خسارة الوزن هل ترتبط بالسعرات الحرارية فقط؟

ظللت نحيلاً طوال ثلاثين سنة من حياتي. ولكن في عقدي الرابع، بدأت أكسب الوزن. أخبرني طبيبي ما كنت لأقوله لأحد مرضاي: {المسألة بسيطة: عليك أن تحرق خلال التمارين الرياضية كمية من السعرات الحرارية تفوق ما تتناوله. عليك أن تكثر التمرن وتقلل من كمية الطعام التي تتناولها. فمسألة الوزن ترتبط بالإرادة في المقام الأول}.

لا شك في أن زيادة التمارين الرياضية والحد من تناول الطعام يساعدان في خسارة الوزن، وأن هاتين الخطوتين تتطلبان الإرادة. ولكن خلال العقود القليلة الماضية، اكتشفنا أن خسارة الوزن أكثر تعقيداً من ذلك.

لنبدأ بمسألة استهلاك السعرات الحرارية. كي تتحوَّل السعرات في الطعام إلى سعرات مستهلكة، علينا أن نهضم الطعام. يقوم الجسم أولاً في تحويل ما نأكله إلى قطع صغيرة، ومن ثم تنتقل المواد المغذية من هذه القطع الصغيرة من الأمعاء إلى مجرى الدم وتُحمل إلى مختلف أنحاء الجسم. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج خلايانا إلى مصادر طاقة، ويزودنا الطعام (بالإضافة إلى الأوكسجين الذي نتنفسه) بهذه المصادر.

سعرات حرارية

لا نهضم كلنا الطعام بالفاعلية ذاتها. في حالة البعض، تدخل كمية أكبر من السعرات الحرارية إلى مجرى الدم ويخرج عدد أقل منها من الجسم عبر حركة الأمعاء. على سبيل المثال، تسهم البكتيريا التي تعيش دوماً في الأمعاء في تفكيك الطعام. ويتمتع بعضنا ببكتيريا تؤدي هذه المهمة بفاعلية أكبر. نتيجة لذلك، يدخل عدد أكبر من السعرات الحرارية إلى الدم ويزداد الوزن.

ماذا عن السعرات الحرارية المستهلكة؟ لا نحرق كلنا السعرات الحرارية بالفاعلية ذاتها. في السنوات الأخيرة، اكتشف العلماء هرمونات وأنواعاً من الدهون تؤثر بقوة في فاعليتنا في حرق السعرات الحرارية. فضلاً عن ذلك، يرث بعضنا جينات تجعلنا نحرق السعرات الحرارية بفاعلية أقل.

تخيل سباحَين متعادلين من حيث القوة والمهارة طُلب منهما السباحة مسافة كيلومتر. لكن أحدهما يسبح في ماء هادئ، في حين يواجه الآخر تياراً سرعته ثلاثة كيلومترات في الساعة. ينجح كلاهما في اجتياز هذه المسافة. لكن مَن يسبح في الماء الهادئ ينجح في اجتيازها بسرعة أكبر. على نحو مماثل، يولد البعض وهم مضطرون إلى السباحة عكس التيار في مسألة ضبط الوزن.

الإرادة

بكلمات أخرى، نملك اليوم فهماً أفضل لما كان دوماً جلياً: يواجه البعض صعوبة كبيرة في خسارة الوزن حتى عندما يكثرون من التمرن ويحدون من كمية الطعام التي يتناولونها، في حين لا يكسب آخرون الوزن مع أنهم يلتهمون كميات كبيرة من الطعام.

إذاً، صحيح أن الإرادة مهمة في خسارة الوزن، إلا أن هذه المسألة لا تقتصر على الإرادة. ومن المرجح أن تقود معارفنا الجديدة هذه إلى تقنيات جديدة فاعلة تساعدنا في تفادي السمنة وعلاجها.