الأزواج السعداء واهمون على الأرجح

نشر في 02-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 02-03-2015 | 00:01
علامَ تُبنى العلاقة السعيدة: على رؤية الشريك على حقيقته أم كما تتمنى أن يكون؟ تشير الأبحاث في علم النفس الاجتماعي إلى أن الجواب هو الثاني: يكون مَن يعتقدون أن شريكهم يتمتع بالصفات التي لطالما رغبوا فيها في الآخر أكثر سعادة ورضا حيال علاقاتهم، حتى لو كانوا (أو بالأحرى لأنهم) يخدعون أنفسهم.
نُشرت دراسة شاملة لافتة قبل بضع سنوات في مجلة Psychological Science ، وقد أجراها فريق من الباحثين في جامعتي بوفالو وكولومبيا البريطانية. قصد الباحثون، بقيادة طالبة الدراسات العليا ساندرا ل, موراي، دار المحكمة في بوفالو في نيويورك، وجمعوا نحو 200 ثنائي قصدوا المحكمة للحصول على إذن زواج. عمد الباحثون بعد ذلك إلى مقابلة كل شخص منهم على حدة مرتين في السنة طوال ثلاث سنوات، وطرحوا أسئلة حول سلسلة من الخصال السلوكية (صفات إيجابية مثل الصدق واللطف، وأخرى سلبية مثل الجدال). أجاب المشاركون عن هذه الأسئلة عن أنفسهم، شركائهم، وفكرة الشريك المثالي المتخيَّل الذي يشكل الزوج المناسب.

شريك مثالي

عندما حللت موراي وفريق البحث أجوبة الأزواج، بحثوا عن أشخاص يصورون شريكهم كشخص مثالي: أولئك الذين اعتبروا أن خصال شريكهم تعكس صفات الشريك المثالي المناسب لهم، حتى لو أكد الشريك أنه لا يرى هذه الصفات فيه. يقول دايل غريفين، باحث في جامعة كولومبيا البريطانية شارك في الدراسة: {إذا لاحظت نمط خصال إيجابياً أكثر مما يعبر عنه شريكي في حديثه عن نفسه، يعني ذلك أني أبالغ في تصنيف الشخص المثالي. كذلك ثمة علاقة بين مجموعتين من الخصال المثالية وما أراه في شريكي، مع أنه لا يراه في نفسه}.

في كل مرة قابل فيها الباحثون الأزواج، أخضعوهم لاختبار مصمم بدقة هدفه قياس مدى رضاهم حيال علاقاتهم. ومع مرور السنوات، تبين أن مَن بنوا الأوهام الإيجابية عن أزواجهم كانوا أكثر سعادة في علاقاتهم، مقارنة بأولئك الذين لم يروا شريكهم من خلال منظار وردي.

يشمل تقرير Psychological Science مجموعة من الاكتشافات الأخرى المماثلة في هذا المجال:

يعتبر مَن يشعرون بالرضا حيال علاقاتهم أن هذه الأخيرة أفضل من علاقات الآخرين. كذلك يلاحظون في شريكهم خصالاً لا يميزها الآخرون. حتى أن مَن يعيشون في علاقات مستقرة يعيدون تحديد الصفات التي يريدونها في شريكهم المثالي لتتلاءم مع الصفات التي يرونها في شريكهم الحالي.

وهم إيجابي

لا نعرف بالتحديد سبب هذا الرابط، لأن الباحثين لم يسعوا لتحديده. لكن غاري ليواندوفسكي، عالم نفس في جامعة مونموث يدرس العلاقات (مع أنه لم يشارك في الدراسة) ويدير الموقع الإلكتروني Science of Relations، يوضح قوة الوهم الإيجابي كما يلي: {يدرك شريكك أن هذا ما تفكر فيه، ولا يرغب في تخييب آمالك. لذلك يبدأ بالسعي للإعراب عن هذه الصفات. قد تكون هذه نبوءة تحقق ذاتها، إذا جاز التعبير}.

توصل باحثون آخرون إلى النتيجة نفسها في تقرير نُشر أخيراً في مجلة Harvard Business Review، مع أن التقرير تناول العلاقة بين رب العمل والموظف. ولا شك في أن العنوان {إن كان رب عملك يعتقد أنه مذهل، فستصبح كذلك} يعبر بوضوح عن هذه الفكرة. صحيح أن الإطار مختلف، غير أن المفهوم الأساسي عينه عن الأوهام الإيجابية ينطبق في هذا الإطار أيضاً.

ولكن ألا تؤدي التوقعات الكبيرة إلى خيبات أمل ساحقة؟ نعم، مع اختلاف طفيف بين التوقعات غير المنطقية والتبجيل غير المنطقي. يذكر ليواندوفسكي: {تشكل التوقعات أموراً تريد رؤيتها في شريكك لأنك تظن أنه لا يتحلى بها. أما مع الأوهام، فتعتقد أن شريكك هو حقاً كذلك}. إذاً، لا يعني ذلك أنك تملك توقعات كبيرة حيال اللطف الذي سيعرب عنه شريكك في تعامله معك ومع الآخرين، ولا تلبث هذه التوقعات أن تتحطم. على العكس، أنت تظن فعلاً أنه لطيف.

ولكن قد يؤدي السلوك البشري الغريب هذا إلى ردود فعل عكسية، عندما لا تكون العلاقة جيدة، وفق ما يؤكد إلي فينكل، عالم نفس من جامعة نورثويسترن، في رسالة إلكترونية. يكتب: {تمنعنا الأوهام الإيجابية من مراقبة، عن كثب، سلوك الشريك وتقييم ما إذا كان ملائماً لنا}. ويفسر جيم ماكنولتي، عالم نفس في جامعة ولاية فلوريدا درس الأوهام الإيجابية، هذه الفكرة قائلاً: {تكون الأوهام على الأرجح مفيدة لمن يكونون في علاقات جيدة وخطرة... لمن تكون علاقاتهم سيئة}.

خلاصة القول، قد لا يكون للواقعية مكان كبير في العلاقات الرومانسية السعيدة. يوضح فينكل: {لا تُعتبر الدقة المتناهية دوماً الطريقة الفضلى للحفاظ على علاقة عالية الجودة وطويلة الأمد}. بعبارات أخرى الحب أعمى بعض الشيء.

back to top