تردي الرياضة من تردي الوضع العام

نشر في 26-11-2014
آخر تحديث 26-11-2014 | 00:01
استقالة قيادة الاتحاد كانت ستعطي مثالاً جيداً لتحمّل المسؤولية الأدبية عن الفشل، ولكنها، بالطبع، لن تُغيّر كثيراً من وضع الرياضة المتدهور، لأنه جزء من الوضع العام السيئ، وكما ذكرنا، مراراً وتكراراً، فإنه لا إصلاح لرياضة أو اقتصاد أو تعليم أو ثقافة وفنون مادامت الإرادة السياسية غائبة والفساد منتشراً في المنظومة السياسية.
 د. بدر الديحاني كان يفترض أن يُقدّم مجلس إدارة اتحاد كرة القدم استقالته بعد الآداء السيئ للمنتخب الوطني أثناء دورة كأس الخليج، وذلك من باب تحمل المسؤولية الأدبية عن الهزيمة، واحتراماً لمشاعر كثير من المواطنين الذين تحمَّل بعضهم عناء السفر ومشقته لمؤازرة المنتخب أُثناء المباراة، وتسمّر بعضهم أمام شاشات التلفاز يتابعون المباراة التي كانت نتيجتها هزيمة تاريخية لم يسبق أن تعرض لها منتخبنا منذ بدء دورات كأس الخليج لكرة القدم.

كان يفترض استقالة الاتحاد، ولكن رئيسه لم يُصرّ على البقاء في منصبه فحسب، بل زاد الطين بلة بتصريحه الإعلامي الاستفزازي الذي تحدّي فيه الجميع أن يكون في استطاعة أحد إقالته من منصبه! استقالة قيادة الاتحاد كانت ستعطي مثالاً جيداً لتحمّل المسؤولية الأدبية عن الفشل، ولكنها، بالطبع، لن تُغيّر كثيراً من وضع الرياضة المتدهور، لأنه جزء من الوضع العام السيئ، وكما ذكرنا، مراراً وتكراراً، فإنه لا إصلاح لرياضة أو اقتصاد أو تعليم أو ثقافة وفنون مادامت الإرادة السياسية غائبة والفساد منتشراً في المنظومة السياسية، وهو الأمر الذي يتطلب مشروع إصلاح سياسي جذري وشامل لدولة مدنيّة دستورية حديثة يسودها القانون ويتحقق فيها تكافؤ الفرص ومساءلة كبار المسؤولين العموميين وصغارهم.

الفساد الحاصل في قطاع الرياضة، سواء من ناحية سوء الأداء أو وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، أو استخدام المنصب العام لأغراض شخصية لا للمصلحة العامة، يحصل مثله أيضاً في مؤسسات الدولة الأخرى، ولكن الحكومة لا تحرك ساكناً لمعالجته، والدليل على ذلك أنه قد سبق لرئيسها أن اعترف بأن غالبية "القياديين" في أجهزة الدولة ومؤسساتها تبوأوا مناصبهم بالواسطة والمحسوبية، لا نتيجة لكفاءاتهم ومؤهلاتهم وخبراتهم المهنية، غير أنه لم يفعل شيئاً البتة لمعالجة هذا الخلل الكبير في إدارة الدولة! ليس ذلك فحسب بل إن تقارير ديوان المحاسبة ترصد سنوياً مخالفات مالية بالجملة يرتكبها كبار المسؤولين في الدولة، ولكن لا أحد يُحاسب أو يُساءل، فكيف إذن نتوقع أن يتحسن مستوى الأداء الإداري والمالي لوزارات الدولة ومؤسساتها، بما فيها الأجهزة المسؤولة عن قطاع الرياضة؟!

هل هذه دعوة إلى تأجيل محاسبة المقصرين والمتجاوزين سواء في قطاع الرياضة أو غيره من القطاعات حتى يتحقق الإصلاح السياسي الشامل؟ إطلاقاً، بل إن محاسبتهم مستحقة وواجبة اليوم قبل الغد، ولكنها دعوة لأن نُوجّه جهودنا الجماعية، قدر المستطاع، إلى إصلاح الخلل العام، وعندئذ يمكننا بسهولة إصلاح الرياضة والاقتصاد والتعليم والثقافة والصحة والإسكان وباقي مؤسسات الدولة وقطاعاتها.

back to top