«كامكو»: انخفاض أسعار النفط خطر على اقتصادات الخليج

نشر في 30-10-2014 | 00:08
آخر تحديث 30-10-2014 | 00:08
صندوق النقد الدولي خفض توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 3.3 %
سيبقى مستوى التضخم في اقتصادات دول الخليج معتدلا، كما اتضح من البيانات والتقديرات المتوقعة الواردة في تقرير صندوق النقد الدولي، ومع ذلك، فإن حدوث المزيد من الانخفاض في أسعار النفط سيكون له تأثير سلبي على ميزانياتها العامة وميزان الحساب الجاري وسيشكل خطرا على اقتصاداتها.

ألقى تقرير صادر عن إدارة بحوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) الضوء على آخر إصدارات صندوق النقد الدولي وتوقعاته الاقتصادية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

 وأشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير بشأن الآفاق الاقتصادية المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أنه على الرغم من الانتكاسات التي شهدها الاقتصاد العالمي فإنه يواصل التعافي وإن كان بصفة غير منتظمة.

وحسب تقرير كامكو، خفّض صندوق النقد الدولي من سقف توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 3.3 في المئة في العام الحالي بتراجع بلغت نسبته 0.4 في المئة بالمقارنة مع تقديراته الواردة في تقرير الأفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي الصادر في شهر أبريل/ مايو من العام 2014.

ويعزى هذا الانخفاض بصفة أساسية إلى تراجع النشاط الاقتصادي العالمي إلى مستوى أدنى من المتوقع في النصف الأول من عام 2014 الحالي؛ حيث مازالت التطورات الاقتصادية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تعكس مختلف الظروف السائدة في جميع أنحاء المنطقة. وتواصل غالبية الدول المصدّرة للنفط ذات الدخل المرتفع، وخاصة في منطقة دول الخليج، التي ما زالت قادرة على تسجيل نمو اقتصادي جيد وثابت، وتحقيق نتائج ومالية قوية في ظل التحديات والمشكلات التي تحتاج إلى حلول على المدى القصير، أما في الدول غير الخليجية، فيعد تحسين البيئة السياسية وبيئة الأعمال، وإزالة العقبات المعيقة لتطوير البنية الأساسية، وتعزيز سبل الحصول على التمويل، من المتطلبات الهامة اللازمة لزيادة الاستثمار والإنتاجية واستمرار النمو.

ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في منطقة دول الخليج إلى 4.4 في المئة في عام 2014 بعد أن شهد نموا كبيرا بلغت نسبته 4.1 في المئة في عام 2013. ومن المتوقع أن يستمر معدل النمو بشكل ثابت في معظم دول الخليج بفضل زيادة الإنفاق العام على مشاريع البنية الأساسية والتوسع في تمويل القطاع الخاص في العديد من دول المنطقة. وعلى الرغم من المشكلات التي تواجهها المنطقة، إضافة إلى الانخفاض الهائل في أسعار النفط، فإن صندوق النقد الدولي قد رفع سقف توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة العربية السعودية، أكبر دولة في المنطقة من الناحية الاقتصادية، ليصل إلى 4.6 في المئة في عام 2014 بالمقارنة مع تقديراتها السابقة البالغة 4.1 في المئة للعام ذاته في شهر مايو 2014. ومن جهة ثانية، رفع صندوق النقد توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد القطري من 5.9 في المئة في مايو 2014 إلى 6.5 في المئة في أكتوبر من عام 2014 الحالي، وهو أعلى معدل نمو يتم تسجيله/ توقعه بالمقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة، في حين يقدر الصندوق أن يسجل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الكويتي انخفاضا في عام 2014 ليصل إلى نسبة 1.4 في المئة بالمقارنة مع التوقعات السابقة في شهر مايو 2014 حيث توقع حينها صندوق النقد أن يصل النمو في الكويت إلى نسبة 2.6 في المئة في عام 2014.

تراجع توقعات النمو

وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي، مازالت التطورات الاقتصادية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تعكس مختلف الظروف السائدة في جميع أنحاء المنطقة، وتواصل غالبية الدول المصدّرة للنفط ذات الدخل المرتفع، وخاصة في منطقة دول الخليج، تسجيل نمو ثابت، وتحقيق أسس اقتصادية ومالية قوية، حتى في ظل التحديات والمشكلات التي تحتاج إلى حل على المدى القصير.

ومن ناحية ثانية، دخلت باقي دول المنطقة كالعراق، وليبيا، وسورية في دائرة الصراعات. في حين مازالت الدول الأخرى، وخاصة الدول المستوردة للنفط تحرز تقدما مستمرا لكن غيرمنتظمة في الدفع بجدول أعمالها الاقتصادي، بالتوازي مع التحولات السياسية، ووسط ظروف اجتماعية صعبة، وإذا لم يتم إجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية مكثفة في معظم هذه الدول، فإن فرص النمو الاقتصادي على المدى المتوسط الأجل لن تكفي للحد من ارتفاع معدلات البطالة وتحسين مستويات المعيشة، وقد بقي النشاط الاقتصادي للدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ضعيفا هذا العام حيث استقر عند نسبة 3 في المئة، ولكن من المتوقع أن يبدأ معدل النمو في الانتعاش ليصل إلى 4 في المئة في عام 2015 (دون تغيّر كبير بالمقارنة مع التقديرات المحدّثة في تقرير مايو 2014).

الاقتصادات الخليجية

تحتاج اقتصادات دول الخليج إلى تعزيز مراكزها المالية عن طريق استغلال النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده في الفترة الحالية لادخار المزيد من مكاسبها النفطية. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن معظم الدول المصدرة للنفط تحتاج أيضا إلى تعديل نموذج نموها الاقتصادي لتحقيق نمو أكثر استدامة، وشمولا وتنوعًا؛ إذ إن نموذجها كان يعتمد على نمو الإنفاق الحكومي المدعوم بزيادة أسعار النفط، غير أن التحوّل إلى نموذج نمو أكثر تنوعًا واعتمادا على القطاع الخاص يتطلب إجراء إصلاحات كبرى. وتعتبر بيئة الأعمال في دول الخليج مواتية بشكل عام كما أن الفجوة بين توافر مرافق البنية الأساسية والاستثمارات اللازمة لتلبية احتياجات الدولة منها تعتبر صغيرة. لذا ينبغي أن تركّز أولويات الإصلاح على الارتقاء بجودة التعليم وملاءمته لاحتياجات القطاع الخاص، بما يحدّ من القصور الذي يؤدي إلى الاعتماد على العمالة الأجنبية، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص للمواطنين، وتشجيع الإنتاج الكفؤ للسلع القابلة للتبادل التجاري والخدمات بدلا من العمل في القطاعات المنتجة لسلع غير قابلة للتبادل التجاري ذات معدل إنتاجية منخفض.

من جهتنا نرى أن مستوى التضخم في اقتصادات دول الخليج سيبقى معتدلا، كما اتضح من البيانات والتقديرات المتوقعة الواردة في تقرير صندوق النقد الدولي. ومع ذلك، فإن حدوث المزيد من الانخفاض في أسعار النفط سيكون له تأثير سلبي على ميزانياتها العامة وميزان الحساب الجاري. وعلى الرغم من أن أسعار النفط (البالغة اكثر من 80 دولارا أميركيا للبرميل) تعتبر أعلى من الحدود السعرية في معظم دول المنطقة والتي ما زالت قادرة في ميزانياتها المالية على تحمل هذا الانخفاض حالياً، فإن ارتفاع الإنفاق وخاصة الإنفاق الجاري يمكن أن يشكل مصدر قلق في المستقبل إذا استمرانخفاض أسعار النفط أو إذا لجأ مصدرو النفط إلى خفض مستويات إنتاجه. وتحتاج دول الخليج إلى تحقيق المزيد من التنويع الاقتصادي وهو أمر تنظر إليه بجدّية كما يتبين من العديد من مشروعاتها، واستخدام الفائض النفطي لتحفيز القطاع غير النفطي الذي يتجلى في النمو الكبير الذي شهده القطاع غير النفطي في هذه الاقتصادات وإن كان بمعدل منخفض أو في نطاق محدود.

وتعتبر بيئة الأعمال في دول الخليج مواتية بفضل المعايير الدولية التي تنتهجها، وضيق الفجوة بين توافر مرافق البنية الأساسية والاستثمارات اللازمة لتلبية احتياجات الدولة، وكفاءة إنفاق رأس المال الكبير بالمقارنة مع بيئة الأعمال في الدول الأخرى. ومع ذلك، يقترح صندوق النقد الدولي على تلك الدول اتخاذ المزيد من الإجراءات لمواصلة التقدم الذي أحرزته، ومن ضمن تلك الإجراءات: الارتقاء بجودة التعليم، وكبح زيادة الأجور العامة وحث المواطنين على البحث عن فرص عمل في القطاع الخاص، ومعالجة أوجه القصور التي تؤدي إلى الإفراط في الاعتماد على العمالة الأجنبية، ورفع الدعم عن الطاقة تدريجيا وإعادة توجيه الحوافز تجاه القطاعات المنتجة للسلع القابلة للتبادل التجاري. علاوة على ذلك، سوف تساعد هذه التدابيرعلى معالجة مشكلة أخرى تواجهها منطقة دول الخليج وهي توفير فرص العمل للسكان الشباب الذي سينضمون إلى صفوف القوة العاملة في المستقبل القريب.

انخفاض أسعار النفط

وينبغي مراقبة أسعار النفط إذ إن الارتفاع الأعلى من المتوقع للإمدادات النفطية من مناطق أخرى (كالولايات المتحدة على سبيل المثال) أو انخفاض الطلب العالمي على النفط بسبب ضعف النمو الاقتصادي العالمي، يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التراجع في أسواق النفط. ووفقا لصندوق النقد الدولي، تشكّل أسعار النفط، والظروف الأمنية الإقليمية على حد سواء، مصادر خطر كبير على نشاط الاقتصاد غير النفطي.

back to top