تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي : نحتاج إلى قانون بحصانة دستورية يصدر موازنات 3 سنوات مقبلة ويحظر أي التزام مالي إضافي على الدولة

نشر في 23-11-2014 | 00:04
آخر تحديث 23-11-2014 | 00:04
No Image Caption
منع مسبق لأي اقتراض من الاحتياطي العام بضمان احتياطي الأجيال القادمة

ألمانيا واليابان قصتا نجاح لنهوضهما من ظروف قاسية
دون موارد
استذكر التقرير الاقتصادي الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات أزمة الكساد العظيم في أكتوبر عام 1929، حيث فقدت الإدارات العامة على مستوى العالم توازنها، واستقرت في نهج راوح بين إنكار حدوثها وبين التشفي أو استخدامها لكسر خصوم الداخل أو الخارج، وكانت النتائج كارثية، ولم تنتهِ إلا بانتهاء حرب عالمية عظمى بعد نحو 17 عاماً.

 وعندما حدثت أزمة عام 2008، والتي كان من الممكن أن تأخذ نفس المسار الكارثي، استرجعت الإدارات العامة كل دروس أزمة الكساد العظيم في الداخل والخارج، والتحم الأضداد وخرج العالم بأقل خسائر ممكنة وبنمو سالب لاقتصاده لسنة واحدة فقط.

وقال التقرير إنه عندما حدثت أزمة سوق النفط في أواسط الثمانينيات، ارتكبت الإدارات العامة في الدول المنتجة للنفط كل الخطايا مثل الإنكار والاستمرار في الهدر على مستوى النفقات الجارية والمتكرر منها وحتى حرب الإنتاج النفطي بين دولها والكذب في حجم احتياطيات النفط، حتى كسرت الأسعار حاجز الـ 10 دولارات للبرميل، بعدما انفرطت «أوبك» في ديسمبر 1985. وأصبح استقرار بعض دول المنطقة في خطر حقيقي، وتدخلت الولايات المتحدة بزيارة للمنطقة من نائب رئيسها، وأعادت «أوبك» إلى الالتئام وأوقفت تدهور الأسعار.

وأضاف انه عندما حدثت أزمة سوق النفط الثانية التي بلغت مداها مع أزمة نمور آسيا في أكتوبر 1997، كررت الإدارات العامة نفس خطايا الثمانينيات، وهبطت أسعار النفط إلى حافة الـ 10 دولارات للبرميل، وعجزت بعض الدول عن مواجهة التزاماتها القصيرة الأجل، وتدخلت الولايات المتحدة مرة أخرى لإنقاذها وأقنعت روسيا والنرويج والمكسيك لخفض إنتاجها دعماً لأسعار النفط.

الأزمة الحالية

وحول أزمة ضعف سوق النفط الحالية، قال التقرير إن معظم الإدارات العامة أخفقت في الإفادة من تحذيرات مبكرة باحتمال أزمة أسعار قادمة، وبالتبعية أهدرت فرصة الوقاية المبكرة، والواقع أنها استمرت في الهدر المسرف وأهدرت جانباً من نجاعة العلاج في الوقت الحاضر.

 وذكر أنه يظل هناك متسع من وقت للعلاج، شريطة اجتناب أمرين، الأول هو التوقف عن الاستمرار في إنكار أن هبوط أسعار النفط بنحو %30 عن معدل أسعار نصف السنة الأول يمثل مشكلة حقيقية قد تتحول إلى أزمة غير قابلة للعلاج، والولايات المتحدة هذه المرة غير معنية بإنقاذ دول النفط، أما الأمر الثاني، فاجتناب الشعور بالهلع والتصرف بوحي منه، لأن الهبوط هذه المرة ليس بلا سقف أدنى، وحتى إن كسر سقف السبعين دولاراً إلى الأدنى في الزمن القصير، سيفوقه ويقترب لاحقاً من الثمانين بعد التضحية ببعض الإنتاج، لأن السبعين دولارا هو السعر الحدي لتكلفة إنتاج النفوط غير التقليدية.

وأشار التقرير إلى ان هناك سيناريو أكثر احتمالاً للتحقق يؤكد وجود مشكلة مالية حقيقية، ولكنه مع توفر شبكة أمان تقي من السقوط الحر والمؤلم، يوفر أرضية لعقلاء الإدارة العامة إن وجدوا في تحقيق هدف نافع على المدى القصير وأهداف للمدى المتوسط إلى الطويل.

واقترح التقرير استثمار الضعف الحالي في ترتيب طويل الأمد للسياسات المالية المزرية تتلخص في التالي:

1 - تحصين المالية العامة بتمرير تشريع له حصانة تعديل المواد الدستورية من ضرورة توافق رغبتين وأغلبية خاصة، يتلخص في إصدار موازنات عامة لثلاث سنوات مجتمعة، وحظر تقديم أي مقترحات يترتب عليها التزام مالي خلال فترة نفاذها سوى بتلك الشروط الخاصة.

2 - وضع سقف ملزم للنفقات العامة لا يتعدى دخل النفط عند سقف إنتاج متحفظ، أي منع مسبق لأي اقتراض من الاحتياطي العام بضمان احتياطي الأجيال القادمة.

3 - التركيز خلال السنوات الثلاث القادمة على ثلاثة محاور أساسية، الأول ربط نفقات الموازنة العامة بما هو نافع أي تحسن جوهري في الخدمات العامة، والثاني إجراء تحقيق مهني وأمين لتسمية مناحي الهدر في الموازنة وإعلانها، والثالث وهو ما أصبح بمثابة الوباء، أي الفساد المستشري والفج في كل ركن من أركان الدولة.

والعالم مليء بقصص النجاح لدول قامت من ظروف قاسية ودون موارد مثالها ألمانيا واليابان ونمور آسيا وأوروبا، والنقيض دول متخمة بالموارد المؤقتة وحصدت لعنتها وفوتت نعمتها. ولعلها فرصة الكويت الأخيرة، وخياراتها واحد من اثنين، إما أن تثبت خلاصة القول المأثور «رب ضارة نافعة»، أو أنها تستمر على ما عودتنا عليه، أي «لا حياة لمن تنادي».

back to top