في عزاء المملكة: شكراً خالد التويجري!

نشر في 29-01-2015
آخر تحديث 29-01-2015 | 00:01
 مسفر الدوسري أنا المواطن البسيط الفقير إلى لله الموضح اسمه أعلاه، أقدم تعازيّ الصادقة لشعب المملكة العربية السعودية فرداً فرداً، بوفاة المغفور له إن شاء الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، عسى أن يتغمّده الله بواسع رحمته، وفي غمرة الحزن على فقده أخصّ خالد بن عبدالعزيز التويجري... وأقول له بلسان صادق: شكراً.

رجل لم ألتقه قطّ، ولم أتعرف عليه عن قرب، ولم تربطني به علاقة شخصية لا من قريب أو بعيد، ولكن أقول له شكراً، رجل قيل إنه اليد اليمنى للملك الراحل بل قيل إنه يداه الاثنتان، ولسانه، ومستودع سرّه، وإمام ثقته، فإن كان كذلك فلا عجب، فهو ابن المغفور له الشيخ عبدالعزيز التويجري، أقرب المقربين للملك الراحل، والمثقف والمفكر الذي عرفه معظم مثقفي الوطن العربي عن قرب، وحملوا له الكثير من التقدير والاحترام لما لمسوه جلياً فيه من سعة رؤى، وفراسة، واستقراء دقيق للواقع، وشجاعة وصدق في الرأي، ولما يحمله من فكر عروبي صميم، وطرح تجديدي يراعي مقتضيات العصر، وما يسري في شرايينه من محبة عظيمة لوطنه وقادته لم تشبها شائبة من شك لدى ولاة الأمر، إذن فهذا «الخالد» هو وريث تلك الرؤية الثاقبة، وذلك الفكر المستنير، فإذا صح ما قيل عنه من أنه كان دينمو إدارة البلاد في عهد الملك الراحل، وماكينته الرئيسة، والبوابة السحرية لفكر الفقيد، فهذا يعني أنه كان شريكاً أساسياً لقائمة الإنجازات الطويلة والنوعية التي غصّ بها عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، فإذا كان شريكاً فيها فقد استوجب منا أن نشركه أيضاً بالشكر بقدر مساهمته في تلك القائمة من الإنجازات، ووجب عليّ كمواطن بسيط أن أقولها كلمة لله وللتاريخ: شكراً من القلب يا خالد التويجري، شكراً لمساحة من الحريات غير مسبوقة في عهد الملك الراحل، شكراً لمحاولة بناء وطن يعتمد في تنميته على الرجل والمرأة على حدّ سواء، شكراً على محاولة عملية ضمن مؤسسات الدولة والقانون لحماية مقدرات الوطن من النهب والفساد ضد «كائن من كان»!

شكراً للعدد الهائل من الجامعات الحكومية والخاصة التي أنشئت خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة، وللمدن الصناعية في مختلف مناطق المملكة، وللمستشفيات والمراكز الصحية العديدة، شكراً لمحاولة غربلة التعليم وإنقاذه من كف الظلام، شكراً لمحاولة الإصلاح بكل الاتجاهات وفي كل القطاعات، شكراً لمحاولة إلغاء التفرقة المناطقية، وتوزيع خيرات الوطن لتستفيد منها مدن الأطراف كما المدن الرئيسة، شكراً لقائمة طويلة من الإنجازات الخيرة التي تضيق بها مساحة المقال، فكيف يكال لتلك الإنجازات المهمة في مسيرة الوطن كل هذا المديح والثناء، ويذم رجل يُزعم أنه خلف كل صغيرة وكبيرة في ذلك العهد الذي تمت به تلك الإنجازات؟! وكيف لا يحمد بعد الله فضله في ذلك؟!

لم يحظ رجل من سهام الأقاويل كما حظي به صدر هذا الرجل، لم يُرم رجل بكرات اللهب كما رمي، ولم تُعلق مشانق لرقبة كما علّقت له، إن الملك عبدالله، رحمه الله، بما عُرف عنه من قلب خيّر محب للناس، وفطرة نقيّة تلفظ الشر وترفض السوء، لا يمكن أن يكافئه الله بأناسٍ يملأهم السواد والشرّ، لابد أن يهديه قلبه الخيّر لأناس خيّرين، تلك ليس ثقة بالملك الراحل فقط إنما ثقة قبلها بالله العادل ذي الفضل العظيم الذي لا يظلم الصالحين.

وفي ما يخص دور خالد التويجري في عهد الملك الراحل هناك احتمالان لا ثالث لهما، إما أن يكون لا ناقة له ولا جمل بإدارة الدولة، وبهذا هو بريء من كل ما كان يوصف به من خير أو شر، أو أن يكون ضليعاً بكل صغيرة وكبيرة كما يقال، فتوجب إذن شكره على خير كثير عاشه المواطن في تلك الفترة، ومشاعل أُضيئت في طريق «العصرنة» والتطوير.   

 وبغضّ النظر عن رأي أعدائه وأصدقائه على حدّ سواء، فأنا كمواطن بسيط لا أنتمي لا إلى أولئك ولا إلى هؤلاء، مواطن لا يعرف بواطن الأمور ولا خوافيها إلا أن لي عقلا سليما يميز ظاهرها ويحاول تحليله منطقيا، أقول بكل ما أوتيت من إيمان لخالد التويجري بعد أن أعفي من جميع مناصبه: شكراً وجبت منّا نحن الذين أحببنا الملك الراحل لك... حُمّلت أمانة ثقيلة وأخلصت لها ودفعت ثمناً باهضاً لحملها ومازلت، إلا أن الله لن ينسى لك ذلك ولا عباده الصالحون، ودعواتنا لمن بعدك أن يعينه الله على حمل شعلة النور فيما يكتب له من المسيرة في هذا المشوار الطويل.

back to top