وفاة الشاعر والأديب اللبناني سعيد عقل عن عمر ناهز 102 عام

نشر في 28-11-2014 | 16:49
آخر تحديث 28-11-2014 | 16:49
No Image Caption
غيب الموت اليوم الشاعر والاديب اللبناني سعيد عقل عن عمر ناهز 102 عام مخلفا ارثا ادبيا متنوعا وكبيرا.

واعلنت جامعة سيدة اللويزة في مؤتمر صحفي تأجيل مراسم الجنازة والدفن والتعازي الى الثلاثاء المقبل افساحا للمجال أمام تشييع الفنانة اللبنانية صباح بعد غد الاحد والتي توفيت بدورها قبل يومين.

وكان عقل الذي ولد في مدينة زحلة في منطقة البقاع شرق لبنان في يوليو 1912 قد نظم العديد من المطولات الشعرية التي تحولت الى مسرحيات كما ألف العديد من القصص والروائع الادبية والفكرية باللغتين العربية والفرنسية.

يعد الشاعر اللبناني سعيد عقل الذي توفي الجمعة عن مائة وسنتين من اعمدة الأدب اللبناني لعقود طويلة، مع قصائد حفظت في ذاكرة اجيال متعاقبة، وتغنى بها كبار المغنين، رغم الجدل الذي اثارته مواقفه حول "القومية اللبنانية".

ولد سعيد عقل في مدينة زحلة شرق لبنان في الرابع من تموز/يوليو 1912 في عائلة هادئة، وتلقى دروسه الاولى في مدرسة الاخوة المريميين، وكان يعتزم التخصص في الهندسة.

لكن افلاس والده وهو في الخامسة عشرة من عمره اضطره لترك المدرسة وتحمل مسؤولية المشاركة في اعالة العائلة، وبدأ بالكتابة في صحف عدة منها "البرق" و"المعرض" و"لسان الحال" و"الجريدة" ومجلة "الصياد".

تعمق في اللاهوت المسيحي ودرس تاريخ الاسلام وفقهه، والقى دروسا في تاريخ الفكر اللبناني واللاهوت.

تميز بلغته العربية الجميلة، وكان يغوص في عمق اللغة باحثا عن كنوزها وجمالياتها ناحتا الكلمات نحتا فهو صاحب المفردات الخاصة في الشعر.

وقال سعيد عقل المعروف باعتزازه الكبير بنفسه يوما عن شعره "أفتخر بأنني كتبت شعرا غير مكتوب في ثلاث لغات تمتلك اجمل شعر في العالم وأعظمه اثينا وروما وفرنسا".

شعره مفعم بالرمزية وقصائده خالية من التفجع. كما يتسم شعره بالفرح ويخلو من البكاء.

وقال "في شعري شيء من الرمزية لكن شعري اكبر من ذلك، يضم كل انواع الشعر في العالم، هؤلاء الذين يصدقون انهم رواد مدرسة من المدارس ليسوا شعراء كبارا، الشعراء الكبار هم الذين يجعلون كل انواع الشعر تصفق لهم".

وكان شاعرا يؤمن بسلطان العقل وقد وصل بالقصيدة العمودية الكلاسيكية الى اعلى المراتب.

غنى الوطن وتغنى بالمرأة بنبل وبعذوبة ولم يكن غزله مبتذلا.

من دواوينه "قصائد من دفترها" و رندلى" و"دلزى" و"اجمل منك؟ لا".

وقد كتب النثر ومن اعماله في هذا المجال "يوم النخبة" و"كأس لخمر" و"لبنان ان حكى" الذي يتطرق الى امجاد لبنان باسلوب قصصي.

وفي المسرح وضع عقل خصوصا "قدموس".

في العام 1954 صدر له كتاب "مشكلة النخبة" الذي يطالب فيه بإعادة النظر في السياسة والفكر والفن.

في العام 1962 أسس جائزة شعرية تشجيعا لكتابة القصائد التي تتغنى بلبنان.

ومن كتبه ايضا "خماسيات" وهي مجموعة قصائد باللهجة اللبنانية و"الحرف اللبناني"، وصدر سنة 1978.

وفي العام 1981 صدر لسعيد عقل ديوان شعر باللغة الفرنسية اسمه "الذهب قصائد"، وهو كتاب جامع يحمل خلاصة أفكاره.

وتحفظ قصائد سعيد عقل اجيال عدة من اللبنانيين، وادرجت قصائد منها في المنهاج التعليمي اللبناني.

وقد غنى كبار المطربين اللبنانيين أشعاره ابرزهم فيروز التي غنت له من الحان محمد عبد الوهاب "مر بي"، ومن الحان الاخوين رحباني قصائد عدة منها ما يتغنى بالقدس والشام ومكة، واشهرها "زهرة المدائن" و"سيف فليشهر" (القدس في البال).

لكنه في المقابل، اطلق مواقف مثيرة للجدل حيال الفلسطينيين والعرب عموما، ولاسيما اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982، في الوقت الذي كان البلد يشهد انقساما طائفيا حادا.

فهو لم يتوان عن تأييد الاجتياح داعيا اسرائيل للقضاء على الوجود الفلسطيني في لبنان.

ويعد سعيد عقل واحدا من أكبر دعاة القومية اللبنانية، وأسس في العام 1972 حزب التجدد اللبناني. وكان يؤمن بفرادة الامة اللبنانية و"الخصوصية اللبنانية".

فهو كان يدعو الى التخلي عن اللغة العربية الفصحى لحساب العامية اللبنانية وقد اطلق ثورته اللغوية هذه مع "يارا" العام 1961 داعيا الى نبذ الحرف العربي واعتماد الحرف اللاتيني مكانه، والى اعتبار لبنان فينيقيا وليس جزءا من العالم العربي.

وقد اوقعته هذه المواقف في جدل مع من يؤمن بانتماء لبنان الى العالم العربي.

بشعره الابيض المنفوش وطريقة كلامه المسرحية وصوته الاجش ولهجته الواثقة، لم تخنه ذاكرته في ايامه الاخيرة الا احيانا، وقد خف سمعه، لكنه كان دوما خلال جلساته حاضر الذهن يلقي القصائد على طريقته، بدون توقف.

وقد كتب الشاعر المعروف بعنفوانه "الحياة العزم، حتى إذا أنا انتهيت تولى القبر عزمي من بعدي".

back to top