لماذا فايزة أبو النجا؟

نشر في 08-11-2014
آخر تحديث 08-11-2014 | 00:01
 عبداللطيف المناوي تابعت فايزة أبو النجا منذ فترة طويلة، عندما كانت تشغل منصب وزيرة التعاون الدولي في مرحلة مبارك، بدت السيدة ذات الملامح الهادئة والابتسامة الوقورة التي لا تفارق وجهها مشروعاً مسؤولاً قابلاً للترقي لتحمل مسؤوليات أكبر، عرفت عنها قبل أن أعرفها، وذلك عندما زرت عدداً من الدول الإفريقية والعربية وسمعت عما لها من مكانة في نفوس المسؤولين هناك، تمكنت السيدة ذات المزيج من الملامح المصرية والثقافة الأوروبية أن تكسب قلوب وعقول هؤلاء الذين التقتهم في جولاتها وزياراتها واجتماعاتها مع هؤلاء المسؤولين، أجمع من تحدث عنها على امتلاكها مزيجاً من قوة الشخصية والحسم مع القدر الكبير من الفهم والتفاهم والقدرة على الاحتواء والجدل الإيجابي.

عرفتها بعد ذلك عن قرب وقت المجلس العسكري، وكانت الصفة اللصيقة بها على لسان عدد من أعضاء المجلس، عندما كانت تشغل منصبها الوزاري أيضاً الذي حافظت عليه بعد نهاية حكم مبارك، إنها "أرجل" وزير في الوزارة، ولو أن الظروف كانت مختلفة لكانت الأصلح لتولي رئاسة الحكومة، في هذه المرحلة عرفتها عن قرب وتابعتها من زاوية مختلفة، وأثبتت بالفعل ما يقال عنها وما كنت ألمحه عن بعد، حرصها على حل الأمور العالقة كان كبيراً، ووضعت نصب عينيها دائماً المصلحة الوطنية مع عدم التعدي على مصالح الآخرين، دماثة خلقها لم تمنعها يوماً من أن تضع كل من تخول له نفسه بالتجاوز في حق مصر عند حده، وليس أدل على ذلك إلا موقفها من أحد وزراء المالية في إحدى الدول التي قررت تقديم دعم للموازنة المصرية فزايد الوزير في شروطه إلى حد أن طلب من الحكومة المصرية بأن تتقدم شهرياً بكشف مصروفات واحتياجات لتقديم هذا الدعم بشكل شهري، فما كان منها إلا أنها أوقفت التفاوض فوراً وأبلغت الوزير الذي تربطها به علاقة صداقة بألا ينسى نفسه ويتذكر أنه يتحدث عن مصر وليس دويلة مجهولة.

ردود الفعل على اختيار فايزة أبو النجا مستشارا لشؤون الأمن القومي للرئيس السيسي تعددت، منها ما اعتبر هذا الموقف تحدياً للولايات المتحدة الأميركية وذلك بسبب موقف أبو النجا من مسألة منظمات المجتمع المدني والتي تسببت وقتها في أزمة بين مصر وأميركا وقت المجلس العسكري، كانت أبوالنجا واضحة في انتقاد السلوك الأميركي والغربي في تخطي هذه الدول للدولة المصرية وتقديم الدعم المادي غير المحدود لهذه المنظمات بهدف تقويض الدولة المصرية، هذا الموقف لم يعجب الأميركيين، وأذكر وقت تشكيل الحكومة الأخيرة، عندما قال لي مسؤول أميركي مداعباً "أي تشكيل للحكومة سيكون مرضياً لنا طالما أن فايزة أبوالنجا ليست فيه"، إلى هذا الحد كان موقفهم، هذا الاختيار من الرئيس السيسي اعتبره البعض تحديا للأميركان، ولكن الرد هنا بسيط، فعلاقات الدول أكثر نضجاً من التوقف عند هذه الملاحظات، وإلا كان لمصر أن تسألني المقابل ولماذا لا تغير الإدارة الأميركية سوزان رايس صاحبة المواقف المتشددة تجاه مصر؟

كذلك فإن من يتوقع أن وجود أبوالنجا يعني عصراً سيئاً لمنظمات المجتمع المدني هو أيضا مخطئ لأن ما يحكم علاقة الدول بالمنظمات العاملة فيها هو القانون، وطالما احترمت هذه المنظمات القواعد القانونية للدولة فلن تكون هناك مشكلة، وبالتالي فإن هذه المنظمات القلقة لا ينبغي لها أن تقلق طالما احترمت سيادة البلد وقانونه، فالعمل الأهلي هو قاطرة تطوير المجتمع مع عدم السماح بالاختراقات التي تهدد الأمن القومي.

في تقديري الشخصي ان اختيار الرئيس السيسي لأبو النجا في موقع مستشار الأمن القومي، هو أفضل اختياراته حتى الآن، والتي أتمنى أن يستكمل فريقه الفاعل على نفس المستوى في مختلف التخصصات، أيضا هذا الاختيار يوسع مفهوم الأمن القومي لدى القيادة والناس، فالأمن القومي ليس مجرد أمن الحدود لكنه يبدأ من طابور الخبز، هذا الفهم المتطور والاختيار الموفق يزيد من مساحة الأمل.

back to top