« أطياف}... الخط العربي متناغماً مع خيال الشعراء

نشر في 23-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 23-12-2014 | 00:01
33 لوحة في فضاء الألوان وتشكيل دلالات الحرف الصوتية

أقيم معرض {أطياف} للفنان حسن زكي في مركز كرمة بن هانئ الثقافي في القاهرة، وضم 33 لوحة من فنون الخط العربي، تناغمت مع مأثورات المتصوفة وكبار الشعراء العرب، بحضور لفيف من النقاد والفنانين ومحبي الفنون الجميلة.
كان لافتاً في لوحات حسن زكي في معرضه {أطياف} تمردها على النسق التقليدي للخط العربي، ومغامرة تشكيل الحروف بألوان ذات درجات متفاوتة، وتأثيرها الوجداني على الرائي، وتداخلات الظل والضوء، ومقاربتها {الهرموني} الموسيقي.

لفت الفنان حسن زكي إلى أن معرضه {أطياف} يقتفي أثر الطيف الصوتي، ومحاكاة مغايرة لدلالات اللون التقليدية، واستخدام معالجات نباتية للألوان الزيتية، وانتقاء أبرز المقولات الشعرية لكبار المتصوفة والشعراء العرب مثل بشارة الخوري ومحيي الدين بن عربي وعمر بن الفارض وجلال الدين الرومي.

عمد زكي في لوحاته إلى إتاحة التواصل مع جماليات الخط العربي لغير الناطقين بالعربية، واستلهام زخارف التراث العربي، وارتياد فضاء جمالي للون والحرف، وتوازن تعبيري للخطوط  بين الكتلة والفراغ.

حفل {أطياف} بالتنوع الزمني والمكاني، وتأصيل مفهوم الهوية الثقافية، وطرح موروثنا الشعري والفكري من خلال لغة تشكيلية حداثية، والتفاعل بين التجريب والأصالة، والاحتفاء بما أنجزه الأسلاف، ودلالة الحرف المنطوق ومعادله البصري.

ارتكزت اللوحات على القواعد الأساسية لفن الخط العربي، وطابعه الكلاسيكي، ومغامرة التجريب بدلالة الحرف، وتشكيله بميزان خطي تعبيري، وكتلة لونية بعمق اللوحة وسطحها.

 أوضح زكي أن عنوان معرضه {أطياف} يجسد دلالة فضاء الحرف، وتماهي الخط العربي مع النسق التشكيلي، واستدعاء أصداء أصوات من أزمنة فائتة، وأثرها الوجداني لدى الرائي، والتأكيد على أن إرثنا الثقافي والإبداعي لا يمضي، وموصول باللحظة العربية الراهنة.

استحضر زكي وسائط بديلة للشريط الخطي بوسيط ثابت {الحبر وخامة الورق}، والتمرد على أطر الزخارف التقليدية إلى فضاء التشكيل بالحروف، ومعالجات نباتية للألوان الزيتية، والوصول إلى درجات لونية معبرة عن دلالة الكلمات وتأثيرها الوجداني.

دراما الكلمات    

جسد {أطياف} دراما الكلمات، ونثرها في فراغ مشحون ببهجة الألوان، ومقاربة الخطوط لأصداء مقولات صوفية وأبيات شعرية مثل {إن عشقنا فعذرنا أن في وجهنا نظر} للأخطل الصغير الشاعر بشارة الخوري، و{كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة} للنفري.

تضمن {أطياف} لوحات تحتفي بشعر عمر بن الفارض وجلال الدين الرومي، وتناغم رقصة المولوية بحركيتها مع إيقاع الكلمات، ودلالتها الصوتية، وتجسيد رؤية لونية للحروف، وتعدد مستويات الشعور بالمعاني الزاخرة بالوجد والشجن، ورسوخها في ذاكرة المتلقي.

لفتت الناقدة د. ماجدة سعد الدين إلى تألق الكلمة واللون في لوحات {أطياف}، والحضور اللافت للدلالة الصوتية للحروف، وسطوع المعنى في هالة الضوء، وانتقاء مقولات وعبارات وثيقة الصلة بتراث الشعر العربي، ومأثورات المتصوفة، والتعبير الموحي عن طاقة شعورية لثنائية الحزن والفرح.

كذلك أشارت الناقدة د. أحلام فكري إلى إيقاع اللوحات، وحركية الحروف كأطياف شاردة، وشحذ الخيال نحو الإبداع في فضاء مغامر، وتشكيل العبارات بخطوط مفعمة بجماليات الخط العربي، واكتشاف أسراره عبر ذاكرة مضيئة بحروف ملونة.

ولفتت فكري إلى فضاءات مغايرة في {أطياف}، وحضور متفرد لجماليات الخط العربي، وتناغمه مع أنساق تشكيلية، وسياق تجريبي للكتلة والفراغ، والتفاعل مع فنون التراث برؤية معاصرة.

يعد {أطياف} انطلاقة تشكيلية لتمرد فنانين شباب على الشريط {الخطي} الكلاسيكي للخط العربي، والخروج من قيود اختيارية تمثلت في الرصانة واستخدام الفنانين الأسلاف لوسائط ثابتة عبر قرون طويلة.

يذكر أن { أطياف} المعرض الثاني للفنان حسن زكي، وسبقه بمعرض {مقام حرف}، وقدم خلاله مجموعة من اللوحات توثق بالحروف لأهم الأحداث العربية في القرن الماضي، وارتياد فضاء تجريبي يتناغم مع جماليات الخط العربي.

كذلك يعد الفنان حسن زكي أحد الوجوه التشكيلية الشابة، وله كثير من المشاركات في معارض جماعية، واهتمام خاص بالخط العربي ودراسة فنونه المختلفة، وإسهامه المتميز في مجال الشعر والموسيقى.

back to top