فهد المطيري: العلاقة بين العقل والجسد ستظل لغزاً محيراً

نشر في 28-11-2014 | 00:02
آخر تحديث 28-11-2014 | 00:02
No Image Caption
ألقى محاضرة في معرض الكتاب بعنوان «تشومسكي وفلسفة علم اللغة»

أكد الدكتور فهد راشد المطيري أن العلاقة بين العقل والجسد ستظل لغزاً محيراً رغم الدراسات الكثيرة التي أجريت منذ أمد طويل، معتبراً أن المشكلة في القراءة التشومسكية للعلاقة الديكارتية بين العقل والجسد أنها تنطوي على قراءة مغلوطة.
احتضن معرض الكويت للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين محاضرة بعنوان «تشومسكي وفلسفة علم اللغة» مساء أمس الأول في المقهى الثقافي، تحدث فيها د. فهد راشد المطيري، وحضرها الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. بدر الدويش، وعدد من الأساتذة والمختصين بعلم الفلسفة واللغات، بينما قدمت المحاضرة الدكتورة حنان خلف.

في البداية تحدث المطيري عن «تشومسكي» بصفته باحثاً موسوعياً عن الشؤون السياسية وناقداً لاذعاً للسياسة الخارجية الأميركية، ومدافعاً صلباً عن المستضعفين في كل بقاع الأرض، موضحاً أن تشومسكي معروف في الأوساط العلمية كأحد أبرز المنظرين في ميدان «اللسانيات»، وأكد أن الثورة الفكرية التي أحدثها في علم اللغة بشكل خاص، وفي علوم الإدراك بشكل عام، مازالت آثارها ظاهرة منذ عام 1957 إلى يومنا هذا.

 وأضاف: تشومسكي أكثر من مجرد ناقد سياسي أو عالِم لغوي، فهو في حقيقة الأمر فيلسوف بالمعنى العميق لهذه الكلمة، وغاية هذه المحاضرة أنّ تسلط الضوء على هذا الجانب الفلسفي من شخصيته.

ويركز المطيري في محاضرته على جزيئة محددة، إذ يشير إلى محاولة التعرف على الإجابة التشومسكية عن سؤالين جوهريين في فلسفة علم اللغة: السؤال الأول الذي طرحه سؤال أنطولوجي، والسؤال الآخر، ابستمولوجي، وهما كالتالي: (1) إلى أيّ عالم من عوالم الوجود ينتمي موضوع البحث، أي اللغة؟ (2) كيف من الممكن تبرير صحة النظرية اللغوية؟

وتابع: إجابة تشومسكي عن هذين السؤالين تشّكل جانباً من فلسفته لعلم اللغة، وهي إجابة ترتكز على قراءته الخاصة للمشكلة الديكارتية الشهيرة والمعروفة باسم «مشكلة العقل-الجسد»، فتشومسكي يرى أنّ ثنائية العقل والجسد كانت مشكلة حقيقية قبل ظهور نيوتن، لكن بعد أن جاء نيوتن بمفهوم للجاذبية يتضمن فكرة «التأثير عن بعد»، أصبح المفهوم الديكارتي للجسم الماديّ متهافتاً، وبالتالي أصبحت ثنائية العقل والجسد مشكلة لا يمكن صياغتها بطريقة متسقة.

 ومن هذه القراءة يستنتج تشومسكي التالي: إذا كان مفهوم المادة غير متسق بعد مجيء نيوتن، فلا ينبغي أن نضع حاجزاً ميتافيزيقياً بين العقل والمادة، فكلاهما مظهر من مظاهر الطبيعة، ولذا فإن تشومسكي يتبنّى المذهب الطبيعي في دراسة اللغة، جوهراً ومنهجاً، فمن حيث الجوهر، يزعم تشومسكي أنّ خواص الظواهر العقلية لا تختلف عن خواص الظواهر الطبيعية الأخرى.

 ومن حيث المنهج، يدعو تشومسكي إلى الاقتداء بما يعرف  بـ«أسلوب غاليليو» في المنهج العلمي، وهو أسلوب فوضوي (أناركي) يمتاز بعدم التقيّد بالقوانين الصارمة للمنهج العلمي، ويمتاز كذلك بإضفاء صفة الأولوية للنظرية ومنطقها الرياضي على حساب معطيات التجربة.

وأوضح المطيري أنّ تشومسكي هنا متأثر بكتابات فلاسفة العلم من أمثال آندري كواغي، وباول فايربند، وأكد أيضاً أنّ هذه الأناركية المنهجية منسجمة مع الاتجاه السياسي الذي يتبناه تشومسكي، والذي يشير إلى الأناركية النقابية.

وأكد أن المشكلة في القراءة التشومسكية للعلاقة الديكارتية بين العقل والجسد أنها تنطوي على قراءة مغلوطة لأثر فيزياء نيوتن على الفلسفة الميكانيكية عند ديكارت، فمفهوم الجاذبية الذي جاء به نيوتن لم يكن حسب زعم تشومسكي في تضاد مع المفهوم الديكارتي للمادة، بل كان في تضاد مع مفهوم السببية الديكارتية القائمة على مبدأ التأثير عن طريق التلامس أو التصادم، لا عن طريق «التأثير عن بُعد» كما هي الحال مع مفهوم الجاذبية عند نيوتن، وهذا ما عبّر عنه بوضوح الفيلسوف الألماني «كانت» في محاضراته حول الميتافيزيقيا.

وتابع: قد يكون المفهوم الديكارتي للمادة متهافتاً كما يزعم تشومسكي، لكن مشكلة العلاقة بين العقل والجسد تبقى حقيقية ومن دون حلّ رغم عظمة العقول البشرية التي تصدّت لها بالبحث والدراسة، ويبدو أنها ستظل لغزاً من دون حلّ، وبالتالي هناك حدود لفهم ذواتنا، لكن لا ينبغي أن تقودنا هذه النتيجة السلبية إلى الإحباط، بل حريّ بنا أن ننظر إلى الجانب المشرق لهذه المشكلة، وأعني به التواضع المعرفي الذي يقودنا إلى التسامح، فإذا كنّا نجهل ذواتنا، فخليق بنا ألا نطلق الأحكام القاطعة على ذوات الآخرين.

من جانب آخر، استضاف المقهى الثقافي الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي، والدكتورة ليلى محمد صالح في محاضرة بعنوان «دور رابطة الأدباء في تنمية الكتابة» ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الكويت للكتاب.

back to top