الأغلبية الصامتة: إعلان قطيعة

نشر في 30-10-2014
آخر تحديث 30-10-2014 | 00:01
 إبراهيم المليفي لقد اختارت الكويت في أكثر من مناسبة، خصوصا عندما توافرت لها البيئة الصالحة لتحقيق الإنجاز واتخاذ القرار أن تخطو خطوة واثقة إلى الأمام حتى لُقِّبت بدرة الخليج، وعندما تلاشت بيئة العمل والإبداع تراجعت كالسائر عكس سير الناس، يدفع تارة ويطاح به تارات، ولن نكرر «مناحات» الانحدار، ففي «مناخات» فرد العضلات لا تسمع الأذن إلا كل ما يسرها.

القطيعة مع الفساد والنهج الذي يقود إليه مطلوبة، والقطيعة مع التخلف والسلوكيات التي يفرزها وأنماط الإدارة التي يحكم ويتحكم فيها مطلب ملحّ وعاجل، ودستور 62 كان قطيعة "حميدة ومحمودة" وإعلان عبور حضاري استجمع كل ما في ماضي الكويت من تراحم وسعة صدر وتراكم في الشورى والتشاور.

عندما وُضِع ديوان المحاسبة أعلنّا القطيعة مع بند الصرف على المزاج، وعندما أسسنا المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كنا نقول لكل الجهود والمبادرات الفردية السابقة لتأسيس ثقافة جادة شاملة كل حقول المعرفة: من هنا نبدأ على أسس متينة، وعندما شيدنا الموانئ الحديثة أعلنّا أن زمن "النقع" و"الحماميل" قد انتهى وبدأ عصر المركز التجاري والمالي الزاهر، وعندما وقع الغزو العراقي الغاشم أعلنا، أو هكذا أردنا أن تكون ما بعد التحرير، كويت الوثبة العالية فوق منعرجات الانفراد بالقرار والسلطة، كويت النهج الجديد في الحكم والإدارة وتغليب المصلحة العامة.

لقد اختارت الكويت في أكثر من مناسبة، خصوصا عندما توافرت لها البيئة الصالحة لتحقيق الإنجاز واتخاذ القرار أن تخطو خطوة واثقة إلى الأمام حتى لُقِّبت بدرة الخليج، وعندما تلاشت بيئة العمل والإبداع تراجعت كالسائر عكس سير الناس، يدفع تارة ويطاح به تارات، ولن نكرر "مناحات" الانحدار، ففي "مناخات" فرد العضلات لا تسمع الأذن إلا كل ما يسرها.

 بالأمس القريب، قال رئيس مجلس الأمة، وهو يعيش سياسياً وتنظيمياً ما يعرف بمرحلة "التمكين": "إننا جميعاً- على الصعيدَين الوطني والإقليمي- أمام لحظة فاصلة، لن يكون ما بعدها على نسق ما قبلها، ولن تجدي في استيعاب تداعياتها أساليب التعامل مع سابقاتها".

ما توقفت عنده هو الوطني أو المحلي، أما الإقليمي فهو شأن ليس لنا فيه ككويت سوى ما ستتركه لنا القوى الكبرى المتصارعة من مساحة محدودة، إن اللحظة الفاصلة وقعت بالفعل عندما تحررت الكلمات والصور من قيود النشر والرقابة، وأصبح لكل مواطن نافذة يطل منها برأيه كيفما شاء وبأي وقت أراد، ليبدأ عهد الرأي الآخر كطوفان يتجاوز كل القوانين والأعراف المألوفة.

لقد وقعت اللحظة الفاصلة عندما تبدلت قواعد اللعبة السياسية في الكويت لتخرج- بفضل حنكة الحكومة- من داخل أسوار مجلس الأمة وبطون الصحف اليومية إلى ساحة الإرادة، لتتم المطالبة بإقالة رئيس مجلس الوزراء.

نعم بالفعل نحن أمام مرحلة فاصلة تهيأت فيها الظروف السياسية لأن يعلن فيها رئيس مجلس الأمة الحالي، وبشجاعة، مقاطعة أول انتخابات بالصوت الواحد، متجاوزاً كل الاعتبارات الاجتماعية والفرص اليسيرة لتحقيق كل طموحاته السياسية.

نحن في زمن تطور نصفه الأول والأهم وهو صوت الشعب، في زمنٍ سابق لخطاب رئيس مجلس الأمة، ولم يتبقَّ، وهنا بيت القصيد، سوى تطور أساليب وأنساق السلطة حتى يكتمل المشهد وتعود "مناخات" العمل والإبداع، لتعلن الكويت "قطيعة" جديدة مع كل ما شابها في المراحل السابقة.

لقد أحسن رئيس مجلس الأمة اختيار كلماته وجعلني أتابعها عدة مرات.

back to top