العراق في مرحلة ما بعد سقوط صدام (7-12) مستوى النشاطات المسلحة وتفجير المراقد

نشر في 14-02-2015
آخر تحديث 14-02-2015 | 00:03
يعد سقوط نظام صدام حسين في العراق محطة تاريخية مفصلية في المنطقة، ومن هذا المنطلق تنشر «الجريدة»، صفحات كتبها وفيق السامرائي رئيس جهاز الاستخبارات في عهد صدام، عن رؤيته للأحداث منذ سقوط بغداد، وصولاً إلى الحرب الأخيرة على «داعش»، لمنح القارئ فرصة فريدة للاطلاع على الأحداث من زاوية شخصية مطلعة، لفهم أوضح للماضي وتشريح أدق للحاضر، وقابلية لاستشراف المستقبل، وفي ما يلي الحلقة السابعة من هذه المذكرات القيمة:
المقاومة -أو عمليات التمرد كما يسميها الأميركيون- في شمال بغداد وغربها لم تستهدف القوات الأميركية وحدها كحركة مسلحة لمقاومة احتلال، إنما استهدفت قوات الشرطة المحلية وأي وحدات عسكرية جرى تشكيلها، تعبيراً عن الرفض للنظام الجديد، فانفلت الأمن وعمّت الفوضى إلى درجة تسببت في نزوح ملايين الأشخاص إلى خارج العراق. وقتل عشرات آلاف الأشخاص أغلبيتهم العظمى على يد تنظيم القاعدة، والقسم الآخر من قبل القوات الأميركية، وقليل منهم على يد القوات العراقية أثناء عمليات المجابهة. وبينما كانت الخسائر الأميركية خلال عملية إسقاط النظام نحو 100 قتيل عسكري، حتى إعلان سقوط النظام في التاسع من أبريل 2003، بلغت خسائر القوات الأميركية نحو 4500 قتيل، وكان المعدل العام حوالي 1.7 قتيل يومياً، وسجلت نسب عالية من الجرحى بلغت أكثر من 30000، أي سبعة أضعاف عدد القتلى تقريباً، بينما النسبة المعتادة في الحروب التقليدية السابقة مسجلة على أساس ثلاثة جرحى مقابل كل قتيل. وإن تغير المعادلات حدث نتيجة التحسن الكبير في تجهيزات الحماية الفردية، التي قللت نسبة القتلى إلى النصف. وأصبح كل جندي مجهزاً بسترة ضد الرصاص تؤمن له حماية قوية من نيران الأسلحة الخفيفة، والرمايات البعيدة بالرشاشات المتوسطة، وبعض شظايا القنابل الطفيفة. غير الآن المعاهد العسكرية العربية لاتزال تتعامل مع الخسائر وفق معدلاتها السابقة أسيرة حسابات ما قبل تدابير الحماية الجديدة.

أما في جنوب العراق، فلم تستهدف النشاطات المسلحة مراكز الشرطة وتشكيلات الجيش وعمليات التطوع في القوات المسلحة إلا في حالات نادرة، إلا أن الحكومة المركزية بدعم أميركي قوي حاولت فرض وجودها على الجنوب، فحدثت معارك عنيفة مع فصائل مسلحة عملت تحت لافتة المقاومة الإسلامية أو اسم آخر، مستهدفة قوات التحالف، ودارت معارك شديدة في مدن عدة من الجنوب.

الصدام مع التيار الصدري

لم يجابه النظام الجديد تهديداً جدياً منذ المراحل الأولى لتشكيل السلطات مثلما واجه من تحد في جنوب العراق ووسطه من قبل التيار الصدري. ولم يسبق أن تحدت قوة شعبية عراقية النظام تحديا علنيا بقيادة معلومة ومكان محدد، وفي الوقت نفسه أظهرت الحكومة المركزية استعداداً لقبول المجابهة بدعم قوي من القوات الأميركية ومحاولة فرض السيطرة على المنطقة. ويستند وصف قوة التيار الصدري إلى العناصر التالية:

• وجود قاعدة شعبية كبيرة وواسعة للتيار في مختلف مدن وسط وجنوب العراق، ووجود قدرة عالية على تعبئة الناس وتكوين قوة مسلحة خلال وقت قصير.

• التيار لم يتأسس وفق معادلات معارضة الخارج ولم يحسب شريكاً في الحكم، لذلك، فإنه لم يأبه بمعادلات الكتل السياسية وتوافقاتها ومكاسبها ومصالحها.

• القدرة على تحريك الموقف في أغلبية مدن الجنوب وصولاً إلى بغداد، التي يتمتع التيار بتأييد شعبي كبير فيها، فالثقل الجماهيري في مدينة الصدر ومناطق أخرى يحسب له حساب.

• تحصن قيادات من التيار في مواقع مقدسة أعطتها حصانة كبيرة تجاه أي عمليات عسكرية.

• أغلبية المنتمين إلى التيار الصدري في مراحل تكونه الأولى كانوا من الطبقات الفقيرة والمسحوقة، وهم الأكثر استعداداً للتضحية والثبات.

• وجود قدرة للحصول على السلاح المتوسط من رشاشات وهاونات وقاذفات صواريخ من داخل العراق وخارجه، حتى من داخل المؤسسة العسكرية.

في المراحل الأولى من الصراع منتصف عام 2004 تمكن التيار الصدري من السيطرة على عشرات المواقع والمؤسسات ومدن بأكملها، وبدأ التأثير المباشر يصل إلى بغداد خصوصاً جانب الرصافة، الذي تقع فيه مدينة الصدر بملايينها البشرية، وانتقل التوتر والنشاطات إلى مناطق الكاظمية والشعلة وغيرهما من جانب الكرخ. وأظهرت الحكومة المركزية إصرارا على المجابهة واستخدام القوة، وأشرف وزير الدفاع العراقي شخصياً على العمليات في مدينة النجف من خلال حضوره الميداني، كما أن القوات الحكومية رغم قلتها وبداية إعادة تشكيلها كانت تسيطر على الطرق المؤدية إلى مدينة النجف بمساندة قوات التحالف.

وجرت محاولات للقبض على السيد الصدر وإصدار مذكرة قبض عليه، إلا أن عملية التنفيذ بقيت قراراً مؤجلاً عملياً، نظرا للشعبية الكبيرة التي يتمتع بها، فضلا عن أن المعادلات الداخلية والإقليمية لا تسمح بالمضي في توجه كهذا.

مستوى النشاطات المسلحة

خلال العام الأول لفترة التغيير كانت معدلات الهجمات المناوئة اليومية قليلة وتتراوح بين 20- 30 هجمة يومياً على مستوى العراق، وإذا افترضنا أن القوة المنفذة للعملية الواحدة لا تزيد على أربعة أشخاص، فإن عدد المقاتلين المناوئين النشطين في ذلك اليوم لا يتعدى كثيرا 100 شخص. وإذا أفترض أن كل مجموعة تنفذ مهمة واحدة أسبوعياً، فإن عدد المسلحين النشطين لم يزد على 1000 ناشط قتالي في أقصى تقدير، وهو رقم متواضع يدل على أن الظروف والمعطيات اللاحقة هي التي دفعت إلى تفاقم حالة التذمر والاستعداد للعمليات المسلحة، وتعود الأسباب إلى حزمة من العوامل. وخلال عامي 2004 و2005 حصل ارتفاع نسبي في مستوى الهجمات قبل أن يعود في بداية عام 2006 إلى التراجع السريع ليصل إلى ما يقرب من 30 هجمة يوميا، واستمر على هذه الوتيرة إلى أن حدث تفجير مراقد سامراء، حيث تصاعدت الهجمات ونشاطات العنف بأرقام كبيرة وصلت إلى 200-300 هجمة يومياً. وارتفعت أعداد المسلحين إلى عشرات الآلاف في شمال بغداد وغربها وحافاتها الجنوبية فقط. وبلغ عدد المسلحين في تنظيم القاعدة 12000 شخص تحت السلاح أغلبيتهم العظمى من العراقيين.

إن عشرة آلاف مسلح عدد لا يستهان به عندما يكونون في مناطق تشكل حاضنات حتى لو بني الوجود على خليط من الاضطرار والرغبة، خصوصا عندما تكون القوات المسلحة حديثة التشكيل، ولم يتكامل بناء عناصر القوة في تشكيلاتها، فضلا عن أن طبيعة الصراع والمناطق المبنية وحرص القوات المركزية على تجنب إيذاء المواطنين الأبرياء عوامل تؤدي إلى جعل المهمات القتالية أكثر صعوبة، فتصبح الحاجة إلى الوقت أكثر كثيراً من المدد الافتراضية وفق الحسابات العسكرية التقليدية. ويحتاج هكذا نوع من الحروب والعمليات إلى درجة متقنة من فنون الاستخبارات لغرض متابعة حركة المعلومات، التي يصعب تأمينها من خلال وسائل الرصد المعتادة في الحروب التقليدية. وفي مثل هذه الحالة يجري التركيز على المصادر البشرية والوسائل الإلكترونية ضمن قدر محدود، لاسيما أن الإرهابيين غالبا ما يدربون أنفسهم على تقنين استخدام الوسائل الممكن رصدها إلكترونياً. ولسوء حظ العراقيين أن هذه المعادلات والحسابات لم تكن ضمن الحقول المتاحة إيجابيا.

صدمة تفجير المراقد

مراقد الأئمة في سامراء كانت ولاتزال تمثل قاسما مشتركا موحدا للعراقيين جميعا، فهي لم تكن ملكا لجهة أو شريحة دون أخرى، وفي الوقت الذي يتدفق مئات آلاف الزائرين وأحيانا الملايين من وسط وجنوب العراق لزيارة المراقد لاعتبارات دينية. درج أهل سامراء على زيارتها بشكل مستمر، خصوصا في المناسبات الخاصة والعامة ومنها الزواج ونهاية الأسبوع، ومنذ مئات السنين إعتاد أهل سامراء وأغلبيتهم العظمى من السنة على القسم بالأئمة. وعندما احتل تنظيم القاعدة مدينة سامراء عام 2004 نتيجة الفراغ الذي حدث بعد انسحاب جزئي أميركي لم يمس الإرهابيون المراقد وبقيت موضع صيانة واحترام رغم استمرار احتلال المدينة أكثر من ثلاثة أشهر متواصلة، غير أن الوضع قد تغير في مرحلة لاحقة.

في صباح 22 فبراير 2006، كنت في مكتبي برئاسة الجمهورية، وفي وقت مبكر اتصل بي أحد أهم ضباط الشرطة من مدينة سامراء، وبعد سلام قصير قال: (سيدي، جماعة هيثم السبع قاموا بتفجير مرقد جدنا علي الهادي)، فنسبة كبيرة من أهل سامراء ينتمون بالنسب إلى الإمام الهادي. وتفاعلت مع المكالمة بجدية إدراكاً لخطورة الموقف، وذهبت إلى الرئيس طالباني في مسكنه المجاور لمقري وأخبرته بالموقف لاتخاذ التدابير اللازمة لمجابهة واحتواء ظروف لاشك أنها ستضيف تعقيدات خطيرة على الوضع العراقي، الذي بدأ يتحسن تدريجيا ولو ببطء. غير أن فرص الاحتواء تبدو مستبعدة تماماً، ومن الضروري العمل على تقليل الضرر قدر الإمكان.

تفجّر الموقف فوراً في بغداد بشكل خاص وفي مدن عدة أخرى، فاتصل الرئيس بالمرحوم السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الذي جرى تغيير تسميته إلى المجلس الإسلامي الأعلى، انسجاماً مع المتغيرات التي حدثت بعد سقوط النظام، وتم الاتفاق على مجيء وفد من شيوخ ووجهاء ومثقفي محافظة صلاح الدين عموما ومنهم ممثلون عن سامراء. وبالفعل جاء وفد كبير من نحو ثلاثين شخصا، وقد ذهبنا معا إلى مكتب المجلس والتقينا السيد الحكيم لشرح حقيقة الموقف وبراءة أهل سامراء من العمل الإجرامي الذي يستهدف إثارة حرب طائفية. وللأمانة فإن موقف الحكيم كان إيجابيا جداً ومتفهما للوضع ومقتنعا بالشرح الذي قدمته حول الموضوع. إلا أن الموقف تحول إلى حالة فورية خطيرة لا يمكن تدارك أبعادها بسرعة، فالمسألة نزلت إلى الشارع من دون سابق إنذار ولم تعد التبريرات تنفع كثيرا مع من وقعوا تحت ضغط الصدمة وكموقف مبدأي عقائدي أيضاً.

وبصرف النظر عن الاتهامات الموجهة من أطراف مختلفة والقصص التي افتعلت، فإن تنظيم القاعدة هو من قام بعملية التفجير بكل تفصيلاتها، وقاد تنفيذ العملية هيثم السبع البدري الذي يرتبط بصلة قرابة بـإبراهيم عواد البدري الملقب أبوبكر البغدادي (زعيم داعش)، بتوجيه قيادة التنظيم الإقليمية، وان الحماية القريبة كانت ضعيفة جداً، ولم يجر التحسب من قبل المسؤولين المحليين وسلطة المركز لهذا الاحتمال الخطير. أما ما قيل عن أن إيران هي التي قامت بالتفجير فقصة بعيدة عن الواقع ولم تعد لها قيمة. وحتى التبريرات التي تم سوقها في أن إيران كانت تريد تصعيد الموقف، فهي في الحقيقة ليست في حاجة لمثل هذا الخيار للتصعيد، لأن تأثيرها الميداني كان ولايزال قوياً، علما بأن هيثم السبع –أمير سامراء بتنظيم التوحيد والجهاد المرتبط بتنظيم القاعدة- الذي قتل في شهر أغسطس 2007 في اشتباك مع القوات الأميركية شرق مدينة سامراء، هو أحد عتاة المجرمين، وتسبب في قتل المئات من أهل سامراء من قبل عناصر التنظيم بحجج العمالة وعدم الولاء والتعاون مع الأميركيين والحكومة وحتى لأسباب تافهة.

ذروة العنف

رد الفعل الواسع وغير المنظم على تفجير مراقد سامراء لم يكن الطرف الوحيد في التصعيد، ويبدو أن تنظيم القاعدة قد صمم العملية وفق تخطيط مدروس لمحاولة إثارة حرب أهلية، بعد أن بدأ مشروعه في العراق يفشل وتتلاحق الضربات عليه، والنشاطات المسلحة لم تخترق حاجزاً غير معتاد، والناس أصيبوا بالملل من العنف ومن دعاة المقاومة والجهاد. ووفقاً لمجريات الأحداث لوحظ نشاط كبير لإرهابيي القاعدة باستهداف التجمعات المدنية الشيعية والحسينيات والأسواق الشعبية، وفي المقابل اتسع نطاق استهداف المساجد والخطف والاغتيالات من كل الشرائح والأطراف، ولم يعد في وسع المؤسسات والحكومة وأي جهة أخرى السيطرة على الموقف الذي أخذ يزداد انفلاتاً، وتحولت الحياة في بغداد إلى جحيم حقيقي، فاضطر كثير من الناس إلى مغادرة المدينة داخل العراق وخارجه، وارتفع عدد اللاجئين في سورية والأردن إلى ما يقرب من المليوني شخص نسبة كبيرة منهم من مدينة بغداد. وعجزت قوات التحالف الذي كان عددها نحو 170000 عن القيام بدور فعال للسيطرة على الموقف. وانتشرت ظاهرة الجثث الملقاة في الشوارع ومجاري المياه وفي تجمع الطب العدلي بالعشرات يومياً، وكانت تلك أسوأ موجة عنف مر بها العراق خلال تاريخه الحديث.

مواقف

طلبنا من الحكومة منع التجول في بغداد لفترة محددة وكان في وقتها الدكتور إبراهيم الجعفري رئيساً للوزراء، إلا أن المعضلة تعدت المدد المحدودة، وبات واضحا أن حالة الانفلات ستحتاج إلى وقت طويل لإعادة السيطرة، وباستثناء موقف الرئيس الطالباني الإيجابي المعروف بالسعي لنزع فتيل الأزمة رفضت اطراف كردية المشاركة بقوات من البيشمركة للفصل والتهدئة، وتقف وراء هذا الموقف تصورات وغايات متضادة. وفي كل الأحوال فإنها محاولة للابتعاد عن القيام بأي دور في مجال التهدئة، وهو موقف لا يبتعد كثيراً عن النيات السلبية، كأن الأمر لا يعنيهم.

موقف الكتل السياسية المختلفة بقي هامشيا وفاقدا المبادرة، ورغم قسوة الظروف ومعاناة الأبرياء بقيت عمليات الاستغلال السياسي والفساد والمزايدات والمماطلات مستمرة بلا توقف، لاسيما أن الحماية مؤمنة لمعظم السياسيين، وأصبح القتل والخطف ليس على الهوية فحسب، بل لأغراض الابتزاز والحصول على المال بصرف النظر عن الهوية. مع ذلك، بقيت الحياة قائمة ومستمرة لأنه لم تكن هناك من خيارات أخرى، فتحمل الناس المصائب على أمل أن تنزل الحلول من السماء.

المرجعيات الدينية تصرفت بخطاب منطقي ومسؤول ووقفت ضد الانجراف الطائفي، إلا أن الوضع كان بالغ التعقيد ويحتاج إلى قوة وسلسلة من الإجراءات لفرض سلطة الدولة وإعادة الأمن تدريجياً بقرارات قوية ومساع كبيرة. وجرى تشكيل حكومة جديدة برئاسة المالكي شاركت فيها كل أطراف العملية السياسية، إلا أن عمليات الشد السياسي بقيت مستمرة نسبياً، فالسياسيون لايزالون أهم أسباب الخلافات والمعضلات لأسباب مصلحية ونفعية صرف، لأنهم بنوا مواقعهم على صرح افتعال التناقضات، وكل ما يقال عن أن الشعور الشعبي شعور طائفي لا يحظى بالمصداقية، ولدينا من المعلومات والاستطلاعات ما يثبت رؤيتنا هذه.

انتعاش «القاعدة»

في ظل التطاحن الداخلي الذي كان الشعب العراقي بأغلبيته العظمى وبكل شرائح المجتمع بريئاً منه، انتعش وضع تنظيم القاعدة كثيراً، وأصبحت تنقلاته وتحركاته أكثر سهولة من أي وقت مضى، وبدأ يتحرك في بغداد وأطرافها ويتنقل أتباعه من محافظة الأنبار غربا إلى جنوب بغداد وأطرافها المسماة حزام بغداد، وكذلك إلى محافظة ديالى التي يعيش فيها خليط مجتمعي من كل شرائح الشعب الرئيسية من عرب وكرد وشيعة وسنة وفيلية وتركمان، وكانت المحافظة تعيش أسوأ حالات التصعيد والعنف، وارتفعت بيانات التحدي وتزايدت الهجمات المسلحة بقسوة مفرطة. ولم يبق أحد آمن مما يحدث من عنف مفرط. إلا أن العلاقات الأسرية بقيت قائمة ومستمرة وأقوى من كل رياح العنف ومحاولات التفكيك، ولم تؤثر عليها عمليات الترحيل القسري التي اتهم فيها سياسيون ضمن مناطق معلومة.

إن أهم أهداف تفجير المراقد هو الدفع باتجاه إثارة حرب طائفية أهلية على مستوى العراق، فهذه الحالة كانت غاية كبيرة وخطيرة، لأنها تؤمن مجالا حيويا لتحركات القاعدة والقوى المناوئة وتساعد في إحداث شرخ أريد له أن يقود إلى مفاصلة نهائية بين العراقيين. وقد تفاعل أهل سامراء بطريقة إيجابية تعبيراً عن رفضهم للتفجير وإدانتهم الشديدة للعمل الإجرامي، وتأكيد أن القائمين معروفة هوياتهم وهم أنفسهم من سببوا نكبات للمدينة، وأن مناطق انتشار القاعدة في منطقة سامراء كان معلوما مكانها، وطلب من وزارة الدفاع القيام بعملية رئيسية لتدمير مناطق انتشارهم، إلا أن الوزارة كانت ضعيفة ولا تمتلك الإرادة على القيام بعمليات رئيسية، ونتيجة الفشل في المعالجة الجذرية عادت المناطق نفسها لتصبح قواعد للدواعش الحاليين.

back to top