الاكتئاب... غيّر نمط حياتك

نشر في 19-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 19-12-2014 | 00:01
No Image Caption
الاكتئاب اضطراب في المزاج يعانيه الكثيرون صغاراً وكباراً. فما أسباب هذا العامل الذي يجعل صاحبه حزيناً منزوياً، وما الوسائل التي تنتشل المصاب به من عالمٍ كئيب ضيّق إلى عالم فسيح يغمره التفاؤل؟
كلّ منا يختبر الحزن والشعور بالأسى والمرارة من وقت إلى آخر، وخصوصاً عندما نمرّ بظروف صعبة كالرسوب في امتحان أو خسارة مبلغ من المال أو الإصابة بمرض أو فقدان عزيز، وسرعان ما تعود حالتنا إلى طبيعتها بعد وقت محدّد. غير أن الاكتئاب هو أكثر حدة من الحزن العادي ويستمرّ فترة زمنية أطول.

الاكتئاب أحد الأمراض النفسية العصبية الأكثر شيوعاً وقد يصيب أيّ فردٍ منا، وغالباً ما يتداخل في حياتنا اليومية فيصبح جزءاً من تصرفاتنا التي لا تخفى على الآخرين. أما احتمال إصابة النساء بالاكتئاب فهو ضعف احتمال إصابة الرجال به.

أسباب

يعرّف «المعهد الأميركي للصحة العقلية» الاكتئاب على أنه «خلل سائر أنحاء الجسم وهو يشمل أيضاً الأفكار والمزاج ويؤثر على نظرة الإنسان إلى نفسه وإلى ما حوله من أشخاص وما يجري من أحداث بحيث يفقد المصاب به اتزانه الجسدي والنفسي والعاطفي». فما هي الأسباب التي توصل الشخص إلى هذه المرحلة؟

تعود أسباب مرض الاكتئاب بحسب رأي خبراء الصحة النفسية إلى وجود خلل في كيميائيات الدماغ، ولكن لا جواب لديهم عن السؤال الذي يقول: هل التغييرات الكيماوية البيولوجية هي سبب أو نتيجة لحدوث ضغوط نفسية تعرّض لها المريض؟ وفي مختلف الأحوال فإنّ العوامل البيئية والضغوطات تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

وقد يؤدي العنصر الوراثي دوراً إضافياً في الاكتئاب. فأفراد العائلة الواحدة كذلك هم أكثر عرضة للإصابة به في حال التعرض للضغوطات. وقد تبين بحسب الإحصاءات أن نحو ثلثي المصابين بهذا المرض لديهم أفراد في عائلتهم أو أقرباء قد أصيبوا بالمرض عينه.

أعراض

كي نعرف إذا كان الشخص مصاباً بالاكتئاب أم لا، فلا بدّ من استمرار خمسة من هذه الأعراض على الأقل لمدّة لا تقلّ عن أسبوعين، وعندها يعتبر الشخص مريضاً بالاكتئاب ويتمّ تشخيص حالته. وفي ما يأتي نذكر الأعراض والمظاهر:

• المزاج الحزين والمكتئب والشعور بالقلق خلال معظم ساعات اليوم.

• فقدان الاهتمام أو المتعة في معظم النشاطات وإن كانت محببة في السابق.

• التعب الدائم وعدم القدرة على بذل مجهود بدني لإنجاز أي مهمة أو عمل.

• الشعور بالذنب أو عدم تقدير الذات كأن لا قيمة ولا أهمية له في المجتمع.

• ضعف في التركيز والتردّد وعدم التمكن من اتخاذ القرارات السليمة.

• مشاكل في النوم زيادةً أو نقصاناً.

• فقدان الوزن أو زيادته بشكل واضح والشعور بآلام جسدية مزمنة لا ينفع معها علاج.

• التململ الدائم.

• التفكير في الموت أو الانتحار في الحالات الشديدة من الاكتئاب.

علاج

ثمة ثلاثة أنواع للاكتئاب يحدّد علاجها الاختصاصيون بحسب درجاتها، فثمة أصحاب الاكتئاب الخفيف الذين يستطيعون القيام بأعمالهم اليومية المعتادة ولكن بكفاءة وفاعلية أقلّ قياساً بقدراتهم العقلية، وثمة مرضى الاكتئاب الشديد الذين يشعرون بتعكر وانحراف كامل في المزاج نحو الأسوأ بحيث يفقد المريض أي إحساس أو اهتمام بالأشياء والهوايات التي كان يمارسها بمتعة في السابق. والثالث هو الاكتئاب الموسمي أو الشتوي ومن مظاهره الشعور بالكسل والمزاج العكر وفقدان الرغبة بالجنس وعدم الاهتمام بالعمل، الاقبال بنهم على الحلويات والسكريات والأغذية الدسمة.

يؤكد خبراء الصحة النفسية أن 90% من هذه الحالات يمكن شفاؤها إذا لجأ المريض إلى المعالجة. وقد تستخدم هذه العلاجات منفردة أو قد يتم الجمع بين أكثر من علاج لتحقيق النتيجة المطلوبة وهي تشمل الطرائق التالية لكنها لا تقتصر عليها:

• أولاً: تغيير في نمط الحياة. وهو يتمثل في الرياضة البدنية وممارسة الهوايات الرياضية، وتحسين النظام الغذائي، وتنظيم أوقات النوم مساءً وصباحاً، وزيادة الدعم الاجتماعي عن طريق الأهل والأصدقاء، والتخفيف من الضغوطات عن كاهل المريض.

• ثانياً: العقاقير والأدوية وهي ما يسمّى بالعقاقير المضادة للاكتئاب، والتي من شأنها إعادة التوازن الكيماوي في الدم، لكنها تستلزم لمدة تزيد عن بضعة أسابيع كي تظهر آثارها الإيجابية على المريض. ولا يخفى أن هذه الأدوية تستعمل أيضاً في علاج أمراض نفسية أخرى مثل أمراض القلق والهلع والتوتر وما شاكلها.

• ثالثا: العلاج النفسي الذي يقوم به اختصاصي في الصحة النفسية بالتحدث مع المريض عن استراتيجيات تساعده على فهم حالته وأسبابها مما يمكنه من السيطرة عليها والتغلب على مشاعر الحزن الشديدة وتغييرها.

• رابعاً: إجراءات تحفيز الدماغ مثل العلاج بالصدمات الكهربائية، والتحفيز المغناطيسي للدماغ، وتحفيز العصب المبهم.

مسببات وقوع الأشخاص في حالة اكتئاب كثيرة في مجتمعنا انطلاقاً من الضغوطات الهائلة والمشاكل العائلية المتزايدة والإدمان وتناقص فرص العمل، ولا يمكن الحد من ضررها سوى إدراك المصاب أنه يحتاج إلى مساعدة لإغلاق باب الحزن والتشاؤم وفتح نافذة الأمل والتفاؤل على المستقبل.

back to top