خطة صينية لبناء قنبلة رهن عقاري

نشر في 29-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-11-2014 | 00:01
No Image Caption
رغم كل الأحاديث الرنانة عن التحكم في المشاريع المملوكة للصين ونظام الظل المصرفي وتحمل التباطؤ في النمو، تظل بكين عازمة على الدنو من هدف النمو لهذه السنة البالغ 7.5 في المئة، ومن خلال مراقبة وكالة موديز و"إسand بي" وتوقعات كبار الاقتصاديين بأن ينخفض التباطؤ إلى 4 في المئة، تبحث الحكومة عن عوامل استقرار خفية، من بينها تجميع أنواع الديون المختلفة.
 William Pesek يمثل أول خفض لمعدلات الفائدة في الصين، خلال أكثر من سنتين، اعترافاً جلياً بأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يتعرض لمتاعب.

وبعد سنوات من تراكم المزيد من الدين العام في الميزانية الوطنية، يصبح من المنطقي قيام بنك الشعب الصيني بخطوة ترمي إلى تحريك الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، ولكن على الرغم من أن الإجراء الأخير المتمثل في خفض معدلات الفائدة يجب أن يسهم في استقرار النمو الاقتصادي، فإنه يضاعف أيضاً مشاعر القلق إزاء الائتمان الفضفاض الذي يمكن أن ينطوي على أخطار بالنسبة الى الاقتصاد العالمي، لتبرز في هذا السياق قضية الرهن العقاري.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصينية اتخذت في وقت سابق من هذه السنة العديد من الخطوات الخفية هدفت إلى تحقيق الاستقرار في القطاع العقاري وتعضيد نمو الناتج المحلي الإجمالي، كما عمدت لجنة التنظيم المصرفي في الصين إلى تخفيف سياسات الإقراض. وحتى قبل خفض معدل فائدة الإقراض في السنة إلى 5.6 في المئة، ومعدل فائدة الإيداع إلى 2.75 في المئة، اليوم خفض البنك المركزي نسبة الدفعات ومعدلات الرهن العقاري، بينما حث مسؤولو القروض على تخفيف ترددهم إزاء الموافقة على طلبات المقترضين من دون وجود سجلات عقارية محلية، وقد حصلت البرامج الرائدة المتعلقة بأسهم مدعومة برهن عقاري وصناديق استثمار عقارية على مزيد من الدعم، كما تم طرح حوافز تهدف إلى تشجيع المشترين على تحديث ممتلكاتهم.

وتنطوي هذه الأنباء على جوانب جيدة وأخرى سيئة، وتتمثل الأنباء الجيدة في أن ذلك يشكل تقدماً بالنسبة الى جهود الرئيس الصيني زي جينبنغ الرامية الى تتشيط محركات النمو الاقتصادي، وفي الاقتصادات المتقدمة جداً مثل الولايات المتحدة يغذي السعي الى ملكية المنازل الأنظمة البيئة الوافرة ويوفر للعامة السبل للضغط لنيل أهداف مالية أخرى، ثم إن مشاكل الديون في الصين تكمن في القطاع العام لا بين المستهلكين.

أما الأنباء السيئة، فهي أن الاقتراض لأغراض الرهن العقاري إذا لم يرافقه تقدم راسخ في تحديث الاقتصاد فإن الصين ستسهم في قيام فقاعة أصول ولا شيء غير ذلك.

الإصلاحات المالية الضرورية

تقول ديانا تشويليفا من بحوث لومبارد ستريت "إن توسيع أسواق الرهونات العقارية المتخلفة ليس أنباء سيئة، ولكن إذا عولت الصين على ائتمان العائلة من أجل تحريك الاقتصاد وتراجعت عن الاصلاحات المالية الضرورية بشدة فإن المؤشرات لن تكون جيدة عندئذ".

ولننظر إلى تجربة كوريا الجنوبية في أعقاب الأزمة الآسيوية في سنة 1997، يومها حولت كوريا الجنوبية التي عانت من حوافز سيئة بصورة فعلية أعباء ديون البلاد من الحكومة الى العائلات، وبحلول مطلع حقبة الـ 2000 ازدادت الرياح المعاكسة شدة، ثم في شهر ابريل من سنة 2004 تخلف واحد من كل 13 من الكوريين عن سداد دفعات ديونه لثلاثة أشهر أو أكثر. وتقول تشويليفا إن "كل ما أظهرته كوريا الجنوبية إزاء جهودها هو فوضى خلفتها فقاعة ديون العائلات واقتصاد يعتمد بقدر أكبر على الصادرات".

وعلى الرغم من كل الأحاديث الرنانة عن التحكم بالمشاريع المملوكة للدولة ونظام الظل المصرفي وتحمل التباطؤ في النمو تظل بكين عازمة على الدنو ما أمكن من هدف النمو لهذه السنة البالغ 7.5 في المئة، ومن خلال مراقبة وكالة موديز و إس and بي وتوقعات كبار الاقتصاديين من أمثال لاري سمرز بأن ينخفض التباطؤ في الصين الى 4 في المئة، تبحث الحكومة عن عوامل استقرار خفية ومن بينها تجميع الأنواع المختلفة من الديون.

وقد تمثل أحد الإصلاحات القليلة التي حققتها الصين في منتصف حقبة الـ 2000 في تجميع القروض وهي عملية بدأت ببرنامج تجريبي في سنة 2005، وبعد ثلاث سنوات جعل انهيار وول ستريت تجميع وبيع القروض والأصول عملية منبوذة ضمن الأدوات المالية، وكانت تلك نهاية التجربة.

ولكن هذه العملية عادت منذ سنة 2012 وازدهرت من جديد، وبحسب تشويليفا فإن الإصدارات وصلت إلى 28 مليار دولار خلال الشهور التسعة الأولى من السنة، مقارنة مع 16 مليار دولار في الفترة ما بين 2005 و2013، وبينما كانت معظم المبيعات في مجال ديون السيارات والشركات وبطاقات الائتمان ازدادت أسهم الرهن العقاري، وفي شهر يوليو الماضي حقق توفير البريد في بنك الصين أول صفقة سكنية مدعومة برهن عقاري خلال سبع سنوات، وتحفل الأسواق بمزيد من تلك العملية.

أخطار بالجملة

وبرزت طائفة من المخاطر، وخاصة تلك المتعلقة بخطر مساعدة المقرضين على اخفاء استثمارات مريبة عن الميزانيات، وإذا كانت الشفافية تمثل مشكلة في وول ستريت فعليك أن تتخيل ما تستطيع البنوك الصينية أن تخفيه، وإضافة الى ذلك، ومن أجل تفادي أخطاء كوريا الجنوبية سيتعين على الحكومة الصينية تعزيز هذه الطفرة الناشئة في عمليات الرهن العقاري عن طريق سياسات تهدف الى إعادة توزيع الدخل بالنسبة الى المستهلكين. وسوف يعني ذلك العمل من أجل تضييق الهوة بين الأغنياء والفقراء عبر زيادة حصة العائلة العادية من الدخل القومي والحد من معدلات التوفير التي وصلت الى نسب عالية. وفيما تفوقت الصين على اليابان في الناتج المحلي الإجمالي فإن توزيعها لإجمالي دخل العائلة القابل للصرف والإنفاق من حيث الناتج المحلي الإجمالي ضئيل بالمقارنة.

وتجدر الإشارة الى أن في وسع الصين تعلم الكثير من كوريا الجنوبية، بما في ذلك كيفية التغلب على "فخ الدخل المتوسط" الذي ابتلي به العديد من الدول النامية عندما وصلت الى مستوى دخل الفرد البالغ 10000 دولار.

back to top