مقاربة جديدة تُحافظ على صحة قلبك!

نشر في 06-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 06-12-2014 | 00:01
مرض القلب سبب الوفاة الأول، فهو يسبب الوفاة في حالة من أصل أربع في الولايات المتحدة، لذا

لا عجب في أن ننفق المليارات على الأبحاث التي تهدف إلى محاربته. لكن يؤدي هذا الإنفاق إلى ظهور وفرة من الدراسات المتغيرة والمربِكة. لنأخذ مثلاً الدهون المشبعة. سمعنا طوال عقود أنها سيئة، لكن ظهر غلاف مجلة {تايم} أخيراً لينصحنا بالتوجه إلى {تناول الزبدة}.

تلقينا رسائل متضاربة حول منافع تمارين القلب والمكملات الغذائية، ومعدل ضغط الدم المناسب. كيف يمكن التعامل مع هذه الدراسات العلمية الغامضة؟ تعمّقنا في هذا الموضوع وابتكرنا خطوات بسيطة لحماية القلب. يمكن اعتبارها مقاربة لجميع العصور، بغض النظر عما ستذكره الأبحاث المقبلة.

لا تخافوا من الدهون!

اكتسبت الدهون المشبعة سمعة سيئة باعتبارها العدو الغذائي الأول منذ السبعينيات. لكن برزت رؤية غذائية مختلفة حديثاً وقد بلغت ذروتها في مقالة نُشرت في شهر مارس الماضي في {حوليات الطب الداخلي} وقد دققت في 32 دراسة ولم تجد أي رابط بين أكل الدهون المشبعة والإصابة بأمراض القلب. هذا ما يفسر صدور غلاف مجلة {تايم} بهذا الشكل الاستفزازي.

لكن لا يعني ذلك أن نبدأ بأكل شرائح اللحم مع كل وجبة. نحتاج إلى بعض الدهون المشبعة لتصنيع أغشية الخلايا والهرمونات الجنسية، لكننا نحصل على نسبة وافرة منها أصلاً ما لم نكن نباتيين. يوضح د. كريستوفر غاردنر، مدير الدراسات الغذائية في {مركز أبحاث الوقاية في ستانفورد}: {لم تجد الدراسة التي نُشرت في الحوليات أي منفعة من استهلاك دهون مشبعة إضافية}.

ثمة أدلة على أن نوع الدهون المشبعة الموجود في مشتقات الحليب، واسمه حمض المرغريك، قد يعطي أثراً واقياً للقلب، ما يسهم في تفسير دراسة أسترالية امتدت على 16 سنة واستنتجت أن الأشخاص الذين يأكلون مشتقات كاملة الدسم قد يعيشون لفترة أطول من أولئك الذين يأكلون منتجات قليلة الدسم أو خالية منه. على صعيد آخر، لا تزال اللحوم الحمراء تطرح مشكلة، لا سيما الأنواع المصنعة منها (اللحم المقدد، النقانق، وغيرها من لحوم مبرّدة). تابع باحثون سويديون حالة أكثر من 37 ألف رجل على مر 12 سنة ووجدوا أن أكل اللحوم الحمراء المصنعة، ولو بكمية معتدلة، يرتبط بتضاعف معدل قصور القلب.

باختصار، لا تحاول استهلاك كمية إضافية من الدهون المشبعة، لكن لا تصبح مهووساً في شأن إقصائها من حميتك أيضاً. لا بأس باستهلاك كميات معتدلة من اللحوم (من الأفضل ألا تكون دهنية جداً) ومشتقات الحليب.

حذار من سكر الدم لا الضغط!

البيانات في هذا المجال غير قابلة للشك. السكر أبرز نوع من الكربوهيدرات التي يمكن الإدمان عليها، وتقليص نسبته في الحمية إحدى أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها لحماية القلب بحسب رأي د. فرانك هيو من كلية هارفارد للصحة العامة. كان المشرف الرئيس على دراسة نُشرت في شهر فبراير الماضي وحللت كمية كبيرة من البيانات الصحية قبل التوصل إلى هذا الاستنتاج المزعج: على مر 10 سنوات، تبين أن الفئة التي استهلكت 10 ملاعق صغيرة إضافية من السكر في اليوم (أي ما يساوي عبوة من المشروبات الغازية) تصبح أكثر ميلاً بنسبة 30% إلى الوفاة بسبب أمراض القلب. يقول: {يعطي السكر المضاف أثراً خطيراً على القلب والأوعية الدموية إذا كان وزن الجسم زائداً. يعزز احتمال الالتهاب المزمن ومقاومة الأنسولين}. في المقابل، لا داعي للقلق كثيراً في شأن تخفيض ضغط الدم لمستوى أدنى من 120. لطالما قيل إن ضغط الدم المنخفض يبقى أفضل من المرتفع، لكن وجدت دراسة نُشرت في مجلة {جاما} للطب الباطني في شهر يونيو أن النوبات القلبية والجلطات الدماغية لم تعد شائعة عند الأشخاص الذين يسجلون ضغطاً انقباضياً يتراوح بين 120 و140 مقارنةً بمن يتراجع ضغطهم تحت مستوى 120.

راعوا حاجات الأمعاء

في الشتاء الماضي، نشر فريق أبحاث إيطالي دراسة بعنوان شائك {الطريق إلى قلب الرجل يمر بميكروبات أمعائه}. يعني ذلك أن الطعام له أثر مهم على صحة القلب من خلال تفاعله مع الجراثيم الموجودة في الجهاز الهضمي، أي ميكروبات الأمعاء. تستطيع الجراثيم مثلاً أن تحول مواد النتريت الحافظة في اللحوم المصنعة إلى مركبات سامة، وقد اكتشف فريق من عيادة كليفلاند في السنة الماضية أنها تحول كمية كبيرة من الكولين والكارنيتين (مغذيات موجودة في اللحوم ومشتقات الحليب) إلى مركّب اسمه {أكسيد ثلاثي ميثيل أمين}، علماً أن ارتفاع مستوياته يرتبط بأمراض القلب. تشير مجموعة جديدة من الأبحاث إلى أن الحمية الغنية بالألياف (خضروات، فاكهة، بقوليات) تغذي الجراثيم المفيدة التي تحمي بطانة الأمعاء. أما الحمية الغنية بالدهون المشبعة والكربوهيدرات المكررة فتفعل العكس كونها تغذي الجراثيم السيئة التي تستطيع بعدها التسلل إلى مجرى الدم، ما يعزز احتمال الالتهاب ومشكلة مقاومة الأنسولين، وهما عاملان أساسيان للإصابة بأمراض القلب. يقول جون باغنولو، اختصاصي تغذية في {مركز طب العقل والجسم} في العاصمة واشنطن: {تلك الكربوهيدرات تكون أشبه بقنبلة في الأمعاء}.

يمكن التحقق من سلامة جراثيم الأمعاء عبر الرياضة أيضاً. وجدت دراسة إيرلندية في شهر يونيو أن التمارين المكثفة ترتبط بميكروبات معوية أكثر تنوعاً وهي تتصل بتراجع الالتهاب، وبالتالي ينخفض خطر مواجهة مشاكل القلب.

تمارين مفرطة للقلب؟

قد تكون الرياضة أساسية للوقاية من أمراض القلب. في السنة الماضية، وجدت مراجعة شملت 305 دراسات أنها تسهم في تأخير مرض القلب بقدر الأدوية، ومن دون آثار جانبية.

لكن ماذا عن العناوين الحديثة التي تحذر من الإفراط في ممارسة تمارين القلب؟ نُشرت دراسة سويدية في {مجلة الطب البريطانية}، وهي إحدى أحدث الدراسات المرتبطة بأضرار الرياضة المفرطة على القلب. وجدت أن الرجال الذين يمارسون الرياضة لفترة طويلة وبوتيرة حادة في شبابهم (أكثر من خمس ساعات من تمارين تقوية القلب في الأسبوع) يصبحون أكثر عرضة لمواجهة مشاكل في إيقاع القلب حين يبلغون عمر الستين مقارنةً بمن كانوا يمارسون تمارين معتدلة.

في هذه الأنواع من الدراسات، تكمن المشكلة في تراجع عدد الأشخاص الذين يضغطون على أنفسهم ويجهدون القلب إلى أقصى حدود بحسب رأي د. تيم تشيرش، مدير مختبر أبحاث الطب الوقائي في مركز بينينغتون لأبحاث الطب الحيوي. شارك تشيرش لتوه في الإشراف على دراسة نُشرت في {مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب} ويُفترض أن تبدد المخاوف الصحية عند الأشخاص الذين يمارسون تمارين التحمّل لأسباب ترفيهية. راقب نحو 55 ألف عدّاء ثم قسّمهم إلى مجموعات بحسب حدة التمارين. كانت نتائج جميع المشاركين متشابهة على مستوى صحة القلب، سواء ركضوا كثيراً (ثلاث ساعات في الأسبوع أو أكثر) أو قليلاً. لكن تحققت أفضل النتائج عبر المواظبة على التمارين. تبين أن العدّائين الذين يتبعون هذا النظام طوال ست سنوات على الأقل يتراجع لديهم خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 50%، وذلك بغض النظر عن المدة والمسافة التي يقطعونها.

خذوا الحبوب المناسبة

في السنوات الأخيرة، زادت المخاوف في شأن شكل من أمراض القلب: الرجفان الأذيني. تترافق هذه الحالة مع بث إشارات كهربائية مضطربة، ما يؤدي إلى خفقان القلب وعدم انتظام ضرباته، كذلك يرتفع خطر الجلطة الدماغية بنسبة كبيرة (حين لا يخفق القلب بالشكل المناسب، قد يتراكم الدم في القلب، ما يؤدي إلى تشكّل جلطات قد تصل إلى الدماغ). نُشرت دراسة في مجلة {الدورة الدموية} واستنتجت أن دخول المستشفى بسبب الرجفان الأذيني ارتفع بنسبة 23% بين عامي 2001 و2010.

لمحاربة هذه المشكلة، يسارع الأطباء إلى وصف مسيلات الدم أو أدوية لتنظيم إيقاع القلب أو جراحة الاجتثاث. لكن تشير دراستان جديدتان إلى أن العلاج الأكثر فاعلية يقضي بتعديل أسلوب الحياة. نُشرت دراسة في مجلة {جاما} وأظهرت أن مرضى الرجفان الأذيني الذين يفقدون الوزن عبر الحمية والرياضة يلاحظون تراجعاً في ضغط دمهم، ما يؤدي إلى تخفيف العبء عن عضلة القلب. هذا ما يسمح للقلب بإعادة ضبط نفسه، فيتقلص في الحجم والسماكة، ويمكن بذلك كبح ظهور المرض. وجدت دراسة جديدة من إعداد فريق البحث الأسترالي نفسه أن المرضى المصابين بالرجفان الأذيني الحاد وينتظرون إجراء جراحة الاجتثاث يحققون نتائج أفضل بعد تغيير أسلوب حياتهم مقارنةً بنظرائهم. يقول د. مارك إيستيس، مدير {مركز نيو أنغلاند لعدم انتظام القلب}: {يسيء الأطباء فهم هذا الأمر. يظنون أن معالجة الرجفان الأذيني من مسؤوليتهم لكنهم على خطأ. يجب أن يبذل المريض الجهود الحقيقية}.

يمكن التفكير بأخذ مكملات الفيتامين D وأحماض الأوميغا 3 الدهنية بحسب توصيات اختصاصية التغذية كاثي سويفت. وفق تحليل حديث نُشر في {مجلة الطب البريطانية}، تبين أن زيادة مستويات D3 ترتبط بتراجع خطر الوفاة بنسبة 11% لمختلف الأسباب. إذا لم تكن واثقاً من استهلاك كمية كافية (تشير الأبحاث إلى أن 40% من الناس لا يحصلون على ما يكفي من الفيتامين)، يجب أن تجري الفحص. يشير فحص الدم العادي إلى أن تراجع مستويات الفيتامين D في الدم (تحت معدل 20) يستدعي أخذ المكملات، بدءاً من جرعة ألفي وحدة دولية من الفيتامين D. ثمة سبب وجيه أيضاً لأخذ مكملات الأحماض الدهنية أوميغا 3 لتخفيف الالتهابات ومستويات الشحوم الثلاثية المرتفعة، لا سيما إذا كنت لا تأكل السمك كثيراً.

تخلصوا من عادة سيئة

كل تغيير صحي إيجابي يحصل عند الراشدين في أواخر الثلاثينيات والأربعينيات (مثل تحسين نوعية الأكل أو تكثيف الرياضة) يسهم في تراجع خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي بنسبة 15%، وفق دراسة من إعداد جامعة نورث وسترن شملت أكثر من 5 آلاف شخص. (لكنّ اكتساب عادة غير صحية يرفع الخطر بنسبة 17%)، ما معنى ذلك؟ في ما يخص صحة القلب، لا داعي لتغيير أسلوب الحياة بالكامل لإطالة العمر.

الخطة الأولى: غذاء لتقوية القلب

مأكولات محددة لحماية القلب

لا يمكن أن نتأذى من أكل الخضراوات والفاكهة والبقوليات الطازجة، فضلاً عن المكسرات والبذور التي تحتوي على أكبر قدر من المنافع الغذائية في أقل نسبة من السعرات الحرارية. لكن إليك بعض المأكولات المحددة التي يوصي بها العلماء لحماية القلب: للحصول على المغنيسيوم، وهو معدن أساسي لصحة القلب (معظم الناس لا يحصلون على كمية كافية منه): خضروات ورقية داكنة مثل الكرنب والجرجير والسبانخ، أو بذور القرع واليقطين، أو سمك الماكريل والأفوكادو. للحصول على البوتاسيوم، وهو عنصر آخر يفيد القلب: فاصوليا بيضاء، بطاطا حلوة، فطر. للحصول على الألياف التي تغذي جراثيم الأمعاء المهمة: كراث، بصل، هليون، ثوم. للحصول على مضادات الأكسدة وحماية الأوعية الدموية: توت، تفاح، كرز، شاي أخضر. للحصول على الفيتامينات B وتحسين صحة القلب: لحوم حمراء غير دهنية وغير مصنعة، دواجن، وأي نوع من البقوليات. للحصول على أحماض الأوميغا 3: سلمون، سردين، سمك الهلبوت.

عند الشك، الحمية المتوسطية هي الحل!

وجدت دراسة كبرى نُشرت في مجلة «نيو إنغلاند» الطبية في السنة الماضية أن تناول الخضروات والسمك والمكسرات وزيت الزيتون يخفض احتمال الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية، فضلاً عن تراجع حالات الوفاة الناجمة عن أمراض القلب بنسبة 30%.

التشكيك في جميع المنتجات المغلّفة

قد تحتوي أنواع الخبز والباغل المعلّبة والأطعمة المثلجة والوجبات الخفيفة (وحتى المنتجات المخزنة بطريقة صحية والغنية بعناصر طبيعية أو خالية من الغلوتين) على سكر مضاف وكربوهيدرات مكررة وكميات كبيرة من زيوت الذرة والصويا المصنعة، ويكون معظمها معدلاً وراثياً في أحماض الأوميغا 6 الدهنية. عند غياب التوازن بين الأوميغا 6 والأوميغا 3 نتيجة استهلاك السمك والخضروات الورقية، قد ينشأ خليط يعزز التهاب الشريان لدرجة أن أفضل الأدوية الفاعلة لا تعود قادرة على مكافحة المشكلة. قال د. مايكل غريغر، طبيب واختصاصي تغذية في موقع NutritionFacts.org: {يمكن رفض الأدوية عبر تكثيف استهلاك النباتات}.

الخطة الثانية: أسبوع مثالي من الرياضة

• تمارين القلب: يجب أن تخضع على الأقل لحصتين من تمارين الأيروبيك التي تقوي القلب، بإيقاع ثابت، لتشغيل بين 65 و75% من الحد الأقصى لمعدل القلب، لفترة تتراوح بين 30 و45 دقيقة. يجب أن تضيف أيضاً حصتين من 20 دقيقة للتمارين المكثفة (اختر أي شكل من تمارين القلب وقم بتحمية جسمك طوال 5 دقائق. بدل التحرك طوال دقيقة والاستراحة لدقيقة أخرى، مارس التمارين طوال عشر دقائق ثم استرح لخمس دقائق).

• تمارين القوة: خصِّص الوقت لممارسة تمرينَين من 30 دقيقة بأي وسيلة تختارها: تمارين المقاومة (الدفع نحو الأعلى أو نحو الأسفل)، أو استعمال الدمبل، أو الملاكمة المتلاحقة عبر خلط تمارين القوة والقلب، أو ممارسة التمارين في حوض السباحة مع رفع الأثقال، أو التدرب على تمارين متكررة بوتيرة سريعة.

• تمارين المرونة: تمطط كل يوم طوال 10 دقائق. ثمة خيار بديل: حصة يوغا تجمع بين تمارين المرونة والقوة، تزامناً مع الاسترخاء الذهني الذي يخفف الضغط النفسي ويساعد على حماية أوعية القلب ضد هرمونات الضغط المتقلّبة. هل تحتاج إلى مزيد من الأدلة المقنعة؟ في دراسة من إعداد جامعة يال، لاحظ الأشخاص الذين واظبوا على برنامج من اليوغا والتأمل طوال ستة أسابيع تحسناً في وظيفة أوعيتهم الدموية بنسبة 17%.

back to top