«شالسالفة»؟!

نشر في 25-10-2014
آخر تحديث 25-10-2014 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب طالعتنا الصحف المحلية، بقرارات عديدة صدرت عن هيئة الاستثمار، محتواها أن الهيئة (وهي التي تمثل الدولة) ستقوم بطرح نصيبها من الأسهم في كثير من المؤسسات، التي تمتلك فيها ما نسبته ٥١ في المئة، مثل "بيتك" وشركة الاتصالات وغيرهما من الشركات، ستُطرَح للاكتتاب العام، فما الحكاية والرواية بشأن هذا التنازل عن حصة الدولة بتلك السهولة؟!

سيقول البعض إن هناك شركات خسائرها كبيرة، ويجب أن نحمي أموال الدولة من الضياع، ولذا يجب التخلص من تلك الأسهم بأقل الخسائر.

كان على الحكومة محاسبة مَن تسبب في الوصول إلى مرحلة تضييع أموال الدولة، وكان عليها محاسبة أعضاء مجالس إدارات تلك الشركات الخاسرة على قصورهم في إدارة تلك الشركات، وعدم معرفة ما ينفعها وما يضرها.

قد يرى البعض أن في عرض أسهم الدولة للاكتتاب العام مصلحة شخصية لكل مواطن، لكننا، في المقابل، إذا حسبنا نصيب كل مواطن من أسهم الدولة فلن يتجاوز ٣٠٠ سهم في الشركة أو المؤسسة الواحدة، وقيمة السهم تتراوح بين ٣٧٠ فلساً إلى ٤٠٠ على أبعد تقدير، لأنها أسهم شركات تقبع في بحر الخسارة، وهذا السهم يحتاج إلى من يرفع شأنه، فعندما تبعد الحكومة يدها عن إدارة تلك الشركات وإرجاع الأمر إلى الناس، فبدون أدنى شك لن يكون لذلك السهم وأصول تلك الشركة أي وجود يذكر، والسبب في ذلك حرص بعض التجار على السيطرة الكاملة على جميع السلع الخدماتية، وكل ما هو مهم وضروري في حياة أفراد المجتمع، وسيتم إضعاف السهم حتى يصل إلى القيمة التي تمكّن بعض التجار الجشعين من السيطرة على جميع الأسهم، وبالتالي استملاك كل ما هو ملك للشركة من أسهم وأصول واستحواذها ضمن ممتلكاتهم، فهل هذه هي الفائدة التي سينالها المواطن أم أنها وليمة دسمة للتاجر؟!

وبعد هذا السرد والاسهاب، هل لنا أن نطرح تساؤلاً بريئاً (على الأقل من وجهة نظرنا)، معتقدين أن هذا التساؤل، بلا شك، يدور في فكرك وعقلك عزيزي القارئ، سنطرح السؤال ونحن نعلم أن الجواب لا وجود له، ولهذا نقول "شالسالفة؟"، لماذا بدأ البلد يبيع أعضاء جسده شيئاً فشيئاً؟! هل هذا هو منظور وأسلوب وعلم التنمية الحديثة والتي لا يعلم أصولها أحد؟ هل بات البلد كالشيخ الهرم الذي لا يعلم ما يفعل بسبب ذهاب عقله؟ فأصبح يوزع إرثه على القاصي والداني؟ هل وصلت الدولة إلى العجز في إدارة استثماراتها الداخلية، وما الخطوة القادمة في تمزيق موارد الدولة وتسليم رقبة المواطن إلى سكينة جشع وحب التملك لدى بعض التجار.

سيناريوهات تتكرر بين فترة وأخرى، ولكن بعناوين مختلفة وأبطال جدد، ويبقى المستفيد في كل مرة ذلك المنتج (التاجر) الذي لا يتوانى عن عرض تلك المشاهد.

في السابق، كانت العمليات تتم من تحت الطاولة، وفي ظلمة الليل وبعيداً عن الأعين، أما الآن فأصبحت في وضح النهار وعلى عينك يا تاجر ووفق القانون.

اليوم تباع أسهم الدولة في الشركات والمؤسسات، وغداً تباع الوزارات، وبعدها سيكون المجتمع عبارة عن طبقتين، طبقة تَمتلك (التجار) وطبقة تُمتَلك (المواطنين)، معلنين بذلك عودة زمن العبودية. وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top