المصلحة المشتركة بين مصر وإفريقيا

نشر في 15-11-2014
آخر تحديث 15-11-2014 | 00:01
 عبداللطيف المناوي إذا ما سألت مسؤولاً، أي مسؤول، عن ملف العلاقات الإفريقية، هل قصرت مصر في تعاملها مع إفريقيا خلال العقود الأخيرة؟ فإن الإجابة الدبلوماسية ستكون بالنفي القاطع، وان علاقات مصر الإفريقية في أحسن مستوياتها، ويعيد التذكير بالمجالات السياسية الحيوية لمصر: العربية والإفريقية والإسلامية ودول عدم الانحياز، لكن الحقيقة هي أن هذه الإجابة مجرد إجابة دبلوماسية لا تعكس الحقيقة التي تقول إننا بالفعل أهملنا الملف الإفريقي لفترة طويلة، وجزء من الثمن الذي ندفعه الآن لإهمال هذا الملف، هو ذلك الجدل والشد والجذب الحادث بين مصر ودول حوض النيل.

بدأت مصر منذ فترة الاهتمام الإيجابي بملف دول حوض النيل، وتبدى هذا واضحاً من خلال اهتمام مستويات عليا من المسؤولين بالعلاقات بين مصر وهذه الدول، وبدأنا نرى لأول مرة منذ فترة طويلة زيارات لمسؤولين مصريين على مستوى رئيس الوزراء لهذه الدول، وهو أمر إيجابي بالتأكيد حتى لو كان متأخراً.

دول حوض النيل تمثل أهمية استراتيجية قصوى لمصر، وهذا يضع على عاتق مصر أهمية التعامل مع هذه الدول بمنظور استراتيجي شامل، وليس مجرد علاقات ثنائية، وأن يكون أساس هذه العلاقات ربط المصالح المشتركة لدول حوض النيل العشر بمعنى تعظيم الاستفادة لكل الدول من مياه النيل، وإقامة المشروعات التي تحقق هذه الاستفادة.

هذا يعني أن تخرج مصر من مجرد علاقات ثنائية كما ذكرت، ومشاركة في مياه النيل واتفاقيات تنظمها إلى مفهوم أكثر شمولاً، يتضمن المجالات المختلفة وإيجاد آليات تعاون مع كل دولة على حدة، وآليات تعاون بين دول الحوض مجتمعة.

المعوقات كثيرة في العلاقات المصرية مع دول حوض النيل: انخفاض التبادل التجاري، عدم وجود خطوط ملاحية بحرية أو جوية منتظمة، إلغاء بعض رحلات مصر للطيران إلى عدد من هذه الدول، عدم وجود سكك حديد، ارتفاع أسعار الشحن، الأهم من ذلك عدم وجود إعلام كاف عن الحضور المصري في هذه الدول.

صحيح أن مياه النيل وحقوق مصر أمر غير قابل للنقاش، لكن تأكيده يتأتى عبر سياسة واعية، تمكن من احتواء أية مشكلات وتبنى بشكل استراتيجي، ولن يكون الحل بالشعارات الصارخة.

لذا فإن المدخل الصحيح هو المدخل الذي اختارته مصر، حتى إن كان اختيارا متأخراً، وهو مدخل التعاون في نطاق التنمية المشتركة، موقف يصحح الأوضاع الحالية لدول تعاني ضعفاً في التنمية، ممزوج بإحساس بعدم الاهتمام والاستغلال، حتى لو لم يكن إحساساً صحيحاً، لكنه موجود وبالتالي ينبغي التعامل معه.

في إطار ما تقدم من المتوقع أن تكون هناك حركة مصرية تضع في اعتبارها المدخل الذي أشرنا إليه والذي يعتمد على الترويج لمفهوم التعاون في مواجهة الاختلاف، والشراكة في مشروعات مختلفة، وأن تتحرك الدبلوماسية المصرية في اتجاه بناء علاقات متوازنة وقوية مع الأطراف الأخرى، ودفع حركة الاستثمار، وتغليب المصلحة المشتركة بين الأطراف المختلفة.

كما سبق وذكرت في مقال سابق فإن المداخل الخاطئة تؤدي إلى نتائج بالتأكيد خاطئة، هذا المنطق صالح للتطبيق على أية قضية خاصة، أو عامة، اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، والقصور هنا بالداخل هو السياق الذي نقرر من البداية التعامل به، فإذا كان المدخل للتعاطي صدامياً كانت النتيجة بالتأكيد ابنة شرعية لهذا المدخل الصدامي، والأمر كذلك لأي مدخل مغاير، وأظن أن مصر في هذه المرحلة قد تبنت مدخلاً صحيحاً في التعامل مع بعض القضايا الإفريقية، أتمنى أن يكون تعبيرا عن توجه مستمر في المرحلة المقبلة.

back to top