تسميم السرطان من الداخل

نشر في 30-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 30-10-2014 | 00:01
No Image Caption
في عالم الأمراض السرطانية، قد يصعب معالجة الأورام التي تصيب الدماغ. وهي أورام كثيرة سريعة النمو تترسخ في مناطق أساسية من أهم أعضاء الجسم، ما يجعل استئصال الأورام بالجراحة صعباً جداً أو مستحيلاً.
اليوم، ابتكر الباحثون في معهد الخلايا الجذعية في هارفارد طريقة جديدة لمحاربة هذه الأورام الدماغية المميتة، وذلك من خلال فصلها من الداخل إلى الخارج. في دراسة جديدة، هندس العلماء خلايا جذعية لإفراز سموم السيتوتوكسين التي تقضي على السرطان وتقلص الورم من الداخل.

تكون السيتوتوكسين سامة بالنسبة إلى جميع الخلايا الحية. لكن خلال العقدين الأخيرين، اكتشف الأطباء طرقاً لتعديلها كي تستهدف حصراً خلايا أورام محددة. في الأساس، تدخل السيتوتوكسين بكل بساطة إلى الخلايا السرطانية مع جزيئات سطحية معينة. وحين تصبح داخل الخلية السرطانية، تُضعف السيتوتوكسين إنتاج البروتينات وتقضي على الخلايا.

في وجه أنواع محددة من سرطان الدم، تكون السيتوتوكسين ناجحة جداً. لكن في ما يتعلق بهزم الأورام الصلبة، لا سيما تلك الموجودة في الدماغ، لا تنجح تلك السموم دوماً. صرح د. خالد شاه، عالم أعصاب وباحث رئيس في الدراسة، لمجلة Popular Science: {يكون مفعول بعض أنواع هذه الأدوية جزئياً، وقد تتوزع بشكل غير مناسب في الورم، ويكون وصولها إلى الدماغ صعباً بسبب حاجز الدم في الدماغ». يعني ذلك بكل بساطة أن حقن السيتوتوكسين في الجسم لن تنجح في القضاء على الأورام الدماغية، وقد فشلت في الماضي الجهود الرامية إلى حقن السيتوتوكسين داخل الأورام الدماغية مباشرةً.

لذا ابتكر شاه شكلاً أفضل من عملية نقل السيتوتوكسين: تقضي بتغليفها داخل خلايا جذعية. قام فريقه البحثي بهندسة خلايا جذعية كي تتحرك كمصنع للسموم، فتفرز السموم بشكل منتظم مع مرور الوقت. هذا الأمر يحل مشكلة المفعول القصير للسيتوتوكسين لأن الخلايا الجذعية ستفرز السموم العلاجية بشكل مستمر. من خلال وضع هذه الخلايا الجذعية داخل الورم مباشرةً، ستستنزف الخلايا السرطانية من الداخل.

حين تصبح السيتوتوكسين داخل الخلية السرطانية، ستكبح إنتاج البروتينات فتموت الخلية.

لكن لضمان نجاح نقل الدواء، حرص شاه على ألا تدمر السيتوتوكسين البيئة المضيفة للخلايا الجذعية أولاً. فابتكر وفريقه خلايا مع طفرة لمنع السموم من التحرك داخل الخلية. كذلك، يسمح جزء إضافي من الشيفرة الوراثية للخلايا الجذعية المقاوِمة للسموم بتصنيع السموم وإفرازها.

فوق كل شيء، كانت السيتوتوكسين مبرمجة كي تستهدف الخلايا التي تحمل مستقبلات عامل نمو البشرة أو مستقبلات أنترلوكين 13 ألفا 2. النوع الأول مزود بمستقبِل شائع في معظم الأورام والثاني موجود في أورام دماغية كثيرة.

لاختبار قدرات الخلايا الجذعية على قتل السرطان، استعملها الباحثون لمعالجة الأورام الدماغية لدى الفئران. يقول شاه: {يخضع بين 70 و75% من المرضى المصابين بورم دماغي من الدرجة الرابعة للجراحة. يتم استئصال ورمهم جزئياً، لذا قمنا بتقليد الأمر نفسه لدى الفئران}. عند إزالة جزء من الورم، وضع الباحثون الخلايا الجذعية في هلام قابل للتحلل داخل التجويف. ثم تعقبوا الخلايا الجذعية حين كانت تطلق سمومها وأوقفوا تركيب البروتينات في الخلايا السرطانية. بشكل عام، قضت السموم على الخلايا السرطانية وأطالت مدة صمود الفئران.

طور شاه وفريقه طريقة مماثلة للقضاء على السرطان، وذلك من خلال تحميل الخلايا الجذعية بفيروسات الهربس التي تقضي على السرطان. يسعون الآن إلى كسب مصادقة إدارة الغذاء والدواء على تقنيتهم. في المستقبل، يقول شاه إن السيتوتوكسين يمكن تعديلها كي تستهدف أنواعاً مختلفة من مستقبلات السرطان كي تصبح العلاجات شخصية: {يختلف الوضع من ورم إلى آخر. قد تعمل هذه المستقبلات بطريقة أفضل بالنسبة إلى الأورام الدماغية لكن يكون مفعولها أضعف مع أورام أخرى. تتوقف العملية كلها على الهدف}.

back to top