Theory of Everything ممتع جداً

نشر في 16-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 16-11-2014 | 00:01
يجعلنا الأداء الجيد ننسى الممثل ونتذكر ردود فعله فحسب. وهذا ما يحدث في فيلم The Theory of Everything (نظرية الأشياء كلها). فننسى جهود إيدي ريدماين الدؤوبة لتقديم شخصية عالِم الفيزياء اللامع ستيفن هوكينغ، ذلك المفكر العظيم المحتجز في جسم مشلول مشوه.
يبدو دور إيدي ريدماين في The Theory of Everything غريباً إلى درجة ننسى معها كم تُعتبر هذه القصة تقليدية لولا محط الانتباه غير التقليدي ذاك. لا يشكل الفيلم نُسخة عن My Left Foot مع صوت يخرج من جهاز كمبيوتر، بل قصة حياة مؤلف A Brief History of Time مغلفة بتقدير للمرأة المميزة التي تزوجته، اعتنت به، ودعمت جسمه الذي يزداد ضعفاً كي يتمكن عقله المبدع من العمل والابتكار.

يعود بنا The Theory of Everything إلى جامعة كامبريدج عام 1963 حين كان هوكينغ الشاب يخبئ إمكاناته الكبيرة وراء التكاسل والتأجيل. يرغب البروفسور المحترم (ديفيد ثويليس، وهو دوماً محق) الذي يدرسه في الفصل بين الجيد وبين السيئ في صفه، إلا أنه يرى إمكانات هوكينغ ويشجع عبقريته.

يلتقي هوكينغ بعد ذلك مصدر إلهاء آخر بالإضافة إلى لعبة الشطرنج. جاين (فيليسيتي جونز) شابة حيوية، جميلة، وجادة لا تخاف الشاب الخجول الذي يحاول التودد إليها في حرم الجامعة. كم هو ذكي؟ ألا يدرك ما تعنيه عندما تقول {ك أ} (الكنيسة الأنغليكانية).

يقطّب هوكينغ الشاب وجهه ويجيب {كامل السلطة العليا} المسيحية، فيسحرها. ولا تخشى جاين، التي تتخصص في الشعر الإسباني من القرون الوسطى، مقابلة عائلته الحافلة بالأذكياء (يؤدي سايمون ماكبورني دور والد هوكينغ الودود، اللامبالي، والساخر). تقول لعالِم الفلك هوكينغ بتحبب: {أود أن أسافر بالزمن مثلك}.

لكن العرج يظهر في مشيته وتزداد حركة أصابعه صعوبة. وبعد 45 دقيقة من البحث عن {نظرية الأشياء كلها}، عندما يقع الطالب ستيفن أرضاً في إحدى باحات كامبريدج، تبدأ معاناته. يشخص الأطباء إصابته باضطراب عصبي حركي يُدعى مرض لو غريغ، ويتوقعون ألا يعيش لأكثر من سنتين. قد يبتسم عندما يذكر ذلك، إلا أنه يطرد أصدقاءه وجاين.

هنا تعرب جاين عن تصميمها ويتفادى الفيلم تحوّل حبكته إلى مأساة. تذكروا أن هؤلاء كانوا أولاد جيل الحرب العالمية الثانية في بريطانيا، فقد ولدوا خلال هذا الصراع أو بعده مباشرة. يواسيها والد هوكينغ قائلاً: {لن يكون هذا صراعاً يا جاين، بل هزيمة قوية}. لكنها تتمتع بعزيمة والديها الحديدية وتأبى الابتعاد. فيتزوجان و{يحاربان هذا المرض معاً}.

50 سنة

لا يتناول الفيلم العلاج أو مسيرته، إلا أنه يتمحور بطريقة ما حول ما أبقى هوكينغ على قيد الحياة نحو 50 سنة بعد السنتين اللتين توقعهما الأطباء. يعود السبب الأول إلى ابتكاراته الدائمة التطور عن الوقت والثقوب السوداء. أضف إلى ذلك جاين التي أنجبت أولاده وتعتني به وبهم من دون تذمر.

يشدد المخرج جايمس مارش، الذي يستند إلى نص أعده أنتوني ماكارتن، على الخفة والشرارة المضحكة التي تجعل هوكينغ، رغم خسارته الكثير من وظائف جسمه، يتحلى بروح دعابة طبيعية حتى اليوم. يعشق هوكينغ الحقيقي المسلسلات (مثل The Simpsons وThe Big Bang Theory). كذلك يُظهر لنا ريدماين الشرارة في عينيه عندما يلاحظ الآخرون أن صوته عبر جهاز النطق يحمل {لهجة أميركية}.

أما مشهدي المفضل، فيبقى حفلة الربيع الراقصة في الجامعة حيث يبهر هوكينغ الذي لا يرقص تلك الشابة التي تدرس الشعر بتوضيحه لمَ تلمع ربطات العنق والسترات البيضاء التي يرتديها الرجال بزيهم الرسمي بقوة أكبر من الضوء الخافت.

يقول هوكينغ {تايد}، لأن مسحوق غسل الملابس هذا يحتوي على الفوسفور.

يثبت مارش الكاميرا في مشاهد كثيرة على هوكينغ، فنرى تعابيره حين يشخص الأطباء حالته، انجذابه إلى جاين، وعبوسه عندما يبدأ المرض بعملية تعطيل جسمه المؤلمة. كان أحد يبحث عنه، فيجيبه متلعثماً: {رحل لتوه، كان هنا قبل قليل}.

يبدو حضور جونز على الشاشة مميزاً لأنه يسمح لنا برؤية ما تفوته جاين عندما يتحول زوجها من رفيق وحبيب إلى عبء. لا ندرك تماماً لمَ اختارت هذه الحياة طوعاً وهي تعلم ما ينتظرها منذ البداية. ولا شك في أن هذه هفوة من معدي الفيلم.

بما أن الفيلم يرتكز على كتاب جاين، وبما أنها هي وهوكينغ (تطلقا الآن) لا يزالان حيين، فعلينا أن نصدقهما حين يؤكدان أن هذا كان الطلاق الأكثر وداً في التاريخ، أو علينا أن ننتظر إلى أن يموت المعنيون به لنعرف ما إذا كان هنالك من حقيقة قاتمة مخبأة.

ولكن مهما قصّر The Theory of Everything في هذا المجال، ينجح الفيلم الممتع والملهم تماماً مثلما نجح هوكينغ، مع أنه يخفق في تقديم تلك {النظرية الواحدة} التي تفسر {الأشياء كلها}. فهو يتخطى الحدود في الحياة، العلم، وأفلام قصص الحياة، محققاً بالتالي العظمة.

back to top