من يوميات الرحالة البريطانية غيرترود بيل قبل قرن من الزمان (الحلقة 1)

نشر في 26-10-2014 | 00:02
آخر تحديث 26-10-2014 | 00:02
من دمشق إلى حائل على ظهور الإبل

في 16 ديسمبر 1913، انطلقت رحلة غيرترود بيل من دمشق، ميممة حائل بقافلة مكونة من 17 بعيراً محملة بالمؤن والخيام، وثلاثة جمّالين، وطباخ، ومرشد، وقد تلقت تحذيرات عن المخاطر المحتملة، وبالرغم من أخذها الحيطة والحذر في ترحالها، فإن المخاطر واكبت رحلتها: حين هاجم قافلتها بعض الفرسان وسلبوا أسلحتها وذخيرتها عنوة، وانتظرت أسبوعاً حتى أعاد أحد شيوخهم ما سُلب، ثم اعترض طريقها مسؤول عثماني لمنعها من السفر؛ وبعد 10 أيام من المفاوضات المضنية، تمكنت من إقناعه بالسماح لها بالسفر.
وعند مرورها بأراضي إحدى القبائل اعترض طريقها شيخ تلك القبيلة، ولم يسمح لها بالمرور، بحجة أنها «نصرانية»، واقترح سراً على رجال قافلتها قتلها وتقاسم حاجاتها، وفي حائل ظلت غيرترود بيل حبيسة في قصر برزان قرابة 11 يوماً، وقد سجلت معاناتها في يومياتها يوماً يوماً.
وكانت، مع كل تلك المصاعب، مفعمة بالحيوية والحماسة، وقد شدها جمال الطبيعة في صحراء النفود، وكثيراً ما اعتقدت أنها دخلت إلى كوكب آخر، وأنها تعيش أجواء «ألف ليلة وليلة» الحقيقية.
الرحلة إلى حائل على ظهور الإبل

في 13 نوفمبر 1913 غادرت غيرترود إنكلترا ميممة دمشق، راغبة في القيام برحلة تخترق شمال شبه الجزيرة العربية، وقد بحثت عن رفيق يصحبها خلال الرحلة، فاتجهت في اللحظة الأخيرة إلى دوغلاس كاروثرز، السكرتير الفخري للجمعية الملكية الجغرافية والخبير في الخرائط، الذي عمل على نحو واسع في قسم الخرائط بالاستخبارات العسكرية في مقر الحكومة البريطانية (الوايتهول) وقد قام برحلة إلى تلك المناطق قبل 4 سنوات؛ إلا أن الظروف لم تكن مواتية لكاروثرز، فقررت القيام برحلتها منفردة.

عندما وصلت بيل إلى دمشق شرعت بالتخطيط للقيام برحلتها الاستكشافية عبر صحراء بادية الشام، ومن ثم الدخول إلى «جزيرة العرب» والوصول إلى حائل- لتكون ثاني امرأة إنكليزية تزور حائل بعد السيدة النبيلة آن بلونت- التي زارتها قبلها بثلاثة عقود تقريبا.

 ولتمويل هذه الرحلة طلبت من والدها مبلغ 400 جنيه إسترليني كسلفة، ووعدته بأنها ستسددها عند عودتها، وكان معها أدوات المسح الجغرافي مثل جهاز قياس الزوايا، وقياس خطوط الطول والعرض، وخرائط أولية لمنطقة شمال الجزيرة العربية، حصلت عليها من الجمعية الجغرافية الملكية. وقامت غيرترود بيل بالاتصال بالتاجر القصيمي محمد البسام، من أهل عنيزة والمقيم بدمشق، وهو ممن تثق بهم وتزوره كلما أقامت بدمشق، وتسترشد بنصائحه وآرائه، وتحدثت إليه عن رغبتها في القيام بهذه الرحلة، فأجابها بأن الطريق إلى حائل سالكة هذه السنة، وأشار عليها بأن تصرف مبالغ كبيرة لشراء الهدايا لتقديمها إلى أمراء القبائل وأمراء حائل، وطلبت منه أن يشتري لها رواحل من الإبل الأصيلة التي تتحمل مشاق رحلة طويلة تستغرق قرابة ثلاثة أشهر، وأن يختار لها المرافقين والخدم والأدلاء المناسبين، وقام بتنفيذ طلبها.

ووجدت غيرترود بيل مرشداً ذا خبرة، هو محمد المعراوي، الذي رافق كاروثرز في إحدى رحلاته في الجزيرة العربية قبل 4 سنوات، وهو ضليع في معرفة طرق الجزيرة العربية، وحمل معه توصيات من رجال مرموقين لتسهيل مهمة الرحلة، وهو في نفس الوقت على معرفة تامة بابن رشيد الذي كانت غيرترود بيل تأمل أن تلتقيه، وأصبح المعراوي الذراع القوية في القافلة، وقادها بنجاح منقطع النظير على دروب الصحراء الرملية وأراضي الحماد في بادية الشام وصحراء النفوذ الكبير التي لم توضع لها أي خرائط، وشق طريقه خلال الحواجز الجبلية والكثبان (الطعوس) الرملية الذهبية العالية والأراضي الصخرية التي يصعب المرور عبرها.

وكان تنظيم القافلة جيداً، حيث قامت بشراء 17 بعيراً، وكانت تكلفة البعير الواحد 16 جنيها إسترلينيا، بالإضافة إلى الطعام الذي خصصت له 50 جنيها إسترلينيا، و50 جنيها للهدايا مثل العباءات (البشوت) والكوفيات (الشمغ) والملابس القطنية (الأثواب)، وحملت معها مستند ﺣواﻟﺔ ﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﻣﺑﻠﻎ ﻣﺋﺗﻲ ﺟﻧيه إﺳﺗرﻟﯾﻧﻲ تتسلمها في ﺣﺎﺋل، حيث دﻓﻌت ﻗﯾﻣتها إﻟﻰ وﻛﯾل اﺑن رﺷﯾد ﻓﻲ دﻣﺷق.

وكانت القافلة صغيرة نسبيا بالمقارنة مع القوافل التقليدية كقوافل الحجاج أو قوافل تجار العقيلات، وحزمت بيل أيضا ضمن أغراض السفر أطقما من الصحون والمشغولات الفضية والأقمشة الكتانية، وأعمال شكسبير الكاملة، وكتبا ومجلات وروايات أخرى.

وحملت معها أيضا خيمة ومغطسا للاستحمام، وكاميرا تصوير وعدستين ومناظير مكبّرة (درابيل) وأدوية ومراهم للحالات الصحية الطارئة، وحملت معها سريرا وكرسيا يمكن طيهما، ومسدسات وأجهزة مسح جغرافي مثل أدوات قياس العرض والطول وقياس الزوايا التي زودتها بها الجمعية الجغرافية الملكية بلندن.

الشروع في الرحلة

وفي 16 ديسمبر 1913 شرعت في رحلتها الصعبة والخطيرة، منطلقة من دمشق لاختراق الجزيرة العربية ميممة حائل، بقافلة مكونة من 17 بعيرا محملة بالمؤن والخيام، وثلاثة جمَالين «مكارية» لقيادتها، وطباخ، ورجل كمرشد ودليل، ورغم التحذيرات التي تلقتها بأن سكان البادية هناك يشككون في الأوروبيين، فإنها لم تخبر السلطات العثمانية أو البريطانية عن رحلتها؛ لأنها كانت تخشى منعها إذا ما علمت السلطات بالقيام بهذه الرحلة؛ لما يكتنفها من مخاطر جمة.

وكان أول المخاطر التي واجهتها بعد أيام من بدء الرحلة هجوم كوكبة من الفرسان على قافلتها– وقد انطلق أحد الفرسان شاهرا سيفه، مطلقا طلقات نارية فوق رؤوس رجال قافلتها، وكأن فيه مساً من الجنون- وقاموا بسلب أسلحة رجالها وحاجياتهم عنوة، وانتظرت أسبوعا حتى أعاد أحد شيوخهم ما سلب، بعد وساطة أحد مرافقيها.

واكبت رحلتها المشاق حين أوقفها مسؤول عثماني لمنعها من السفر، وأخّر رحلتها لفترة 10 أيام تقريبا؛ وبعد جهد مضن تمكنت من إقناعه بالسماح لها بالسفر، مقابل أن تتعهد له خطيا بتحملها مسؤولية ما سيحدث لها خلال الرحلة، وإعفاء السلطات العثمانية من أي مسؤولية تترتب على سفرها... وكتبت تقول إنها شعرت بالراحة لأنها أصبحت الآن خارج نطاق القانون في صحراء شاسعة لا يحكمها سوى قانون أهل البادية الخاص.

من مخاطر الرحلة

وأثناء رحلتها في الصحراء تحاشت أن ترد موارد البادية المعروفة، خشية أن تتعرض لغزو وسلب القبائل، واعتمدت على غدران المياه التي تتكون إثر سقوط الأمطار (الخباري)، وبالرغم من أخذها الحيطة والحذر في ترحالها فإن المخاطر اكتنفتها، وعند مرورها بأراضي قبيلة أخرى اعترض طريقها شيخ تلك القبيلة، ولم يسمح لها بالمرور- بحجة أنها نصرانية- إلا بعد مفاوضات شاقة وتقديم الهدايا له (مثل المسدس والمنظار)، واقترح سراً على رجال قافلتها قتلها وتقاسم حاجاتها؛ ولكن رجالها كانوا أوفياء لها ولم يغدروا بها.

ومع كل هذه المصاعب التي واجهتها إلا أنها كانت مفعمة بالحيوية والحماسة، وقد شدتها الطبيعة الغريبة للمنطقة والجمال الأخاذ لضوء القمر في صحراء النفود، وقد كتبت في يومياتها ورسائلها أنها كثيراً ما اعتقدت أنها دخلت إلى كوكب آخر، وأنها تعيش أجواء ألف ليلة وليلة الحقيقية:

 «في الصحراء يلتف حولك حجاب منيع من السكون والعزلة، وليس هنالك من حقيقة تضاهي تلك الساعات التي يقضيها المرء في امتطاء ظهور الإبل، حيث ترتجف أوصاله في الصباح من البرودة ويشعر بالنعاس في الظهيرة ثم يدب نشاط صاخب في بناء الخيام [عند المساء]، وبعدها نتناول العشاء ونتجاذب أطراف الحديث، حول موقد نار قهوة محمد [الدليل محمد المعراوي]، ثم نخلد إلى نوم عميق لا يمكن لأي متمدن أوروبي أن يستمتع بمثله».

الشعور بالكآبة

وبعد أن قطعت مسافة ثلاثة أرباع الطريق مقتربة من حائل خبت شعلة حماسها واعتراها شعور بالكآبة، وأخذت تقلل من جدوى هذه المغامرة وأهميتها، فكتبت في يومياتها تقول: «اليوم أعاني نوبة شديدة من الاكتئاب– وكيف أضع هذا الشعور في كلمات معبرة؟ هل أكون أفضل حالا أم سيزداد اكتئابي أكثر من أي وقت مضى؟ تساورني الشكوك العميقة فيما إذا كانت مغامرتي بعد كل تلك المشاق تستحق كل هذا العناء. أنا لن آبه بالمخاطر التي تكتنف مغامرتي، فقد جُبِلت على ذلك؛ ولكنني بدأت أتساءل: ما الفائدة المرجوة من هذه المغامرة برمتها؟ أخشى عندما أصل إلى النهاية أن أنظر إلى الوراء هل أقول: إن «ما قمت به كان مستحقاً»، أم أنني من المرجح عندما أنظر إلى الوراء سأقول: «ما قمت به كان مضيعة للوقت»؟! ومع ذلك فمن المؤكد أن ما قمت به لا يمكن التراجع عنه الآن، لقد سبق السيف العذل. أعتقد أنني حمقاء عندما دخلت في معمعة هذا الضياع، عندما أقحمت نفسي بأمور أنا في غنى عنها، إذ لم يكن لي مطلق الحرية لممارسة أعمال هي من صميم اهتماماتي الخاصة، هذا أدى إلى تثبيط هممي. لأنها أتت بعد فوات الأوان، مثل معظم أفكارنا الحكيمة، هذه هي الأفكار التي تختلج مخيلتي هذه الليلة، ومع خشيتي من خطورتها إلا أنها تقترب من الحقيقة.

الوصول إلى حائل

وواصلت غيرترود رحلتها، وبينما كانت القافلة على مشارف جبل أجا جاءها رسول من وكيل أمير حائل إبراهيم السبهان، وبعد الترحيب بها أخبرها بانشغال الأمير سعود بن عبدالعزيز بن متعب الرشيد أمير حائل آنذاك، لقيامه بغزوات خارجية في الجوف ضد ابن شعلان، وأنه لن يسمح لها بمغادرة حائل حتى يتمكن الأمير من العودة.

وسمح لها بالإقامة في قصر الضيافة خارج أسوار حائل، وزارها السبهان في دار الضيافة، وعند مغادرته القصر أسرّ إلى محمد المعراوي مرافقها، قائلا له: بما أن الأمير خارج المدينة، وهناك حديث يدور بين الناس يستغرب مجيء هذه الأجنبية فإنه لا يسمح لها بمغادرة دار الضيافة إلا بإذن، وظلت حبيسة القصر قرابة أحد عشر يوماً، وقد سجلت معاناتها في يومياتها يوماً يوماً.

 وفي نهاية المطاف وبعد الإقامة الجبرية سمح لها ﺑﺎﻟﺗﺟول في المدينة، وسمح لها أيضا بالتقاط الصور بكل حرية، وتحوﻟت بيل إﻟﻰ ظﺎهرة ﯾﺗﺟمهر ﺣولها اﻟﺳﻛﺎن في اﻟﻣدﯾﻧﺔ، وﻗد وﺛﱠﻘت أﺣوال اﻟﻣدﯾﻧﺔ واﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻷهلها وﻋﺎداتهم اﻟﯾوﻣﯾﺔ، وﻛﺗﺑت ﻋن ﺣﺎﺋل ﻣﺎ يلي: «... ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن ﺣﺎﺋل ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن أي ﻣدﯾﻧﺔ أﺧرى ﻓﺈنها ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻧوع ﻣن اﻟﺑداوة... طرقها ﺗﻛﺳوها رﻣﺎل اﻟﺻﺣراء، وﺗﺧﻠو ﻣن دوران ﻋﺟﻼت اﻟﻣرﻛﺑﺎت وﺻرﯾرها، وﻛل ما يسمع ﻣن ﺿوﺿﺎء اﻟﻣرور هو ﺻوت ﺧﻔﺎف اﻹﺑل اﻟﺗﻲ تسير على هذه اﻟطرﻗﺎت...».

 وأصبحت الصور الفوتوغرافية النادرة التي التقطتها بيل مرجعا مهما، وعلى نحو خاص تلك المتعلقة بالمواقع الاثرية التي طرأت عليها منذ قرن بعض التغييرات، وبعضها اختفى إلى الأبد (كقصر برزان مثلا)، فالصور تدعم اليوميات وتوثقها، ولأن الرحّالة امرأة، فقد أتيحت لها فرصة الاطلاع على أحوال المجتمع النسائي القبلي– قبيلة الحويطات- حين دونت بعض الأحاديث مع نساء القبيلة ومعاناتهن في ظل حياة الترحال والجوع والعطش والأعباء المنزلية من طبخ ونصب بيوت الشعر وما إلى ذلك، وكذلك مجتمع النساء الأرستقراطي– نساء آل رشيد- حين دونت حياة الترف في القصور، ونوعية الملابس والجواهر والخدم والحدائق والفواكه، ووثقت بعضها بالكاميرا أيضا.

وتعد «يوميات بيل» مصدراً مهماً من مصادر تاريخ الجزيرة العربية، علاوة على ما تضمنته من ذكر للأحداث التاريخية في المنطقة- وإن كانت مختصرة جداً- وفقاً للحوليات التي رواها وكيل أمير حائل إبراهيم السبهان المسماة «دفتر إبراهيم».

مَن هي الرحالة غيرترود بيل؟

المس (الآنسة) غيرترود لوثيان بيل هي الكاتبة، والشاعرة، وعالمة الآثار، والرحالة، والمُحلّلة السياسية، والجاسوسة، والدبلوماسية البريطانية الاستثنائية التي لعبت دورا سياسيا في البلاد العربية، وأطلقت عليها ألقاب كثيرة منها: ملكة العراق غير المتوجة، وملكة الصحراء، وابنة الصحراء، والخاتون.

ولدت بيل في واشنطن هول، مقاطعة درم في إنكلترا في 14 يوليو 1868 من عائلة ثرية مرموقة، فهي حفيدة الصناعي إسحق بيل، تتسم شخصيتها منذ طفولتها بالجسارة والجرأة لدرجة التهور، وفي عُمر 16 عاما التحقت بجامعة أوكسفورد قسم التاريخ، وتخرجت خلال سنتين، وكانت أول فتاة تحصل على مرتبة الشرف الأولى في التاريخ.

في مايو 1892، وبعد تخرّجها مباشرة، سافرت إلى إيران، إذ وصفتْ تلك الرحلة في كتابِها «صور فارسية»، وأمضت مُعظم العقد التالي في التجوال حول العالم، وتسلّق جبال الألب في سويسرا، وكانت شغوفة بطلب العلم، ما دفعها الى التخصص في علم الآثار والشغف بتعلّم اللغات الأجنبية مثل اللغة العربية، بالإضافة إلى اللغات الأخرى كالفارسية والتركية والفرنسية والألمانية والإيطالية.

سافرت بيل إلى البلاد العربية، ودرست شؤونها على نحو واسع، واهتمت بدراسة الآثار المحلية، وتنقلت في إقامتها ما بين الدروز وقبيلة بني صخر، وقابلت العديد من الزعماء والأمراء العرب وشيوخ القبائل، ونَشرتْ ملاحظاتَها في كتابها «البادية والحاضرة»، وفيه كتبت معلومات رصينة إلى العالم الغربي عن الصحارى العربية.

 وفي يناير عام 1909 تَوجّهتْ إلى العراق واكتشفت آثار الأخيضر، وخدمت بيل في الصليب الأحمر خلال الأشهر الأولى من الحرب العالمية الأولى، وكانت وظيفتها منوطة بالبحث عن الجنود المفقودين والجرحى.

وفي ديسمبر 1913، قامت برحلة من دمشق عبر الصحراء إلى حائل، وعادت إليها في مايو 1914، وقد انتخبت عضوا في الجمعية الجغرافية الملكية في يونيو 1913 بعد وقت قصير من فتح العضوية للمرأة، وحازت ميدالية ذهبية من الجمعية الجغرافية، بعد قيامها برحلتها من دمشق إلى حائل، لأنها كانت الأوروبية الوحيدة بين مجموعة من المرافقين العرب.

استدعيت بيل عام 1917 إلى بغداد، بعد استيلاء اﻟﻘوات البريطانية ﻋﻠيها لتشغل وظيفة ﺳﻛرتيرة اﻟحاكم البريطاني في العراق ﻟشؤون اﻟشرق، وﻗﺎمت بدور ﺣﻠﻘﺔ اﻟوﺻل ﺑﯾن اﻟﻘﯾﺎدات اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻣﻛﺗب اﻻﺳﺗﺧﺑﺎرات اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ الذي كان مقره ﻓﻲ اﻟﻘﺎهرة.

 وأصبحت منذ عام 1921 المستشار الخاص للملك ﻓﯾﺻل ملك اﻟﻌراق لشؤون اﻟﻘﺑﺎﺋل، وأﺻﺑﺣت ﺑﯾل اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣؤﺛرة واﻟﻣﺗﻧﻔذة ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻌراﻗﯾﺔ، فأطلق عليها ﻟﻘب «اﻟﻣﻠﻛﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺗوﺟﺔ»، وإﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻋﻣلها اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اهتمت ﺑﯾل ﺑﺎﻵثار اﻟﻌراﻗﯾﺔ واﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋنها، وأﻧﺷأت ﻣﺗﺣفا ﻟﻶﺛﺎر ﻓﻲ ﺑﻐداد وأﺻﺑﺣت ﻣدﯾرة له.

وواجهت ﻏﯾرﺗرود ﺑﯾل ﻓﻲ أواﺧر ﺣﯾﺎﺗها ﺑﻌض اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺻﺣﯾﺔ والأسرية، واﺳﺗوﻟت ﻋﻠيها اﻟﻛﺂﺑﺔ، ﻣﺎ دفعها إﻟﻰ اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﺣﺎر ﺑﺗﻧﺎوﻟها ﺟرﻋﺔ زاﺋدة ﻣن دواء ﻣﻧوم في 12 يوليو 1926، ودﻓﻧت ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺑرة اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺎب اﻟﺷرﻗﻲ ﻓﻲ ﺑﻐداد.

وﻗﺎﻣت زوﺟﺔ أﺑيها- ﺑﻌد ﺳﻧﺔ ﻣن وﻓﺎتها- ﺑﻧﺷر رﺳﺎﺋلها ﻓﻲ ﻣﺟﻠدﯾن ﺿﺧﻣﯾن، وﻻﻗت رﺳﺎﺋلها رواﺟﺎ وإﻗﺑﺎﻻ ﻣﻧﻘطعي اﻟﻧظﯾر ﻣن اﻟﻘراء ﻓﻲ اﻟﺛﻼﺛﯾﻧﯾﺎت.

(المترجم)

back to top