10 أيام في بومباي

نشر في 23-11-2014
آخر تحديث 23-11-2014 | 00:01
 مظفّر عبدالله لست من الذين يحصرون نظرتهم تجاه الأجانب عموماً - وخاصة دول العمالة - في زاوية سلبية، فقد استفدت من زيارةٍ قصيرة أضافت إلى الكثير لمعرفة كيف يعيش هؤلاء الأجانب الوافدون لدينا هناك (في بيئتهم الحقيقية)، فجزء من صورتهم الملوثة هنا يأتي منا نحن، من خلال استغلال بعضنا لهم عبر المتاجرة بهم أو استجلابهم دون تسليمهم عملاً حقيقياً، ما يؤدي بهم إلى حالات الانتحار أحياناً.

أول العمود:

لو طُلِب من خطباء المساجد أن يخصصوا خطبة الجمعة لمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، فكيف سيتفاعل عدد منهم مع الموضوع وهم لا يفقهون عنه شيئاً؟

10 أيام قضيتها في مدينة بومباي، كشفت لي مقدار الزيف الاجتماعي الذي نعيشه، وكيف أن تعاملنا مع الوافدين إلى بلادنا تشوبه أحكام أحادية قاصرة. كلٌّ يظهر على حقيقته هناك (الهند) بينما تتنوع الأقنعة هنا (الكويت).

قدر لي أن أزور مدينة بومباي قبل فترة في جولة سياحية، بصحبة زوجتي وابنتي، قضيت فيها عشرة أيام تعلمنا فيها بضعة أشياء جديدة، أفكاراً وانطباعاتٍ من الحياة اليومية.

لعبة المقارنة، لعبتنا جميعا حينما نختلط بالغير في السفر، أسوق بعضها كنموذج في سياق النظرة إلى الوافدين هنا في الكويت. لن تكون لنا نافذة صحيحة لإصدار أحكام أو انطباعات معينة تجاههم ما لم نعش في بلدانهم ومعهم، هناك فرق بين أن تراهم عمالاً هنا وأن تراهم مواطنين هناك في بلدانهم.

تجربتي قاصرة في الهند وقصيرة، لأنها في جزء من رقعة جغرافية، لكنها جاءت بانطباعات، أقواها وضوحاً اختفاء المظاهر والأقنعة والزيف الاجتماعي.

بين هناك (الهند) وهنا (الكويت) فرق واضح وجليّ في مسألة حقيقة الأشخاص الذين نراهم في الشارع، فكل من الميسور والغني والفقير ومتوسط الحال يعبر عن حالته بلا رتوش وأقنعة، على عكس ما يحدث بيننا.

تلاصق دور العبادة وتنوعها في بومباي يعطيك صورة لمقدار التسامح الذي وصل إلى حد التزاوج بين أتباع الديانات السماوية والأرضية، فتجاور معبد هندوسي مع مسجد للبهرة يعطيك عنواناً لا يقبل التجاهل، الحياة العامة في الشارع أكثر بساطة وسلام، ففي شارع الكورنيش، الذي يشبه شارع الخليج عندنا، تزدهر لقاءات الجنسين بالملابس التقليدية المغرقة في الألوان الفاقعة الزاهية كعادة الهنود وسكان شرق آسيا. تراهم ودودين و"مؤدبين" قليلي الكلام.

لست من الذين يحصرون نظرتهم تجاه الأجانب عموماً - وخاصة دول العمالة - في زاوية سلبية، فقد استفدت من زيارة قصيرة أضافت لي الكثير لمعرفة كيف يعيش هؤلاء الأجانب الوافدون لدينا هناك (في بيئتهم الحقيقية)، فجزء من صورتهم الملوثة هنا يأتي منا نحن من خلال استغلال بعضنا لهم عبر المتاجرة بهم أو استجلابهم دون تسليمهم عملاً حقيقياً، ما يؤدي بهم إلى حالات الانتحار أحياناً.

لكل شعب كرامته وتقاليده، ومن الخطأ إصدار أحكام عامة من خلال تواجدهم بيننا ضمن ظروف إدارية وقانونية ترسمها إدارة الهجرة، ولاحقاً مع طبيعة تعامُل صاحب العمل، سواء كان شركة أو رب منزل.

كل ما في الأمر أن الله حبانا النفط، وجيء بهؤلاء البشر لتعمير بلدنا وخدمتنا، وكان من الممكن أن يكون هذا الحال علينا، لكنها إرادة الله!

back to top