وطن النهار... وطن الدينار!

نشر في 27-11-2014
آخر تحديث 27-11-2014 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة "وطن النهار"... تلك الكلمات المغناة التي هزت وجدان وكيان كل كويتي بعد التحرير من الغزو العراقي، والتي تعبر عن حقيقة ومكنون هذا البلد بشعبه وتراثه وقيمه العريقة، تلك الكلمات التي جعلت كل كويتي غداة التحرير ينتشي بعشق وطنه، ويطمئن إلى مستقبله بعد عودة بلده المغتصب، اليوم نتساءل: أين ذهب مفعولها وأثرها؟ وكيف ضاعت تلك النشوة والعاطفة الجياشة، وفقدت مدلولاتها، وأصبحت الأغلبية تجري خلف "الدينار" لتضمن مستقبلها الذاتي دون مبالاة بالديرة وأحوالها.

كل شيء في البلد أضحى محوره "الدينار"، فقد أضعنا خلال الـ25 عاماً الماضية جهوداً ووقتاً ثميناً في معارك حماية المال العام، لكننا فقدنا مزيداً من المليارات في مشاريع ومناقصات "مضروبة" ومنهوبة، أردنا أن نستعيد بضعة مليارات فخسرنا في صفقة "الداو" منفردة ما يوازي كل المسروق من الاستثمارات الخارجية! أصبحت كل حياتنا محورها الدينار (كوادر، رواتب، بدلات، زيادات، مكافآت، مناقصات، وكالات، عمولات)، صراعات عبثية على الكراسي من أجل النفوذ، للاستحواذ على مزيد من المال دون وجود مشروع وطني سوى مشاريع وهمية لتجميل وصناعة اسم ما، للوصول إلى الكرسي الذي أصبح مثبتاً برزم المال!

***

منذ فترة طويلة لم أعد مهتماً ببطولة كأس الخليج لكرة القدم، لأنها أصبحت مثل رحلة "قنص" لأبناء الأسر الحاكمة والوجهاء الخليجيين الذين يستعرضون "طيورهم أي اللاعبين" في مباريات البطولة، بينما الشعوب لا علاقة لها بإدارة الرياضة والقرار فيها، وهم مجرد "كومبارس" لزوم تسخين الأجواء والتشويق، وأصبح الأمر بعيداً عن الروح الرياضية عن طريق عمليات التجنيس وأمور أخرى تحدث في الكواليس، واحتكرت المناصب القيادية الرياضية بين شيخ ووجيه بعيداً عن أصحاب الخبرات المؤهلين.

لكن المؤسف في البطولة الحالية هو الهزيمة المدوية للمنتخب الكويتي من شقيقه العماني المبدع، وهو أمر متوقع، فلا يمكن لبلد يتراجع على كل المستويات أن يحقق إنجازات رياضية، لكن اللافت أن تبرير رئيس اتحاد الكرة الشيخ طلال الفهد لتلك الكارثة الرياضية أيضاً يرتكز على "الدينار"، فالشيخ يقول لا توجد ميزانية لدى الاتحاد كافية لإعداد الفريق! وهنا أود أن يتطوع صحافي رياضي ليحدد قيمة ميزانية اتحاد كرة القدم العماني حتى نساوي ميزانية الاتحاد الكويتي معها لنحقق على الأقل التعادل في مباراتنا القادمة مع حبايبنا العمانيين.

***

لا يمكن أن نذكر "وطن النهار" دون أن نستذكر الشاعر الكبير بدر بورسلي، الذي أتمنى أن ألتقيه يوماً ما شخصياً، فـ"وطن النهار" ستظل خالدة كرائعة حافظ إبراهيم "مصر تتحدث عن نفسها"، والأستاذ بورسلي يقارع أيضاً الشاعر الراحل التاريخي مأمون الشناوي بروائعه الشعرية العاطفية الكويتية، لذلك أقول كرموا هذا الرجل كلما استطعتم، وأعيدوه إلى الشاشة بأي طريقة ممكنة، عبر برامجه المعتادة، حتى يبقى عبق الزمن الجميل في أسماعنا وأمام أنظارنا.

back to top