هل تحتاج حقاً إلى شرب الحليب؟

نشر في 31-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 31-01-2015 | 00:01
No Image Caption
سمعنا كلنا شعارات كثيرة عن الحليب: يفيد الجسم، من الطبيعي أن تشرب الحليب لتبني عظاماً قوية، الحليب غذاء الأطفال الأهم. كذلك شُجع كثيرون ممن سمعوا شعارات مماثلة عندما كانوا يكبرون على شرب بضعة أكواب من الحليب يومياً بسبب فوائده الصحية. ولكن هل يحتاج الأولاد حقاً إلى شرب كميات كبيرة من هذه المادة البيضاء؟
اتضح أن الحجج التي تدعم شرب الحليب واهية. صحيح أن الحليب مصدر جيد للبروتين، الكالسيوم، والفيتامين D، إلا أن أطعمة أخرى تزودنا أيضاً بهذه المواد المغذية. علاوة على ذلك، ما من دليل على أن شرب الحليب يحد من كسور العظم، فضلاً عن أن الإكثار منه قد يؤدي إلى فقر الدم ويسهم في السمنة، وفق الخبراء اليوم.

ولكن هل يحتاج الأولاد حقاً إلى الحليب؟ كلا، لا يحتاجون إليه، حسبما تقول آيمي لانو، بروفسورة متخصصة في مجال التغذية في جامعة كارولاينا الشمالية في آشفيل. يتوقف كثيرون عن شرب الحليب بعد فطمهم ويتمتعون رغم ذلك بغذاء ملائم، كما توضح لانو. إليك لمحة عن فوائد شرب الحليب وسيئاته المحتملة.

الجيد

سمع معظم الناس أن الكالسيوم في الحليب يساعد الإنسان في تطوير عظام سليمة وقوية. بالإضافة إلى ذلك، يدعّم الحليب بالفيتامين D، مادة كيماوية تنتجها البشرة عندما يمضي الإنسان الوقت في الشمس، إنما من الصعب الحصول عليها من الغذاء، لأنها لا تتوافر إلا في عدد محدود من الأطعمة مثل السمك الدهني، صفار البيض، وكبد البقر. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن نقص الفيتامين D قد يسبب الكساح، داء يؤدي إلى تقوس العظام وضعفها. كذلك ارتبط هذا النقص بمشاكل أخرى، مثل اعتلال العضلات والأعصاب.

بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الحليب مصدراً غنياً بالبروتينات والسعرات الحرارية الضرورية لنمو الأولاد. لا يزال سوء التغذية يمثِّل مشكلة حتى بين أولاد العالم المتطور. فقد يعجز الأولاد صعبو الإرضاء عن الحصول على الكمية الكافية من البروتينات والسعرات الحرارية من غذائهم. ولا شك في أن الحليب يشكِّل وسيلة سهلة وغنية بالمواد المغذية لمدهم بهذه السعرات الحرارية، حسبما يؤكد الدكتور جوناثن ماكغواير، طبيب أطفال في مستشفى سان ميشال في تورنتو.

مبالغة؟

يتوافر الكالسيوم في عدد من مصادر الطعام الأخرى غير الحليب، مثل الجوزيات، الفاصولياء، والخضروات الخضراء، وفق لانو.

بالإضافة إلى ذلك، أثار بحث جديد أسئلة حول مفهوم أن الحليب يبقي العظام قوية. فقد اكتشفت دراسة نُشرت عام 2013 في مجلة JAMA Pediatrics أن الأولاد الذين يعيشون في بلدان يتراجع فيها معدل استهلاك الحليب يعانون نسبة كسور أقل، مقارنة بأولاد البلدان التي تكثر من شرب الحليب. فضلاً عن ذلك، تذكر لانو أن مفهوم أن الأولاد يحتاجون إلى معدلات عالية من الكالسيوم للحفاظ على عظامهم قوية قد يكون مبالغاً فيه. فقد أظهرت دراسات عدة أن التأثير الذي يتركه التمرن أو النشاطات الجسدية الأخرى في عظم الأولاد يبقى العامل الأساس في نمو العظم.

قالت لانو لمجلة Live Science: {يُعتبر الخروج من المنزل واللعب الطريقة الفضلى لتمتع الأولاد بعظام قوية}.

صحيح أن الفيتامين D مادة مغذية ضرورية، إلا أنها لا تأتي طبيعياً في الحليب. لذلك تشكل الأطعمة المدعمة الاخرى، مثل حبوب الفطور، عصير البرتقال، وحليب الصويا، مصادر جيدة أيضاً، وفق لانو. كذلك من الممكن الحصول على الكمية عينها من البروتين المتوافرة في الحليب في كثير من المصادر الأخرى، بما فيها الفاصولياء والبيض.

السيئ

يعاني ثلاثة أرباع الناس عدم تحمل اللاكتوز ولا يستطيعون هضم اللاكتوز، وهو السكر المتوافر في الحليب. وأخبر ماكغواير Live Science أن الكالسيوم يعيق أيضاً امتصاص الحديد، ما يعني أن الإكثار من شرب الحليب قد يؤدي إلى فقر الدم.

علاوة على ذلك، قد يعزز هذا المشروب، الذي يحتوي على كمية كبيرة من السعرات الحرارية، السمنة. فقد اكتشفت دراسة نُشرت في شهر ديسمبر عام 2014 من Archives of Disease in Childhood أن الأولاد الصغار الذين يشربون ثلاث حصص أو أكثر من الحليب يومياً قد يتمتعون بقامة أطول، إلا أن نسبة السمنة والوزن الزائد ترتفع أيضاً في حالتهم. كذلك يشير بعض الدراسات إلى أن الحليب القليل الدسم أو الخالي منه لا يشكل الحل لأن الناس لا يشعرون بالشبع عند تناوله.

إحدى المشاكل الأخرى أيضاً واقع أن الإكثار من الحليب يحرمنا من الأطعمة المغذية الأخرى. وينطبق الأمر خصوصاً على الأولاد صعبي الأرضاء.

تسأل لانو: {إذا أطعمت ولدك ثلاث حصص من حليب البقر، فكيف سيتسنى له تناول أطعمة صحية أخرى مثل الخضروات، البقول، والبروتينات الخالية من الدهون؟}.

وتضيف: {أما فوائد تناول الحليب المنكه فليست مثبتة البتة. يحتوي كوب (226 غراماً) الحليب بالشوكولا قليل الدسم على العدد نفسه من السعرات الحرارية من السكر كما كوب (226 غراماً) كولا أو بيبسي}. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن السكر المضاف يرتبط بمجموعة من المشاكل الصحية، من السمنة إلى الداء السكري ومرض القلب.

في الختام، قد لا يكون الحليب طعاماً خارقاً، إلا أنه يزود الجسم بمواد مغذية قيمة يصعب تأمينها للأولاد بطريقة أخرى، وفق ماكغواير. وقد لاحظ البروفسور أن الأولاد يتمتعون بمخزون جيد من الحديد ومستويات عالية من الفيتامين D مع كوبين من الحليب يومياً، علماً أن هذه الكمية تتناسب مع ما توصي به الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال.

ولكن إن كان الولد يكره طعم الحليب أو يواجه صعوبة في هضمه، فلا داعي لأن يرغمه الأهل على تناوله. بدلاً من ذلك، يمكنهم أن يقدموا له أطعمة أخرى ليحرصوا على أن يحظى ولدهم بالغذاء المناسب، حسبما يوصي ماكغواير.

back to top