمية والتخلص من السموم: ما تأثيرهما؟

نشر في 04-03-2015 | 00:02
آخر تحديث 04-03-2015 | 00:02
في الدول الصناعية تتعرَّض أجسام الناس بلا توقف لاعتداءات من مواد مضرة. ويُعرّض تكرَّر هذه الاعتداءات عمل الخلايا الطبيعي للخلل. في هذه الحالة، تعاني أنظمة إزالة السموم من الجسم ضغطاً كبيراً، ما يؤدي إلى زيادة كمية السموم في جسمنا. ويُعتبر تسمم أنظمتنا المزمن سبب عدد من الأعراض والأمراض.
قد يكون التعرض للسموم غذائي المصدر تماماً، مثل الإفراط في تناول الطعام، الإضافات الغذائية، الأحماض الدهنية، الدهون المهدرجة، العدوى، مثل الذيفان الداخلي أو الخارجي البكتيري، الفطري، والطفيلي. أو قد يكون جسدياً مثل الجروح، الالتهاب، والإفراط في التمرن، كيماوياً مثل المواد البيولوجية (تنتج الكائنات الحية سموماً هدفها قتل المفترس أو الضحية).

من دون عمليات التخلص من السموم، تتراكم الأخيرة، مسببةً تبدلات وظيفية أو أمراضاً أو حتى الموت. يستخدم الجسم وظائفه الآلية للتخلص من السموم. ومن الوظائف الأساسية الجهاز الهضمي، الجهاز البولي، الجهاز التنفسي، البشرة، والأغشية المخاطية. كذلك يشكِّل الكبد محور التخلص من السموم، فلا يستطيع الإنسان العيش من دونه، في حين أن بإمكاننا الاستغناء عن المعدة والقولون.

يؤدي الكبد دور مصنع فعلي لتحويل البروتينات، السكريات، والدهون إلى مواد تستطيع خلايانا استعمالها. فيخزن السكر على شكل غليكوجين لاستخدامه لاحقاً. وفي الكبد تُنتج الصفراء. كذلك يفكك الدهون ويحولها إلى جسيمات صغيرة كفاية لتمتصها بعد ذلك أغشية الأمعاء. تتصل أملاح الصفراء بعد ذلك بالأحماض الدهنية الأساسية والفيتامينات التي تذوب في الدهون بغية التمكن من امتصاصها.

كذلك في الكبد يُنتج الكولسترول، تلك المادة التي نندد بها غالباً، إلا أنها تشكل المواد الأساسية لتشكيل الهرمونات الجنسية، فضلاً عن تلك التي تفرزها الغدد الكظرية. بالإضافة إلى ذلك، يشكل الكولسترول جزءاً من أغشية الخلايا التي تحميها من هجوم الجذور الحرة. يسهم الكبد أيضاً في تشكيل اللمف، ويسمح بالتالي بتصفية عدد من السموم. على نحو مماثل، يؤدي الكبد دوراً مهماً في ضبط السكر في الدم. كذلك يخزن بعض الفيتامينات والأملاح المعدنية ويحول أخرى إلى شكلها الفاعل.

لكن الدور الذي يهمنا يبقى معالجة السموم التي تدخل مجرى الدم عبر الجهاز الهضمي والتنفسي والبشرة. يعرف وليامز أسس تراكم السموم، مقترحاً أن المكونات السامة غير الفاعلة وغير الذوابة في الماء تحوّل حيوياً على مرحلتين:

• المرحلة الأولى أو عملية التفعيل: تعتمد هذه المرحلة على مجموعة من الإنزيمات التي تسمى ستوكروم 450: تفاعلات تستخدم الأوكسجين لتأليف موقع تفاعلي= تحديد التصنيفات الوظيفية في جزيئات لاقطبية. تعمل هذه على تحويل المواد السامة بالأكسدة، التقليل، أو التمويه لجعلها قابلة للاستعمال خلال المرحلة الثانية، ثم التخلص منها بأشكال غير سامة. تعتمد هذه المجموعة من الإنزيمات على بعض الفيتامينات والأملاح المعدنية لتعمل: الفيتامينات B2، B3، B6، الحديد، المغنيزيوم، المنغنيز، الموليبدنوم، والزنك. تطلق هذه المرحلة أيضاً الجذور الحرة الناتجة من عملية الأكسدة، علماً أن من الضروري ضبط هذه الجذور بواسطة معدل كافٍ من مضادات الأكسدة: الفيتامينات A، C، E، بيتا-كاروتين، الفلافونوييدات، السيلينيوم، وغيرها.

• المرحلة الثانية أو التصريف: تشمل إضافة مجموعة من المواد الذوابة في الماء إلى موقع التفاعل. تقوم هذه العملية على الجمع بين جزيئات مشحونة سلبياً أو محدودة القطبية والمواد التي يجب إزالة السموم منها. تحول هذه المواد الحيوية الغريبة الناشطة إلى مركبات ذوابة في الماء يمكن التخلص منها عبر البول أو الصفراء. لكن هذه التفاعلات تتطلَّب عوامل مرافقة مختلفة تُؤَمّن من خلال مصادر غذائية. في هذه المرحلة، تتحد المركبات الوسيطة بجزيئات خاصة من البروتين، فتجعلها ذوابة في الماء وتسمح بالتخلص منها عبر الأمعاء بواسطة الصفراء أو عبر الكليتين بواسطة البول. تتألف هذه المرحلة من ثماني عمليات إزالة سموم مختلفة. ولعل أبرزها التكبرُت، المثيلة، إضافة الغلوكورونيد، الأستلة، والمعالجة بالغلوتاثيون. وتُعتبر العملية الأخيرة الأكثر أهمية لأنها تخلص الجسم من المواد المسرطنة، بعض مضادات الآفات، السموم البكتيرية، الفطرية، والمعدنية، وأدوية مثل البينيسيلين والتيتراسيكيلين. لذلك وجود الغلوتاثيون بالغ الأهمية لحسن سير العملية. والغلوتاثيون حمض أميني كبريتي يُنتج في الكبد من خلال أحماض أمينية أخرى: الغليسين، السيستاين، وحمض الغلوتاميك. ويتوافر أيضاً في الغذاء. تشمل العمليات المهمة الأخرى التكبرُت. فهي مسؤولة عن تحويل هرمونات الستيرويد (الإستروجين، التيستوستيرون، الكورتيزول، وDHAE)، بعض الأدوية، مركبات مشتقة من البنزين، وسموم ناتجة من البكتيريا المعوية. وإذا لم تمتص من الغذاء كمية كافية من الكبريت، لا تكون هذه العملية فاعلة. تُعتبر الأحماض الأمينية الغليسين، التورين، الغلوتامين، والأرجينين، والأورنيسين ضرورية لعملية إزالة سموم أخرى. لذلك نلاحظ أن بعض الأحماض الأمينية المكونة للبروتينات ضروري للكبد لتنفيذ مراحل إزالة السموم.

يرتكز بعض الأنظمة الغذائية حصرياً على الصوم مع تناول السوائل، إلا أنها ليست فاعلة اليوم، بل قد تشكل خطراً على الصحة. كانت هذه الطرق مفيدة قبل نحو خمسين سنة. ولكن في القرن الحادي والعشرين، بات كم السموم المرتبطة بنمط حياتنا الجديد كبيراً إلى حد أن تناول طعام خال من البروتين طوال فترة تتخطى بضعة أيام يتحوَّل إلى مشكلة. وإذا لم يحصل الكبد على أحماضه الأمينية (ومواد مغذية أخرى)، فقد يرزح تحت عبء مخزونه الخاص. في البرنامج المقترح، تتوافر البروتينات، فضلاً عن الأحماض الأمينية المعنية في مرحلتي إزالة السموم في الكبد هاتين.

تتطلب هذه المرحلة وجود أحماض أمينية مذكوره سابقاً، فضلاً عن بعض الفيتامينات والأحماض الأمينية: B6، حمض الفوليك، B12، المغنيزيوم، والسيلينيوم.

قد تنتج حالات عدة، عندما لا تحدث هاتان المرحلتان بتناغم. فقد تكون المرحلة الأولى ناشطة جداً وينشط من ثم عدد من السموم بسرعة تعجز المرحلة الثانية عن مجاراتها بعمليات التصريف. نتيجة لذلك، يُطلق فائض من السموم في الجسم، ما قد يسبب أضراراً في الأعضاء والأنسجة. من الممكن أيضاً أن تكون هذه المواد أكثر سمية من المنتجات الأساسية. تشمل المواد التي تنشط المرحلة الأولى مضادات الآفات، دخان السجائر، مذيبات الطلاء، هرمونات الستيرويد، اللحم المشوي، والسموم الناتجة من البكتيريا المعوية.

كذلك ثمة مواد غير مضرة بحد ذاتها، إلا أنها تصبح كذلك، إن لم تنجح المواد المغذية والأحماض الأمينية الملائمة في تنشيط المرحلة الثانية كافية. ومن هذه نذكر الفيتامينات B1، B3، وC، الخضروات من عائلة الملفوف، والبقول. ومن المشاكل الأخرى التي قد تنشأ ضعف المرحلة الأولى وعجزها عن إزالة السموم بسرعة تتلاءم مع دخولها الجسم. فتتراكم السموم في الجسم. وقد تكون هذه حالة الإستروجين الذي لا يخرج من الجسم ويتنقل في الدم بكميات كبيرة. يرتبط بعض أعراض الدورة الدموية بعجز الكبد عن التخلص من السموم بالطريقة المناسبة.

دور الأمعاء

بفضل نشاطها «كساعٍ سيتوبلازمي»، تؤدي الأمعاء دوراً في عملية إزالة السموم عبر نقل المواد الحيوية الغريبة إلى خارج الخلية. ولكن إذا تعرض الغشاء المخاطي الحاجز لخلل، فقد تنتقل هذه المواد الحيوية الغريبة إلى مجرى الدم قبل أن تخضع لعملية إبطال السموم فيها. وهكذا عندما يختل عمل الأمعاء الحاجز، يتعرض الكبد لفيض من العمل الإضافي. تُدعى هذه الحالة «متلازمة الأمعاء المسربة»، وهي ترغم الكبد على معالجة كميات أكبر من السموم. وقد يؤدي هذا الإجهاد إلى نوع من الالتهاب المنتظم الحاد.

للكليتين دور أيضاً

تدعم عملية تقلية البول التخلص من السموم عبر البول. تساعد كمية السترات مع تسهيل عملية تقلية الجسم في التخلص من السموم عبر البول أو الصفراء.

إذاً، ندرك بشكل أوضح أن التخلص من السموم بالغ الأهمية لاستمرار توازن الخلايا، إذ يحد من تقدم الخلايا في السن وعلى العمل بشكل أفضل. ماذا عن الحميات المنحفة؟ تشكل الأنظمة الغذائية المزيلة للسموم وسيلة لمواجهة الكيلوغرامات الزائدة. نقلق في مرحلة ما بشأن تراكم السموم، سواء كان ذلك بعد التهامنا كميات كبيرة من الطعام أو تعرضنا بإفراط للإجهاد، التعب في العمل، المرض، أو بكل بساطة نمط حياة غير صحي. لذلك ترحبون بعلاج يخلصكم من السموم. تساعد الأنظمة الغذائية المزيلة للسموم، التي تعيد التوازن إلى غذائنا، الجسم على التخلص من سمومه. إذاً، من المهم تنقية الجسم من السموم باختيار المواد الغذائية المناسبة وبإعادة التوازن إلى وجباتك. وعلى غرار الأنظمة الغذائية المتوازن كافة، يتيح لك ذلك استعادة وزنك المثالي، إن كنت تعاني بعض الكيلوغرامات الزائدة. نظف قولونك، أمعاءك، كليتيك، معدتك، وأعضاءك الأخرى لتستعيد صحتك. بعد أن تخلص جسمك من السموم، تستعيد شعورك بالشبع وقدرتك على تمييز المواد الغذائية المفيدة، لأن الجسم يسترجع توازنه. ويكفي أن تحتسب السعرات الحرارية لتحافظ على رشاقتك. ويجب ألا تخلط بين العلاج المزيل للسموم وبين النظام الغذائي المزيل للسموم.

back to top