اغتيال معارض لبوتين أمام الكرملين

نشر في 01-03-2015 | 00:02
آخر تحديث 01-03-2015 | 00:02
نيمتسوف قُتِل بعد مقابلة «عالية السقف»... والمعارضة تتظاهر اليوم
اغتيل المعارض الروسي بوريس نيمتسوف بالرصاص أمام مقر الكرملين في وسط موسكو ليل الجمعة ــ السبت، وذلك بعد ساعات على دعوته خلال مقابلة إذاعية «حماسية» عالية السقف دعا فيها نيمتسوف الى تظاهرة ضخمة في العاصمة اليوم احتجاجا على سياسات نظام الرئيس فلاديمير بوتين خصوصاً «العدوان العبثي على أوكرانيا».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الداخلية الروسية ايلينا اليكسييفا، إن نيمتسوف كان يتنزه برفقة شابة على الجسر الكبير المحاذي للكرملين حيث الاجراءات الأمنية مشددة جدا عندما «أطلق عليه مجهول النار فأصابه باربع رصاصات في ظهره ادت الى مقتله». ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء عن شرطة موسكو ان الاغتيال تم على مرأى من العديد من شهود العيان.

ودان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاغتيال، وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن «بوتين صرح بأن هذا الاغتيال الوحشي يحمل بصمات عملية قتل مأجورة»، مشيراً الى أن بوتين يعتبر الجريمة «استفزازية»، وقد أمر لجنة التحقيقات في وزارة الداخلية وجهاز الأمن الفدرالي (وكالة الاستخبارات الروسية) بالتحقيق.

وقبل ثلاث ساعات من اغتياله فقط دعا نيمتسوف في مقابلة مع إذاعة «ايخو موسكفي» مستمعيه الى التظاهر، وذلك في خطاب حماسي حول أوكرانيا ونظام بوتين يعد وصية سياسية. وعرض نيمتسوف مدة 45 دقيقة مقترحاته «لتغيير روسيا» ولم يتردد في مقاطعة محادثيه وهما صحافيان حاولا بلا جدوى تهدئة حماسه.

واحتلت المسيرة ضد «العدوان على أوكرانيا» التي دعا اليها نيمتسوف اليوم الاحد في ضاحية موسكو واصبحت فور مقتله دعوة الى التظاهر في وسط العاصمة، الجزء الاكبر من حديثه الذي قال احد الصحافيين اللذين حاوراه انه أقرب الى «مونولوغ».

وقال نيمتسوف مذكرا إن «هذه المسيرة تطلب الوقف الفوري للحرب في اوكرانيا وتطلب ان يوقف (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين عدوانه العبثي».

وأكد أن موسكو أرسلت قوات لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد، وهو امر ينفيه الكرملين باستمرار.

وعن شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة لأوكرانيا وضمتها روسيا بعد استفتاء في مارس، قال نيمتسوف «السكان يريدون العيش في روسيا وهذا امر أوافق عليه. لكن المسألة في مكان آخر: يجب الا نعمل حسب رغباتنا بل حسب القانون ويجب احترام الاسرة الدولية». ودعا خلال المقابلة أيضا الى محاكمة السياسيين الفاسدين وخفض الميزانية العسكرية بمقدار النصف وزيادة ميزانية التعليم. وعن بوتين قال: «عندما تتركز السلطة بيد شخص واحد فهذا لا يؤدي إلا إلى كارثة... الى كارثة بالمطلق».

لكن نيمتسوف لم تكن لديه أوهام، وقال ان «المعارضة لا تملك تأثيرا كبيرا على الروس حاليا»، وطالب بتخصيص ساعة كل اسبوع على شبكات التلفزيون الكبرى للمعارضة.

وفي واشنطن، دان الرئيس الاميركي باراك اوباما اغتيال المعارض الروسي، ووصف مقتله بـ«الجريمة الوحشية»، مطالبا الحكومة الروسية بفتح «تحقيق نزيه وشفاف» في الواقعة.

ووصف أوباما المعارض الراحل بأنه كان «يدافع بلا كلل عن بلاده ويناضل في سبيل حقوق جميع مواطنيه»، وأضاف «انا معجب بالمعركة الشجاعة التي خاضها نيمتسوف ضد الفساد في روسيا، وانا ممتن له على مشاركتي آراءه الصريحة عندما التقينا في موسكو في 2009». ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «الاغتيال الدنيء» لنيمتسوف مشيدا بـ«المدافع الشجاع بلا كلل عن الديمقراطية والمناضل الشرس ضد الفساد».

(موسكو، واشنطن، باريس - أ ف ب، رويترز، د ب أ)

مسيرة سياسية حافلة

كان نائب رئيس الوزراء الروسي السابق بوريس نيمتسوف الذي اغتيل ليل الجمعة ـــ السبت في موسكو يمثل جيل الإصلاحيين الشباب في تسعينيات القرن الماضي قبل أن يصبح من أشد منتقدي الرئيس فلاديمير بوتين، والذي كان ينوي تحديه مجددا في تظاهرة اليوم الأحد.

ونيمتسوف (55 عاما) الذي قتل بالرصاص بالقرب من الكرملين كان خصوصا أحد قادة موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدتها الحملة الانتخابية لفلاديمير بوتين في 2011-2012 عندما كان مرشحا لولاية رئاسية ثالثة.

وأوقفته قوات النظام عدة مرات خلال تظاهرات، كما تعرض لعمليات دهم وتنصت، لكنه لم يكف عن ادانة فساد ما كان يسميه «النظام الاوليغارشي» في الكرملين.

ونيمتسوف الذي درس الفيزياء بدأ حياته المهنية قبيل انهيار الاتحاد السوفياتي عند انتخابه في 1990 عضوا في مجلس السوفيات الاعلى او البرلمان السوفياتي.

وبعد أن اصبح حاكم منطقة نيجني نوفغورود التي تبعد 400 كلم شرق موسكو، بدأ صعوده السريع في عهد بوريس يلتسين الذي جسّد في عهده جيل الوزراء الاصلاحيين الشباب في روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي.

ومن مارس 1997 الى اغسطس 1998 تولى حقيبة نائب رئيس الوزراء لقطاع الطاقة والاحتكارات لذلك واجه انتقادات من الكرملين الذي اعتبره سياسيا مرتبطا بالأثرياء الذين استفادوا من اجراءات الخصخصة في تسعينات القرن الماضي. وكان مقربا جدا من بوريس يلتسين، فكر اولا في اختياره خلفا له قبل ان يفضل عليه رئيس الاستخبارات فلاديمير بوتين.

وازدادت معارضته للسلطة حدة بعد الانتخابات التشريعية في 2007 التي رأى انها «الاقل نزاهة في تاريخ روسيا».

وبعد عام أي في 2008 وبعد اخفاقه في التقدم للانتخابات الرئاسية كمرشح وحيد لمعارضة أضعفها التشتت، قرر تأسيس حركة سوليدارنوست برعاية المعارض وبطل الشطرنج السابق غاري غاسباروف.

لكنه برز كأحد شخصيات التظاهرات التي هزت موسكو شتاء 2011 و2012 الى جانب الكسي نافالني المعارض الشرس الآخر لبوتين.

وبعد إعادة انتخاب بوتين رئيسا في مايو 2012 واصل نيمتسوف ادانة النفقات التي اعتبرها مفرطة للرئيس والفساد، خصوصا في دورة الألعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي (جنوب).

back to top