لـيُّ التاريخ

نشر في 27-01-2015
آخر تحديث 27-01-2015 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي سعدت بالتعرف على سليم الزعنون والمشاركة معه في بعض اللقاءات والندوات في مدينة عمان العزيزة، وكم تألمت عندما تحدث في لقاء تلفزيوني عن «حياديته» من غزو النظام العراقي في غزوه واحتلاله للكويت، وعن اجتماع لبعض قادة منظمة التحرير أيام الغزو مع المدعو علي المجيد وإجماعهم على دعم العراق.

تحتفل الكويت الغالية في هذه الأيام بأعيادها الوطنية بمشاعر تمتزج فيها الأفراح مع الآلام، أفراح بالعيد الوطني،  وأعياد التحرير وتلاحم أبناء الوطن وتمسكهم بنظامهم وأسرة الحكم التي ارتضوها منذ قرون، ومع كل تلك الآلام والقتل والتدمير والأسر تجاوزت الكويت وأهلها تلك المآسي، وذلك لإيمان راسخ من قيادتها بأنه ليس من الحكمة توريث الأحقاد والعداء، وليس من الصواب أن نعيش بعيدين عن محيطنا أو أن نكون أسرى  للماضي، ومن هذا المنطلق الذي يدل على رقي في الدبلوماسية، فقد استقبلت الكويت عدداً من القادة الذين لم تكن مواقفهم ودية تجاه الكويت في تلك الظروف، كما قامت ببناء جسور من التعاون البناء وخصوصا مع العراق.

وفي عام 2004 وأثناء عملي سفيراً للكويت لدى الأردن الشقيق أشرفت على ترتيب أول زيارة رسمية لفخامة الرئيس محمود عباس لدولة الكويت، والتي أدت بالضرورة إلى فتح آفاق واسعة أمام تطور العلاقات، وتجاوز أحداث الثاني من أغسطس عام 1990.

في ظل هذا التوجه الراقي للكويت وقيادتها وأهلها، فإنه من الصعب أن يكون هناك قبول لـ"ليّ التاريخ" ومحاولة تجاوز الوقائع، فاستضاف برنامج من "الذاكرة السياسية" الذي تقدمه قناة العربية الفضائية السيد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني وممثل منظمة التحرير في الكويت قبل وأثناء الغزو والاحتلال الغادر للنظام العراقي السابق، وقد سعدت بالتعرف عليه والمشاركة معه في بعض اللقاءات والندوات في مدينة عمان العزيزة، وكم تألمت عندما تحدث السيد الزعنون عن اجتماع لبعض قادة منظمة التحرير في ذلك الوقت مع المدعو علي المجيد، وقد أكد السيد سليم الزعنون أنه كان هناك إجماع من الحضور على دعم ومساندة النظام العراقي في غزوه واحتلاله للكويت.

وعند الاستفسار من المذيع عن موقفه الشخصي أكد أنه كان على "الحياد"، ومع كل احترامي وتقديري للأخ العزيز فقد كان بودي التجاوز عن الحديث عن الغزو وأحداثه ومواقف البعض تجاهها وعدم مسايرة الأسئلة غير الودية، فإنه من الصعب أن نفهم أي حياد هذا؟ أي حياد في ظل أعراض تنتهك واستباحة للحرمات وقتل للرجال وأسر للشباب وتشريد للآلاف وتدمير للدولة؟ وأي دولة هذه؟

إنها الكويت الغالية، هذه الأرض الطيبة التي انطلق منها أول صوت للثورة الفلسطينية، بل شارك رجالها في معارك التحرير، وأستأذن الشيخ أحمد الفهد لذكر حادثة سمعتها منه، وذلك عند عودتنا من البحر الميت إلى مدينة عمان وعند مرورنا بمنطقة الأغوار الأردنية عادت به الذاكرة إلى إحدى الأمسيات عندما عاد والده الشهيد فهد الأحمد، وهو يحمل على أكتافه أحد قادة النضال الفلسطيني، وذلك بعد أن أصيب أثناء قيامهم بإحدى العمليات الفدائية، فبعد هذا يكون هناك حياد؟

ويعلم الله أني قد ترددت كثيرا في الرد على هذا الطرح، ولكني شعرت بأن هناك غصة في القلب تخنقني إن لم أقلها، فهذه الكويت التي أعشقها، وأدعو الله دائما أن يحفظها وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top