ميّ زيادة في ذاكرة وطنها

نشر في 02-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 02-03-2015 | 00:01
No Image Caption
{أعيدُوني إلى أرضي السمراء... إلى التُّربة المعطاء... إلى قممٍ عانقت السماء...إلى أرض الحُبّ والطّيْب والصّفاء... إلى قريتي الصّخراء الراقدة تحت حنايا الأُفُق على هدهدة النّاي. لا أطلُبُ من أرضي إلاّ حفْنةً من تُراب}، كتبت الأديبة اللبنانية الرائدة في الحركة النسائية مي زيادة في وصيّتها عن ضيعتها شحتُول.
يعقد مركزُ التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) بقريطم في بيروت مساء اليوم لقاءً حول ميّ زيادة في ذاكرة وطنها.
ولدتُ الأديبة اللبنانية مي زيادة في 11 فبراير العام 1886، في الناصرة لأبٍ لبناني (الياس) وأُمّ فلسطينية (نزهة). في العام 1899، جاءت إلى لبنان للدراسة لدى مدرسة الراهبات اللعازاريات في عينطورة (كسروان - لبنان).

انتقلت زيادة إلى القاهرة في العام 1907 مع والدها الصحافيّ الذي تولّى تحرير جريدة «المحروسة». بعد ثلاث سنوات نشرت مجموعتها الشعرية «أزهارُ حُلْم» (بالفرنسية) بـاسمٍ مستعار هو «إيزيس كوبيا». في العام 1911، عادت إلى لبنان حيث أمضت في ربوعه صيفاً تخلّله احتفاء بها كبير في ضهور الشوير.  وبدأت في العام 1912 مراسلةً طويلة مع الأديب جبران خليل جبران في نيويورك امتدت حتى وفاته في 10 مارس 1931.

سطعت مي زيادة لأول مرة في الجامعة المصرية حيث ألقت كلمة جبران في تكريم خليل مطران في العام 1913. وعادت مجدداً إلى لبنان في العام 1921، وزارت بعض مدُنٍ سورية ولاقت تكريماً واحتفاءً لائقين. وبعد رحلة قامت بها إلى إيطاليا وألمانيا في العام 1925 عادت منهما إلى القاهرة حيث أسّست صالونها الأدبي. وغرقت زيادة في الكآبة بعد وفاة والدتُها بعد والدها (1929) وصديقها جبران (1931). أما أيامُ عذابها بسبب الحجر عليها فبدأت في العام 1935، وأخذت الأديبة تنهار نفسياً وصحياً. وجاءت في العام التالي إلى لبنان ترتاحُ فانتهت في مستشفى الأمراض العقلية والعصبية.

في العام 1938، أخذها الأديب والشاعر والباحث أمين الريحاني تستريح في منزل قبالة بيته، ما رفع من مزاجها. حتى إنها دحضت من اتّهموها بالجـنون بعدما ألقت محاضرتها في الجامعة الأميركية في بيروت (1938). وصدر قرار المحكمة في القاهرة (19 فبراير 1939) بــرفْع الحجْر عنها نهائياً.

وفاة

 

رحلت مي زيادة في 19 أكتوبر 1941 في القاهرة مقهورةً منهارةً حزينةً وحيدة. ولكنها تــركـت مجموعة كتب مطبوعة، بعضها ألّفته، والآخـر ترجمته أو اقــتـبـسته، أبرزها:

«ابتسامات ودُمُوع» (1912)، «الحُبُّ في العذاب» (1917)، «باحثةُ البادية» (1920)، «سوانــحُ فتاة» (1922)، «كلمات وإشارات (1922)، «ظُلُمات وأشعّة» (1923)، «المُساواة» (1923)، «الصحائف» (1924)، «بين المدّ والجزْر» (1924)، «عائشة تـيـمُـور (1926)، «وردة اليازجي» (1926).

وجمعت تُراثها وحـلّـلـته وعلّـقت عليه ونشرته الأديبة السورية سلمى الحفّار الكُزبــري.

في لقاء حولها في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت يشارك د. سهيل مطر بكلمة بعنوان «مسيرةُ مـيّ... من الألـم إلى الــتّــمــرُّد»، وتأتي مشاركة الناقد الأديب غاريوس زيادة بعنوان «مـيّ... بنتُ ضيعــتــنـا شـحـتُـول». وقراءات من أدب مــيّ مع جهاد الأطرش، وجهاد الأندري.

يفـتــتـح اللقاء ويـنـسّــق مداخلاتــه ومحاوراته مدير المركز الشاعـر هـنري زغـيب، الساعة السادسة مساء اليوم.

في مراياهُم

«إنّ لـمي أُسلوباً في الإنشاء خاصاً بمزاجها، بذوقها، باتجاهاتها، وبعوامل نفسية وذهنية وروحية. فهي الأديبة المحدّثة والمرشدة واللاهبة، ومن مزاياها هذه يترقرق النّور ويسكبها نصاً باهراً، ساحراً في نقاوته وهدأته واضطرابه، في حنانه ونقْمته، في سُخريته وتهكُّمه. ويندُرُ بين كُتّابنا اليوم، نساءً ورجالاً، من تتجلّى في أُسلوبهم هذه المحاسن». (أمين الريحاني)

«لميّ زيادة في الحياة الأدبية العربية تأثير عميق، كثيراً ما ظهرت بعض صوره في أثناء حياتها، وستظهر صوره الأُخرى بعد وفاتها بـزمنٍ طويـل. إنّــها صوت متـفرد في أدبنا العربي». (طه حسين)

«هذه الساحرة الأنيقة أديبة معصوبة الخلق، كثيرة الجدّ، حتى لتكاد تخرج إلى الجفاء. سوى أن حيويّتها الخيّرة، بمُنتداها ونفائسها، حضور فاعل وأثر خيّر في النهضة الحديثة». (أنطُون قازان)

«ميّ كاتبةُ العصر. إنها نادرةُ الدّهر. أسأل الله أن يُعمّرها طويلاً مفخرة الشرق». (شكيب أرسلان)

«لو جُمعت الرسائل التي كتبتْها ميّ أو كتبت إليها، من نوع هذا الأدب الخاص، لتمّتْ بها ذخيرة لا يظهر لها مثيل في آدابنا العربية. إنها نمط فريد من الأدب الخاص». (عبّاس محمود العقّاد)

«لا تزيدينني على الأيام إلا إعجاباً بك... أنت تتزيّدين من العلْم، أنت تتكاملين كلّ يوم، أنت تتقدّمين بثباتٍ خطوةً بعد خطوة نحو الغاية التي رسمْتها لنفْسك». (خليل مُطران)

«هذه رسالة قصيرة جداً. فهلاّ قرأت فيها ما ليس بالمخطوط؟ أرجوك يا صديقتي ميّ ألاّ تسْخطي عليّ. أستعطفُك ألاّ تسْخطي عليّ. وباركيني قليلاً فأنا أُباركك دائماً». (جبران خليل جبران 1921/4/6)

back to top