الدراما بين الأمس واليوم... تحوّلات وتحديات

نشر في 28-02-2015 | 00:01
آخر تحديث 28-02-2015 | 00:01
مرَّت المسلسلات التلفزيونية العربية بتطورات عدة شملت نواحي مختلفة فيها أبرزها القضايا المعالجة، وكثرة الإنتاج، وطريقة الإخراج والتصوير، ولا ننسى أداء الممثلين والشخصيات الدرامية المتنوعة.

 من المؤكد أن الزمن يتحكم بنواحي الحياة كافة بما فيها الفن ويطبع بصماته في الفكر، لإحداث التطوير، وما كان يعتبر محظوراً ومحرماً في الماضي يجد طريقه اليوم إلى المعالجة، تواكبه تكنولوجيا حديثة على مستوى الصورة، من دون نسيان أهم عامل، أي الممثل الذي اختلفت طريقة أدائه، مجاراة للعصر والتطور.

 حول التحولات الدرامية في السنوات الأخيرة، استطلعت «الجريدة» آراء نجوم  عرب.

جرأة وتقنيات ومعالجة مختلفة

أحمد عبدالمحسن

ابراهيم بوطيبان

{الاختلاف بين الدراما في السابق وفي الوقت الراهن ليس بالشيء الكثير، بل طرأت تغييرات اعتقد أنها طبيعية، خصوصاً أن الوقت والزمن في تبدّل مستمر»، يوضح الفنان ابراهيم بوطيبان لافتاً إلى التغيّر الذي طرأ في تعامل الفنانين مع الوسط الفني، خصوصاً أن الاختلافات التي أحدثها الفنانون تتعلق بكيفية أداء الأدوار واختيار شخصيات مناسبة.

يضيف: «من الصعب راهنا، التكهن بشخصية الفنان التي يريد تجسيدها في كل عمل. لدينا مجموعة متميزة من الفنانين يستطيعون أداء معظم الأدوار، وأعتقد أن كثرة الأعمال الفنية في الوقت الراهن أسهمت في ذلك، ولكن في السابق عانى الفنانون قلة الأعمال الدرامية وصعب عليهم اختيار أدوار يحلمون بها».

يرى بوطيبان أن القضايا التي تتحدث عنها الدراما هي ذاتها ولم تخضع لأي تغيير، وأن الوضع في السابق كان أكثر انفتاحاً، ويتابع: «يجد بعض الكتاب حالياً صعوبة في التعبير عن رأيهم ليس لقيود معينة تفرضها الدولة، إنما لوجود فئة في المجتمع الكويتي لا تتقبل الانتقاد، وأعتقد أن الرقابة أصبحت أكثر تشدداً من الماضي بسبب الوضع الراهن في المنطقة العربية وليس في الكويت فحسب. أما الجرأة فهي ذاتها لم يطرأ عليها تغيير، بل ثمة اتفاق تام، سواء في الماضي أو الحاضر، يمنع الجرأة المبالغ فيها ويضع قيوداً على بعض الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها.

محمد الصيرفي

{كانت الدراما في الماضي أكثر جمالاً من الوقت الراهن، لكن مع مرور الزمن تطورت من ناحية التقنيات الحديثة التي تستخدم في تصوير الأعمال»، يشير الفنان محمد الصيرفي لافتاً إلى اختلاف مواضيع الطرح في الوقت الراهن، إذ أصبحت أكثر جرأة.

يضيف: «في الزمن الجميل كان أفراد الأسرة بأكملها يتابعون الدراما، فيما اليوم من النادر حدوث ذلك، لأن بعض الأعمال لا يحقق مشاهدة تذكر، نظراً إلى الكم الكبير واختلاف القضايا التي لا تقدم فائدة للمجتمع الخليجي عموماً والكويتي خصوصاً. أما بالنسبة إلى قدرة الفنانين، فأعتقد بأن لكل جيل عمالقة يستحقون الوقوف أمام الشاشة».

يتوقع الصيرفي أن يقلّ الإقبال على الدراما في المستقبل، لأن القضايا المطروحة لا تتغير، ويتابع: «من النادر أن تشاهد اليوم أعمالاً تتمتع بأفكار جديدة. للأسف، أصبحنا نكرر أنفسنا. ربما للرقابة دور في ذلك، لكن عليها أن تقوم بواجبها بشكل مطلوب»، متمنياً أن تكون ثمة تغييرات في المستقبل على مستوى النصوص المطروحة، وأن تُناقَش قضايا مختلفة من خلال سيناريوهات مميزة وجديدة.

في المقابل، يلاحظ أن ثمة فئة، وإن كانت بسيطة، تحاول إحداث تغييرات على مستوى الطرح في الدراما المحلية، داعياً الله أن يوفقه في المستقبل في تقديم أعمال تعالج قصصاً وقضايا تمس مصلحة المجتمع الخليجي والكويتي، والمجتمعات العربية عموماً.

عبدالمحسن القفاص

{طرأت على الدراما المحلية تغييرات ورغم ذلك بقيت رائدة في المنطقة}، يؤكد الفنان عبدالمحسن القفاص موضحاً أن الدراما المحلية تزداد جودة كلما مر وقت لإتاحتها فرصاً للفنانين الشباب.

يضيف: {الوضع متميز راهناً على مستوى القضايا التي يتناولها الكتّاب في الدراما. صحيح أن ثمة تشابهاً في بعض المسائل، لكن هذه الأمور تحدث نظراً إلى كثرة الأعمال والمنتجين والفضائيات}.

يتابع: {رغم وجود مجاملات لم تكن موجودة سابقاً، فإن الوضع لا يدعو إلى القلق. ثمة فنانون شباب متميزون لهم بصمة رغم صغر سنهم ويصقلون مواهبهم بشكل صحيح، وهذا أمر يدعو إلى التفاؤل بمستقبل الفن في الكويت}.

يلاحظ القفاص أن رؤية المخرجين للنصوص الدسمة اختلفت عما كانت عليه في الماضي، وأن الجرأة في الأعمال محدودة رغم وجود نصوص جريئة، ويقول: {في كل وقت وفي كل زمن لم تصل الدراما الكويتية الى حد الجرأة المفرطة، وأي عمل يتجاوز الخط المحدد يختفي صداه بسرعة البرق، لأن ثمة وعياً لدى المشاهدين الذين يميّزون بين الأعمال الهادفة، وهي تشكل نسبة كبيرة من الدراما، وبين الأعمال غير الهادفة التي تتعرض لانتقادات من صحافة الكويت، فهذه الأخيرة لا تجامل على حساب أحد، حتى وإن كانت هذه الأعمال لفنانين كبار لهم وزنهم في الوسط الفني}.

غوص في الواقع

بيروت  -   ربيع عواد

جوليا قصار

{الدراما في تحسن وثمة جمهور لبناني يتابعها ويدعمها ويتعاطف مع الممثلين اللبنانيين ويفضّلها على المسلسلات التركية والسورية ما دفع المؤسسات المرئية إلى زيادة الإنتاج والعرض}، تقول جوليا قصّار موضحة أن الدراما اختلفت بين الأمس واليوم من نواحي الإنتاج والمواضيع والانفتاح والممثلين والإنتاج، لا سيما مع الأعمال العربية المشتركة.

تضيف: {عندما يوضع الشخص المناسب في الموقع المناسب، ويتوافر الفريق التقني الجيّد، يتحسّن الإنتاج ويتقدّم، خصوصاً مع انطلاق مؤسسات إنتاجية جديدة، ما يفعّل المنافسة الإيجابية وينعكس على نوعية الإنتاج والأعمال}.  تتابع أن الظروف الدرامية التي كانت سائدة سابقاً، خصوصاً في زمن الحرب وفي ظل ظروف إنتاجية صعبة، اختلفت عما هي عليه اليوم، {في الماضي عندما كانت تُسلّط الأضواء على ممثل ما، كان الجميع يحيطه إعلامياً ومهنياً وكان يلفت النظر بأدائه. أمّا راهناً، وبسبب المنافسة في الوسط الفني، فيضطر الممثل إلى الخضوع إلى اختبار أداء وإلى الاجتهاد لإثبات وجوده عبر وسائل عدّة}.

رندا الأسمر

{الإنتاج الدرامي في تحسن لكن لا بد من الحفاظ على النوعية الجيدة لناحية الممثلين والمواضيع} تؤكد رندا الأسمر مشيرة إلى أن الدراما اللبنانية، تطورت في السنوات الأخيرة ولها موقع عند الجمهور.

تضيف: {تسلط الدراما اليوم الضوء على الواقع وعلى قضايا اجتماعية، لكن المشاهد يتعلق بالأعمال التاريخية أو التي تروي أحداثاً تدور في حقبة من الماضي على غرار {ياسمينا} الذي عرض أخيرا وفرح به الجمهور، لأنه رأى فيه ما يخصّ بلده جغرافياً وقيماً اجتماعية وفترة زمنية عانى الوطن فيها الحرب والجوع والذل، وحافظ على كرامته وعلى الأرض التي تنتج وتعطي الخيرات}.

حول الممثلين تتابع: {ثمة معايير تغيرت في ظل إغراءات كثيرة متوافرة راهناً في المهنة، ومنها المال والشهرة، والممثلة المستعدة لإظهار مفاتنها تُعرض عليها أدوار البطولة. أما في الماضي فلم يكن جيلنا يتوقّف عند المردود المادي ولم يسعَ إلى الإطلالات الإعلامية لأن همه الوحيد آنذاك كان تقديم عمل جيد ومتقن وأداء أدوار بحرفية}.

جهاد الأندري

{شهدت الدراما تطوراً بين الأمس واليوم، بسبب حركة الإنتاج ووفرة الأعمال، ما عزَّز المهنية والاحتراف} يوضح جهاد الأندري معتبراً أن التغير الذي تشهده الدراما بين جيل وجيل طبيعي في ظل تحسن الإنتاج في القطاع المحلّي تدريجاً.

يضيف: {إذا أردنا السير بسكّة الإنتاج العربية، يجب أن تكون حركتنا سريعة وموازية لتلك العجلة، خصوصاً في ظل المنافسة على الساحة الدرامية المفتوحة محلياً وعربياً على بعضها البعض}.

ويعتبر أن التغير في المواضيع ومقاربتها للواقع أمر إيجابي، إلى حد بعيد،  منوّها بالدراما السورية التي تتحدث عن مأساة الحرب، ويتابع: {برأيي الحرب مارد بشع يحفر ذاكرة الشعب ويجب التحدث درامياً عنه ليكون واقعياً. ثم من حقّ الفنان اختيار الموضوع الصادق والحقيقي والواقعي الذي يريد، ومن واجب المشاهد المتلقي احترام رأيه، بغض النظر عما إذا كان مؤيداً له أو لا، ومحاسبته على الأسلوب الفني وما اذا كان مقنعاً أو لا}.

حول مستوى الأعمال الدرامية العربية واللبنانية يلفت إلى أن ثمة الجيد والسيئ، إلا أن ذلك طبيعي وصحّي، {يجب توافر الاثنين لسنوات طويلة حتى تتحقق النهضة، لذا ادعو المنتجين والكتّاب والمخرجين اللبنانيين إلى العمل والاجتهاد والمحاولة مراراً وتكراراً ليكتشفوا هويتهم ويتخطوا الحدود}.

صورة مبهرة وقضايا غير مطروقة

القاهرة –  بهاء عمر

تلاحظ داليا البحيري أن أبرز التحولات الدرامية، في السنوات الأخيرة، التطرق إلى قضايا غير مسبوقة كانت تدخل في خانة المحظور أو المسكوت عنه، على غرار «صرخة أنثى»، و{القاصرات».

وتضيف أنها في «صرخة أنثى» ناقشت قضية «التحول الجنسي» للمرة الأولى بأسلوب درامي تلفزيوني، ومع أن القضية تناولتها صفحات الجرائد منذ سنوات، لكنها لم تلق المعالجة اللازمة والمستحقة درامياً.

تتابع: «سمة الدراما في الحاضر هي الجرأة في المعالجة وإحداث صدمة لدى المشاهدين بتصوير الحقائق والمشاكل التي يعبق الجتمع بها، وهي مسألة جديدة إذا ما قورنت بالمحتوى الاجتماعي في الدراما التي كانت تتطرق لقضايا تاريخية أو علاقات أسرية، أو قصص حب، إياً كان القالب الذي تظهر من خلاله».

قضايا شائكة ومتنوعة

توضح نسرين أمين، أن بروز المرأة بقضاياها الشائكة والمتنوعة، ضمن اللعبة الدرامية، أحد أهم الملامح المرتبطة ببروز قضايا تحرر المرأة وحقوقها في السنوات الأخيرة.

تضيف أن مسلسلات على غرار «ذات» و»سجن النساء»، تعد علامات في التحولات الدرامية على مستوى الشكل والمحتوى، مؤكدة أن اتساع دائرة وسائل العرض (قنوات متخصصة في الدراما، وقنوات إلكترونية ومواقع شهيرة مثل «يوتيوب») يؤدي إلى زيادة كم الأعمال والمنافسة، بالتالي تقديم  أعمال متميزة. في المقابل ثمة اتجاه لدى البعض لملء مساحة البث المتاحة بمحتوى ضعيف درامياً وإعادة تقديم قضايا سبق أن طرحت وأُشبعت بحثاً وتمثيلاً.

بدورها تلفت حنان سليمان إلى أن عودة المسلسلات ذات الأجزاء المتعددة إحدى الظواهر اللافتة في طريقة تقديم الدراما المصرية، على غرار {هبة رجل الغراب» و«المصراوية» الذي كان مقرراً أن يمتدّ على أكثر من ثلاثة أجزاء، وهو للراحلين أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ. وتضيف: «دخل بعض المنتجين في سباق مع الدراما التركية في ما يخص الإنتاج الضحم والحلقات الكثيرة (أكثر من 60 حلقة) في بعض المسلسلات، ما يعد ظاهرة جديدة، وتعدد مواسم الدراما بعدما حصرت بموسم رمضان، ما يسمح بتقديم أجزاء مسلسلات على غرار: «ليالي الحلمية» و{المال والبنون».

وعلى صعيد المحتوى، تلاحظ سليمان أن النصوص الدرامية أصبحت أكثر جرأة في تناول المحظور، وتقديم نماذج سلبية في المجتمع بغرض تغييرها، وتسليط الضوء عليها.

سوء استخدام

يوضح ياسر جلال أن من بين التحولات الدرامية في السنوات الخمس الأخيرة، إعادة تقديم أفلام ناجحة بأسلوب تلفزيوني، على غرار: «الزوجة الثانية»، «الإخوة الأعداء»، «العار»، معتبراً ذلك إعادة محاكاة للماضي بغرض مخاطبة الحنين المرتبط بتلك الأعمال في وجدان المشاهدين.

يضيف: «رغم أن تلك المحاولات قد تحتمل المغامرة، لا سيما إذا حدثت مقارنة بين الأعمال الأقدم تاريخياً والأعمال الجديدة، لكن رغبة الناس في مشاهدة أعمال مرتبطة بذكريات وجدانية تمثل عاملا مهما للنجاح، فضلاً عن إعادة الكتابة التي تحاكي متغيرات مختلفة».

ظاهرة تراجع المسلسلات التاريخية التي يتم تقديمها سنوياً، إحدى التحولات التي يرصدها ياسر جلال في السنوات الماضية، معتبراً أن تلك الأعمال ضرورة يجب أن تنتبه لها الدولة والمنتجون، وعدم الاكتفاء بتقديم دراما اجتماعية أو بوليسية وغيرها.

بدوره يلفت المخرج عمر الشيخ إلى أن التحول الأهم في السنوات العشر الماضية، يبرز في الاعتناء بالشكل والأزياء ومستوى الصورة وتقنيات التصوير وغيرها من مسائل، إلى حد ملاحظة المتابع العادي لتلك المتغيرات.

يضيف أن البعض يسيء إلى تلك التحولات والتغييرات الجيدة في شكلها العام، عبر استخدامها بشكل مبالغ فيه من دون وجود محتوى جيد يخدم تلك الصورة، عازياً التطور إلى المتابعة عن قرب للدراما السورية والتركية، وأحدث إنتاجات السينما العالمية، مضيفاً أنه من الضرورة مواكبة التطور في الصورة عبر تحسين مستوى النص.

يتابع: «بالنسبة إلى المحتوى، يعتمد البعض الارتجال أمام الكاميرا ليبدو العمل أقرب إلى الواقع، ورغم عدم الرفض الكامل للفكرة، لكن لا بد من أن تُحكم بالسيناريو والحوار، ليكون ثمة سياق وضابط للعمل ككل».

back to top